حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من أن استمرار غياب العملية السياسية الجامعة والحكومة الممثلة لجميع مكونات الشعب العراقي سيغذي البيئة الحاضنة للتطرف والإرهاب وسيعقد أيضا فرص حل الأزمة السورية، لافتا إلى أن استمرار الأزمة السورية بدون حل كان السبب في نقل انعكاساتها للعراق ممثلة بنمو الحركات المتطرفة وبروزها في غربه. وقال الملك عبدالله الثاني في مقابلة مع صحيفة "الغد" الأردنية نشرتها اليوم الأحد: "إن تغييب أي مكون من مكونات الشعب العراقي يعني تغييب الاستقرار كما يعني نمو التطرف وتهديد وحدة العراق أرضا وشعبا ويعد خطرا على الأمة"، مضيفا "نحن نؤمن تماما بوعي وتماسك الشعب العراقي وقدرته على تجاوز التحديات، ونحن أشد الحريصين على وحدة العراق وتماسك جميع مكونات المجتمع هناك". وأكد على أن العراق كان وسيبقى السند للأردن، كما أن المملكة ستبقى السند له عبر التاريخ، وهو في أمس الحاجة اليوم لعملية سياسية وطنية جامعة تشارك فيها كل الأطياف والمكونات دون استثناء لأي طرف وتؤدي إلى حلول توافقية كما حدث في رئاسة الدولة، والبرلمان..معربا عن تمنياته بأن يحدث ذلك في رئاسة الوزراء. وقال: "إنه يتعين على جميع الأطياف في العراق أن يكونوا على ثقة بأن المواقف التي تصدر عن الأردن ستكون في مصلحة كل العراقيين، فنحن للجميع ومصلحتنا هي في مصلحة الشعب العراقي واستمراره قويا وموحدا"، مؤكدا على أن الأردن يدعم جهود العراق في تمتين جبهته الداخلية ويقف بقوة ضد التطرف والحركات والتنظيمات الإرهابية وسيستمر في جهوده هذه على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب العراقي الشقيق". وأشار الملك إلى أن هناك مسئولية تاريخية على عاتق الحكومة العراقية القادمة أيا كان رئيسها بضرورة انتهاج سياسات عادلة تشرك الجميع في السلطة وفي بناء الدولة، وترسخ شعور جميع العراقيين بأنهم شركاء حقيقيون في صناعة مستقبل العراق. ودعا الملك عبد الله الثاني عقلاء الأمة والإقليم إلى ضرورة أن يتوحدوا في موقفهم وألا يسمحوا للمتطرفين بمصادرة مصير المنطقة ومستقبل أجيالها والاستمرار في تعطيل طاقاتها، مجددا التحذير من خطورة استغلال الدين لأغراض سياسية. وطالب العاهل الأردني بضرورة نبذ خطاب العنف الطائفي والفرقة المذهبية والنهوض بالمجتمعات العربية والإسلامية بالمشاركة لا المغالبة وتبني قيم الديمقراطية والشورى التي تمثل جوهر الإجماع السياسي في الإسلام. وشدد على ضرورة حماية جميع الطوائف الدينية ذات الوجود التاريخي والأصيل في المنطقة وخاصة الهوية المسيحية العربية التاريخية وصون حريات العبادة حتى لا تترسخ النظرة السلبية والانعزال بين أتباع الديانات والمذاهب، محذرا من الاضطهاد الديني الأعمى ضد المجتمعات المسيحية العربية الأصيلة في الموصل، قائلا إن "الإسلام من ذلك براء جملة وتفصيلا". وأفاد بأن هناك مسئولية تاريخية على جميع دول المنطقة بمؤسساتها الدينية الرسمية والأهلية والثقافية والتعليمية والإعلامية بالإضافة إلى الحركات الإسلامية المعتدلة الراشدة لبلورة موقف واضح ضد الحركات المتطرفة والتكفيرية ضمن مسئوليتها الدينية والتاريخية في محاصرة التطرف وتحصين الشباب بوعي ديني مستنير ومعتدل.