اعتبر الكاتب الأمريكي روجر كوهين أن الصراع العربي - الإسرائيلي بات بمثابة "إهانة لضمير الإنسانية". وأكد كوهين - في مقال نشرته (نيويورك تايمز) - موت معاهدات أوسلو، واصفا عملية السلام القائمة على أساسها ب"المهزلة".. قائلا "لقد حان الوقت لإعادة النظر في كل شيء". ولفت إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين في غزة - أكثر من 300 طفل - بفعل القصف الإسرائيلي على مدار الشهر المنصرم، الذي لم تسلم منه حتى المدارس التابعة للأمم المتحدة في حادث وصفته واشنطن بالمخزي.. وقال إن "العديد من الضحايا المدنيين في غزة لا يمكن اعتبارهم مجرد دروع بشرية لحركة حماس.. إنما هم كائنات بشرية"، ورجح أن تواجه إسرائيل حسابات عسيرة ما أن تكف المدافع عن الصراخ. ولم يبرئ كوهين ساحة حماس، واتهم الحركة ب"تعريض أهالي القطاع للخطر بقصفها إسرائيل بالصواريخ التي تعتبر دعوة لرد حتمي".. قائلا إن "حماس مجرمة بتضحيتها بالقضية الفلسطينية من أجل لا شيء واقعي، وبرفضها الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود السالم والآمن، وبتصميمها على قتل اليهود، وباستعدادها لرؤية دماء شعبها مراقا من أجل لا شيء". وزعم كوهين أن وجود إسرائيل هي قضية غير قابلة للنقض، مشيرا إلى قيام هذا الوجود بناء على قرار أممي، وتأكده بعد ذلك بقوة السلاح وإحراز النصر في معارك حربية..فيما أدان إنكار إسرائيل حق الفلسطينيين في قيام دولتهم، واحتلالها الضفة الغربية زهاء 47 عاما، وتحكمها المتسلط في حياة الفلسطينيين، وتوسعها في النشاط الاستيطاني - وما تمخض عنه كل ذلك من "وضع راهن" غير مقبول. وأكد أن الاحتلال لابد سينتهي يوما ما، محذرا من أنه من دون قيام دولتين، ستظل إسرائيل تهرب من جرح ذاتي إلى آخر، وسينموا غضبها من جيرانها ومن عالم مضطرب تشعر فيه بالعزلة. ورأى الكاتب أن الظافرين في هذه الحرب المُصغرة هم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحركة حماس؛ وأشار إلى شعبية نتياهو الجارفة بين الإسرائيليين الذين يعتقد الكثيرون منهم أنه لم يصل بعد في هذه الحرب إلى إشباع رغباتهم إزاء الغزيين.. أما حماس، فقد جرحت إسرائيل، وأظهرت جلدا وتحملا للقتال الذي امتد شهرا؛ لقد جسدت حماس المقاومة الفلسطينية.. لكن هذه الانتصارات غير مكتملة؛ لابد أن نتنياهو يعرف يقينا أن ثمة تغيرا يجب أن يحدث، لقد تأخر كثيرا في طرح قضية الدولتين، ثم لم يكن منه إلا أن خلق ظروفا يستحيل معها قيام الدولتين، وقوّض الأصوات الفلسطينية المعتدلة وأهدر وقت الوسطاء الأمريكيين. وبالنسبة لحماس، رأى كوهين أن "انتصارها هو الآخر وهمي، يشبه الانتشاء السابق للسقوط، فالحركة لا تستطيع أن تقدم شيئا للغزيين".. ورأى أن نقطة البداية على الصعيد الفلسطيني يجب أن تكون إنهاء الانقسامات الداخلية قبل البدء في إعادة أعمار غزة. ورأى أن المصالحة الحقيقية لا يمكن أن تقوم إلا على أساس التزام جاد بنبذ العنف وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.. وأكد أن الإدارة الحكومية الفلسطينية الناجحة والوحدة بالإضافة إلى نبذ العنف يمثل الطريق الوحيد صوب دولة فلسطينية حرة لا يمكن الطعن على قيامها. واختتم بالقول إن "نتنياهو حارب طوال حياته قيام دولة فلسطينية، لكن هذه هي الفرصة الوحيدة للخروج من متاهته".