أعلن مهدي القيسي الوكيل الفني لوزارة الزراعة العراقية، أن التأخر في إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2014، سيعرض الأمن الغذائي للبلاد إلى الخطر. وقال القيسي في تصريحات لوكالة "الاناضول": "إن وزارة الزراعة ملتزمة بتوقيتات مواسم زراعية غير قابلة للتأجيل، وإن عدم اقرار الموازنة العامة حتى الآن سيؤثر سلبا على المساحات المزروعة من المحاصيل في هذه المواسم، والإنتاجية، كون الوزارة ليس لديها أية أموال لكي تتمكن من شراء البذور والمبيدات الزراعية، وتوزيع الأسمدة، كما ستعجز عن شراء اللقاحات الخاصة بالثروة الحيوانية، وكذلك سيكون الحال مع الآلات الزراعية التى تحتاجها الأراضى". ويبدأ الموسم الزراعي في العراق في نهاية أبريل / نيسان، وبداية مايو / آيار من كل عام. وتبلغ الموازنة الاتحادية للدولة العراقية للعام الحالي، حوالي 176.5 مليار دينار، وهي الأضخم في تاريخ العراق وقد أولت الاهتمام الاكبر لملف الطاقة والامن والخدمات، لكن الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم شمال العراق حال دون إقرارها. وقال القيسي: "الوزارة تسعى لضمان الحد الأدنى من الأمن الغذائي خلال هذا الموسم الزراعى، ولكن اذا ما استمرت الأمور على هذا المنوال، فإن ذلك يعنى انخفاض حجم الإنتاج الزراعى، مما يعرض الأمن الغذائي للبلاد إلى الخطر". وأضاف القيسي أن الموسم الصيفي بدأ بالفعل منذ اكثر من شهرين، لمحصول الحنطة (القمح)، والشلب (الأرز)، والذرة، والقطن، وزهرة عباد الشمس، والخضار الموسمي. وقال القيسى: " توقعات الباحثين تقول إن محصول هذا الموسم سينخفض، مقارنة بالموسم الماضي، مع عدم تمكن وزارة الزراعة العراقية، من توزيع الأسمدة حتى الآن بكميات كبيرة، فالكميات التي تم توزيعها متواضعة بسبب غياب المخصصات المالية اللازمة لذلك، الأمر الذي يجعلنا نعتقد ان حصاد الموسم الزراعي هذا العام، سيكون أقل من المأمول مما سيدفع بالعراق الى استيراد تلك المحاصيل، بعد أن كان يسعى للوصول إلى الاكتفاء الذاتي منها". ويذكر أن وزارة الزراعة العراقية كانت قد أعلنت في مارس / آذار الماضي، أن العراق يقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات، وانها نجحت في استصلاح مليون و500 ألف دونم من الأراضي الزراعية العام الماضي، وإعطاء قروض زراعية ل 100 الف عائلة ، مشيرة إلى أن إنتاج الحبوب الرئيسية ارتفع إلى 4 ملايين طن، وانخفاض كميات الخضرة المستوردة من خارج العراق. أما عن الاستعدادات للموسم الشتوي القادم الذى يبدأ في أكتوبر / تشرين الأول، فقد اكد الوكيل الفني للوزارة مهدي القيسي أن الاستعدادات لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، كالحنطة (القمح) التي من المقرر أن يبدأ موسم زراعتها مرة أخرى في شهر أكتوبر / تشرين الأول، والشعير الذى يبدأ في شهر نوفمبر / تشرين الثاني، ستكون دون المستوى المطلوب اذا لم تتمكن الوزارة حتى الآن من تجهيز البذور لهذا الموسم الذي يعتمد على الامطار. وأضاف القيسى أن خزانة الوزارة تكاد تكون خالية، ولهذا فهي لم تتمكن حتى الآن من تسديد مستحقات الفلاحين للموسم الصيفي، ما دفع المزارعين للاعتماد على مدخراتهم الشخصية او الاقتراض من اجل زراعة المحاصيل. وقال القيسى: "سيؤثر هذا على مجمل العملية الزراعية، فضلا عن تأثيره على الوضع الاجتماعي للفلاح، وإجمالا سيؤثر كل هذا سلبا على الانتاج، لأن ضغط التكاليف اضطر عدد غير قليل من الفلاحين إلى تقليل الأسمدة والمبيدات الزراعية، مما سيؤثر على كميات المحاصيل المنتجة". وأشار القيسي إلى ان التأثير السلبى لغياب الموازنة، لم يقف عن حد المزروعات فقط، بل تعداها الى التأثير على معدل استخدام الميكنة الزراعية، واعتماد الاساليب الحديثة بالري، حيث لم تتمكن الوزارة حتى الآن من القيام بأي مشروع في هذا الصدد لعدم توفر التخصيصات المالية. وأبدى اتحاد الجمعيات الفلاحية (غير حكومي)، استياؤه من عدم تمكن مجلس النواب العراقي، من إقرار مسودة مشروع قانون الموازنة العامة للبلاد حتى الآن. وقال عضو الاتحاد الدكتور محمد عسكر إن الفلاحين باتوا بلا عمل، كون زراعة معظم المحاصيل متوقف، نتيجة عدم صرف مستحقاتهم المالية، عن تسليمهم المحاصيل الاستراتيجية للدولة, والتي تشمل الحنطة والذرة الصفراء والشلب (الأرز)، فضلا عن انه لم يتبقى على حلول موعد الموسم الزراعي الشتوي المقبل، سوى شهرين، وهي مدة غير كافية من اجل الاستعداد له. وقال اقتصاديون عراقيون في أحاديث ل "الأناضول": "إن الانعكاسات السلبية، لعدم اقرار مشروع قانون الموازنة العامة حتى الآن على الأمن الغذائي، غير محمودة العواقب، ولن تقتصر على الموسم الزراعي المقبل، بل ستستمر الى مواسم زراعية اخرى". وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني: "إن معظم الفلاحين في المحافظات الشمالية والوسطى، لم يتمكنوا حتى الآن من تسويق الحبوب، كما لم يتسلموا اللقاحات الموسمية للثروة الحيوانية، فضلا عن عدم تسلمهم أي بذور من وزارة الزراعة لاستخدامها في الموسم المقبل." ويذكر أن العراق كان قد اطلق قبل نحو اربع سنوات استراتيجية، لدعم القطاع الزراعي في عموم البلاد، تحت اسم المبادرة الزراعية، وخصص لها العراق آنذاك، مليار دولار أمريكي، على أن توزع على مدار أربع سنوات. وتقدر المساحة الكلية للعراق ب 437 مليون كيلومتر مربع ،منها 4910 كيلومتر مربع تغمره المياه، ويضم العراق نهرين هما دجلة الذي ينبع من الاراضي التركية ليدخل الاراضي العراقية ويصب في شط العرب ومن ثم الخليج العربي، والفرات الذي ينبع من الاراضي التركية ويدخل الاراضي السورية ومن ثم العراق ليصب في شط العرب. ويعم الاضطراب مناطق شمال وغربي العراق بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، ومسلحون متحالفون معهم على أجزاء واسعة من محافظة نينوى (مركزها الموصل 400 كلم شمال بغداد) بالكامل في العاشر من يونيو/حزيران الماضي ، بعد انسحاب قوات الجيش العراقي منها بدون مقاومة تاركين كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد. وتكرر الأمر في مدن بمحافظة صلاح الدين ومدينة كركوك في محافظة كركوك (شمال) وقبلها بأشهر مدن الأنبار.