ما تتبناه فصائل المقاومة الفلسطينية، من شروط لقبول اتفاق التهدئة، مع إسرائيل ووقف إطلاق النار، في قطاع غزة مجرد "مطالب إنسانية"، لا تخص حركة "حماس" وحدّها أو "المقاومة"، بل كافة الفلسطينيين الباحثين عن حياة كريمة، حسبما يري مراقبون فلسطينيون. ويقول "هاني حبيب"، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الفلسطينية الصادرة من مدينة رام الله، بالضفة الغربية إنّ ما تطالب به المقاومة من شروط يتمثل في مطلب واحد هو "رفع الحصار". وأضاف في حديث لوكالة الأناضول:" هذا المطلب إنساني، وليس تعجيزيا، وما تنادي به المقاومة كحق للفلسطينيين على اختلاف أطيافهم، وما رفضت إسرائيل القيام به سابقا، وتحقيقه على الصعيد السياسي، تتبناه المقاومة اليوم". وتحاصر إسرائيل غزة، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون نسمة، منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في يناير/ كانون الثاني 2006، ثم شددت الحصار إثر سيطرة الحركة على القطاع منتصف العام التالي، وما زال الحصار متواصلا رغم تخلي "حماس" عن حكم القطاع، مع الإعلان عن حكومة الوفاق الفلسطينية في الثاني من يونيو الماضي. وتمنع إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الوحيد للقطاع العديد من المواد، وفي مقدمتها مواد البناء التي تسبب منع إدخالها بخسائر اقتصادية فادحة. ووفقاً لمركز الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع معدل البطالة، في قطاع غزة إلى 40% في الربع الأول من عام 2014. ويرى حبيب أنّ على كل الدول أن تدعم شروط المقاومة، مؤكدا أن هذه الشروط كانت ستعمل على تحقيقها حكومة التوافق الوطني. واستدرك بالقول:" المصالحة أنهت الانقسام بين حركتي فتح وحماس، والذي كان المجتمع الدولي يتخذه كذريعة لعدم التعامل مع قطاع غزة اقتصاديا، وسياسيا، ولم يتغير شيء بعد تشكيل الحكومة، الآن ما هو مطلوب وباختصار أن يتم رفع الحصار". وفي ال14 من الشهر الجاري، طرحت مصر، مبادرة لوقف إطلاق النار في غزة تنص على وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وفصائل فلسطينية، وفتح المعابر، وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية في ضوء استقرار الأوضاع الأمنية على الأرض. وفي الوقت الذي رحبت فيه أطراف إقليمية ودولية عدة، بالمبادرة المصرية، أعلنت حركة حماس أنها لن تقبل بأية مبادرة لوقف إطلاق النار، "لا تستجيب سلفا للشروط الفلسطينية". ووفق فصائل المقاومة الفلسطينية فإنها تشترط لقبول التهدئة بفك الحصار البري والبحري عن قطاع غزة بشكل كامل، وإدخال جميع السلع والكهرباء والوقود ومواد البناء، وفك الحصار الاقتصادي والمالي، وضمان حرية الصيد والملاحة حتى 12 ميل بحري. ويقول رامي عبده، رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (منظمة حقوق إنسان أوروبية شرق أوسطية، مركزها جنيف بسويسرا) إنّ ما تطرحه المقاومة، هو ما تنادي به كافة المواثيق والأعراف الدولية. وأضاف في حديث لوكالة الأناضول أنّ ما تتبناه المقاومة يشكل الحد الأدنى، من أبسط الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان". وتابع:" على الدول أن تدعم هذه المطالب، فهي إنسانية، وليست سياسية ولا تخص حركة بعينها أو فصيل، المطالب من أجل جميع الفلسطينيين، لنيل حياة كريمة". ووقَّعت 100 شخصية فلسطينية من قطاع غزة (عامة وأكاديمية)، مساء أمس الثلاثاء، على عريضة تدعم وقف إطلاق النار مع إسرائيل فقط في حال كان مشروطاً برفع الحصار واستعادة الحريات الأساسية التي حُرِم منها سكان القطاع، لأكثر من 7 سنواتٍ متواصلة. وجاء في العريضة التي تلقت وكالة "الأناضول" في غزة نسخة منها: "شروط المقاومة ما هي إلا تطلعات أساسية يطمح لها كل إنسان، ولكن ما جرى هو حرمان الشعب الفلسطيني من التمتع بها لأكثر من 45 سنة، ولا سيما في قطاع غزة الذي عانى الأمَرّين من هذا الحرمان منذ العام 2007"، مشيرةً إلى أن "معظم الدول تعتبر كافة هذه المسائل والحريات أمراً مسلما به، وقد حان الوقت أن يستعيد الغزيون حقوق الإنسان التي يستحقونها"، بحسب العريضة. ويسعى القائمون على العريضة على تدويلها وإيصالها إلى الأمين العالم للأمم المتحدة بان كي مون، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، ونشرها في وسائل إعلام أجنبية، لدحض الرواية الإسرائيلية". ويصف مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، عدم القبول بشروط المقاومة، ب"الصفعة" على وجه المجتمع الدولي. وقال أبو سعدة في حديث لوكالة الأناضول، إنّ المقاومة تتحدث باسم المحاصرين في قطاع غزة، وعلى جميع الأطراف أن تتبنى هذه المطالب الإنسانية، فكل ما يريده أهالي القطاع الذين عاشوا طيلة السبع سنوات الماضية، في ظل الحصار القاسي والذي دمر كافة مقومات الحياة أن ينعموا بحياة كريمة، كباقي شعوب الأرض". وأكد أبو سعدة أن هذه الشروط ليست تعجيزية، ولا تستحق كل هذا التدمير والعدوان الذي تشنه إسرائيل، على قطاع غزة لليوم السابع عشر على التوالي. وأيدت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية رسميا في بيان صدر في وقت مبكر الأربعاء بعد اجتماع رأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس المطالب الأساسية لحركة حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وتشن إسرائيل منذ السابع من الشهر الجاري عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" قبل أن تتوسع فيها وتبدأ توغلا بريا محدودا الخميس الماضي. ومنذ بداية العملية وحتى الساعة 10 تغ من اليوم الأربعاء، قتلت إسرائيل 655 فلسطينييا، وأصابت 4200 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي المقابل، أسفرت العملية، وفق الرواية الإسرائيلية، عن مقتل 31 جندياً إسرائيلياً ومدنيان، وإصابة نحو 435 معظمهم ب"الهلع"، فضلا عن إصابة 90 جندياً، فيما تقول كتائب القسام الجناح العسكرية لحركة حماس إنها قتلت 52 جنديا من الجيش الإسرائيلي، وقامت بأسر آخر.