هي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك من خزاعة، كان والدها زعيم بني المصطلق، كانت تدعى في الجاهلية برة وتزوجت من مسافع بن صفوان في حداثة سنها، حاول بني المصطلق قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه انتصر عليهم في عقر دارهم وكان زوج برة من القتلى وكانت هي من السبايا. وقعت برة بنت الحارث في سهم ثابت بن قيس وابن عم له وأرادت أن تسترد حريتها مقابل مبلغ من المال تدفعه له، وذهبت إلى بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم تطلب منه المال وسألته أن "يكاتبها تسع أوراق" لتنال حريتها، وهنا طلب منها خاتم المرسلين الزواج وهو ما أبهجها وفرح قلبها فرحا شديدا ووافقت. تزوجها رسول الله وأسماها جويرية وكان يريد بهذا الزواج أن يصبح الخزاعيون أصهاره لعل ذلك يشرح صدرهم للإسلام، وعلى إثر هذا الزواج أعتق مئات الأسرى لأنهم أصبحوا أصهار النبي، فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها "فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة من أهل بيت بني المصطلق فما أعلم امرأة أعظم بركة منها". كانت السيدة جويرية من أجمل النساء واتصفت بالحكمة والرصانة والرأي السديد، كما عرف عنها صفاء قلبها وتقواها وورعها، فأخذت تتعلم من النبي وتسير على أخلاقه وصفاته، فهي من رواة أحاديث النبي نقل عنها ابن عباس والترمذي والنسائي وآخرون كما أخرج لها في الصحيحين. ومن الأحاديث التي أخرجها الإمام البخاري عن قتادة عن أيوب عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال "أصمت أمس؟" قالت : لا، قال "تريدين أن تصومي غدا؟"، قالت: لا ، قال: فأفطري، وهذا لكراهة تخصيص يوم الجمعة بالصوم. عاشت جويرية إلى عهد معاوية بن أبي سفيان، وانتقلت إلى الرفيق الأعلى عام 56 من الهجرة بعدما بلغت من العمر حوالي سبعين عاما، وقيل أن وفاتها كانت عام 50 من الهجرة وصلى عليها مروان ابن الحكم في المدينةالمنورة حيث دفنت مع بقية أمهات المؤمنين بالبقيع.