دعوة إلى مؤتمر اقتصادي في مصر مكرم محمد أحمد قد يكون اعتراف كل أقطاب حكومة د. نظيف، في مصر فيما عدا وزير المالية د. يوسف بطرس غالي، بأن الأزمة العالمية سوف يكون لها بالضرورة أثارها غير المباشرة على نمو الاقتصاد الوطني بما يجعل تحقيق معدل نمو نسبته7 في المائة أمرا صعب المنال، نقطة البدء الصحيح في مواجهة أخطار عديدة محتملة، يدخل من بينها انخفاض حجم السياحة العالمية، وهبوط حجم الاستثمارات المباشرة، وتقليص حجم الصادرات المصرية إلى الخارج، وزيادة عجز الموازنة، وانخفاض إيرادات الضرائب نتيجة التباطؤ المحتمل في عجلة الاقتصاد الوطني بسبب أسباب عالمية يخرج معظمها عن إرادة الداخل الوطني. وبرغم أن د. يوسف بطرس غالي لم يشرح لنا أسبابه في توقع زيادة معدل النمو المصري على7 في المائة وسط هذه الأزمة الطاحنة فإننا جميعا نتمنى أن يصدق ظنه، لكن الحكمة تملي على الحكومة أن تخطط مواقفها في إطار الاحتمالات الأكثر سوءا كي تكون أكثر استعدادا لمواجهة هذه المخاطر، خصوصا وأن الشواهد كلها تؤكد أن الأزمة المالية العالمية أعمق كثيرا مما يتصور البعض، وأن العالم يدخل مرحلة ركود طويلة سوف تنتج أثارا سلبية عديدة على اقتصادات العالم أبرزها خفض الناتج المحلي، وزيادة معدلات البطالة، وإغلاق العديد من المصانع، وانخفاض أسعار الوقود على نحو متتابع، وهبوط معدلات التجارة الدولية. ولهذه الأسباب يؤكد جميع الاقتصاديين الثقات في العالم ضرورة الانتقال من معالجة الأزمة المالية إلى مواجهة مخاطر الركود الاقتصادي، لأن ضخ مئات المليارات من الدولارات في أسواق المال والمصارف لا ينبغي أن يكون سوى مجرد خطوة أولى على طريق مواجهة المشاكل الأكبر والأكثر خطورة التي سوف تنتج عن تباطؤ الاقتصاد وزيادة معدلات البطالة، التي يتوقع الأميركيون أن تتجاوز حدود 8 في المائة النسبة الأعلى على امتداد ال25 عاما الماضية. ويجمع هؤلاء الاقتصاديون الثقات على أن أكثر الطرق ضمانا لمواجهة هذه الآثار هي زيادة الإنفاق العام في مشروعات البنية الأساسية التي تحتاج في مصر إلى تحسين ضروري لنقص صيانتها، رغم البطء النسبي لعائد هذه المشروعات التي توفر فرص عمالة جديدة، وتوسيع عمل المشروعات العامة للتقليل من أخطار البطالة المحتملة نتيجة ضعف السياحة وقلة الصادرات وهبوط حجم الاستثمار المباشر. وقد يكون الحل الصحيح، أن يعاود الرئيس مبارك الدعوة إلى مؤتمر اقتصادي تشارك فيه كل القوى الوطنية على المستوى القومي عقب مؤتمر الحزب الوطني، لعلنا نصل إلى قدر من الإجماع الوطني حول مسار مستقبل غامض لا يزال محفوفا بالمخاطر يساعد مصر على مواجهة تحديات صعبة مقبلة. عن صحيفة الوطن القطرية 22/10/2008