النار والماء مصدران للحياة والدمار د. علي رأفت النار والماء مصدران للحياة والموت إذا ما انفردا في حريق مجلس الشوري أو في غرق العبارة, والاثنان يجب التعامل معهما بكل حرص, وحذر علمي وإنساني بعد أي هفوة بسرعة, ومن أول لحظة وإلا أصبحت المواجهة صعبة وقليلة الجدوي. لدينا جهاز للدفاع المدني في غاية الكفاءة, والخبرة وهو لا يضن بأي مجهود فني وإنساني في مراجعة الأمن والأمان, والسلامة داخل وخارج المباني الحساسة والعادية الحكومية والأهلية, هذه المراجعة تتم قبل إصدار التراخيص بالبناء والتشغيل ولتطبيق قواعد الكود المصري المفصلة والمحددة, لدي خبرة شخصية حديثة معه عند إصدار ترخيص بناء بنك الاستثمار القومي في القرية الذكية, والذي لم يصدر بعد لحرص الجهاز علي استيفاء أدق تفاصيل السلامة من الحرائق لمنعها أولا من مصادرها المتهمة دائما في الكهرباء والماكينات في المطابخ والمغاسل ومواسير ومخازن الوقود والأفلام واللوازم المسرحية, كما أن الجهاز يحرص علي ابعاد هذه المصادر عن المواد سهلة الاشتعال كالأخشاب والستائر والسجاجيد والمهملات مع الاحتياط في الأخيرة بدهانها بمواد مضادة للاشتعال. وعند الحدث يصر الدفاع المدني بموجب القانون علي وجود الإنذار الأوتوماتيكي الحساس لتغير الحرارة والضوء وبالذات في الأماكن غير المطروقة وبعد ساعات العمل, وفي الفراغات غير المرئية من الأسقف المعلقة, هذه الحساسات تبلغ رجال الاطفاء والأمن أوتوماتيكيا مع الإنذار اليدوي في الأماكن المطروقة بموضع نشوء الحريق بالضبط للتعامل معه فنيا وبأسرع وقت, كما يشترط في الأماكن العامة وجود الإطفاء الأوتوماتيكي بإحدي الوسائل المتاحة والمتوافرة, كما يشترط في الأماكن العامة وجود الإطفاء الأوتوماتيكي بإحدي الوسائل المتاحة والمتوفرة فنيا. هذا بخلاف مئات الاشتراطات عن وسائل الهروب في حالة حدوث الكوارث من إخلاء دائم للطرقات والسلالم الرئيسية, وسلالم الهروب المؤدية إلي الخارج مباشرة, والتي لم يحتجها مبني مجلس الشوري لخلوه من الشاغلين, هذا الأمر يثير التساؤل في مبني كبير ومهم وأثري كهذا المبني لخلوه من رجال الإطفاء منتشرين في كل الأدوار, حتي ولو للإنذار والإطفاء اليدوي الإنساني بوسائل إطفاء ولو بدائية كيماوية لمنع الأكسجين عن الحريق وهي في نشأتها. هذا كان من الأجدر الحرص علي وجوده إذا ما كانت وسائل الإنذار والإطفاء الأوتوماتيكي تحت الصيانة كما يقال عن مبني مجلس الشوري. عندما ينشب الحريق لخلل كهربائي لا يعني ذلك أنه خارج عن السيطرة أو من الأمور القدرية لأن الكهرباء من المكونات العلمية الدقيقة ولا تتصل بأي تصرف إنساني فوري قبل الحادث. الكهرباء عبارة عن أحمال تسري في كابلات وإن زادت عن المفروض تنقطع الكهرباء عن الكابلات بواسطة قاطعات التيار الأوتوماتيكية, والآن يحدث من خطأ فهو أولا نتيجة زيادة الاحمال بالنسبة للطاقة الاستيعابية للكابلات, وذلك بإضافة احمال كمراوح أو أجهزة تكييف هواء أو أجهزة منزلية علي كابلات رفيعة أو متهالكة, والآن لماذا لم تسقط القواطع الأوتوماتيكية؟ هنا مصدر اهمال آخر المسئول عنه مشرف الدور الذي يرفع من سمك سلك القواطع السقوط حتي لا تزعجه بالذهاب للوحة وارجاع القواطع الهابطة, وهنا لا تقوم القواطع بدورها ومع زيادة حرارة الكابلات, تشتعل, خاصة إذا كانت متآكلة ومن مواد غير سليمة وتندفع شرارات كهربائية في كل اتجاه لتشتعل أي أقمشة أو كمرات خشبية لم تدهن بواسطة موانع الاشتعال, هو أمر محتمل لكل جهاز تكييف عام أو خاص بجواره مفتاح غير سليم تغطيه ستائر من القماش غير المعالج. والآن لنا أن نطالب بتدعيم جهاز الدفاع المدني للإشراف الدوري علي وسائل الأمن والأمان والسلامة لا قبل الإنشاء فقط بل بعده, وبعد استلامه وأثناء تشغيله وعلي الإشراف أن يكون دائما بواسطة مندوبين مقيمين وبالذات في المباني المهمة كالمتاحف والمباني الأثرية التي لا تقدر بمال. مصر متحف كبير يعكس تاريخا بعيدا هو جزء من ثروتنا وإيرادنا القومي, وهي ثروة اقتصادية مثلما هي ثقافية وحضارية, وهو ما يميزها عن الثروات الحديثة المعاصرة, إنها ثروة مستمرة لا تنضب إذا ما حافظنا عليها علميا وإنسانيا. عن صحيفة الاهرام المصرية 25/8/2008