رحل عن عالمنا اليوم الشاعر حسن توفيق، والذي عرف ب"مجنون العرب" وكانت له قصائد ودراسات نقدية وكتابات صحفية هامة ، كما ترجمت أعماله للغات عدة. ولد حسن توفيق في 31 أغسطس 1943م في القاهرة. نال جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عن ديوان "انتظار الآتي" مصر سنة 1990 و نال جائزة أفضل قصيدة عن مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري سنة. تخرج من كلية الحقوق لجامعة القاهرة في عام 1965 وحصل شهادة البكالريوس، وفي عام 1978 حصل على شهادة الماجستير. وقد عمل فترة طويلة من حياته بدولة قطر ككاتب صحفي ومشرف على الصفحة الثقافية بجريدة "الراية" . صدر له أول ديوان 1969 بعنوان "الدم في الحدائق" وصدر له 15 ديوانا بينها "رحلة شاعر عاشق في الشرق والغرب" ، "وردة الإشراق" ، "حين يصبح الحلم سيفا" "مختارات من أعمال ابراهيم ناجي" ، "عبدالناصر الزعيم في قلوب الشعراء" ، "شعر بدر شاكر السياب" ، و"ليلة القبض على مجنون العرب" ، وكان آخرها "لا مكان للشهداء" بعد ثورة يناير، كما ترجمت أعماله للغات عدة بينها الفرنسية والإنجليزية والروسية والإسبانية . في قصيدته "اللوحة اكتملت" يقول : الريحُ تُولدُ - في غيابِ الأصدقاءِ - على زجاجِ نوافذ الشجن الريح تُولد فجأة.. فتمسُّ روحي شوكةٌ أو وردةٌ أو سنبلة أو جثةٌ مفصولةٌ عن رأسها بالمقصلة فوضى تؤرقني فأقرأ سورة المحن لغةُ الدموعِ تشفُّ عن رؤيا تطوقني تتوافدُ الأنغامُ كالأطيافِ في الأجواء أدعوها فتحملني تنأى عن الصحراءِ .. عن جبروتها الوحشي عن حارسٍ ليلي متأهب بالسوطِ يجلد عاشقاً قد أَبصرَا يا ويله.. في هذه الصحراء لا عينٌ تَرى لا نجمة تُهدي الضياء لمن يسير بلا اهتداء في هذه الصحراء أشباحٌ يحركها طغاة وبقلبها الحجريِّ تدفنُ بالأكاذيب الهواء وبسيفها الوثنيِّ تذبح فرحة الأنهارِ كي تلغي الحياةَ من الحياة. اللوحةُ اختلجتْ: مواويلُ العناء تشفُّ عن طول اغتراب والبوم تحرس ظلَّه أسوارُ سجنٍ شاهقة ووجوهُ من عشقوا ومن يتعذبون ومن تناسوا العشق من هول العذاب يترقبون الآن ميلاد الرعود الصاعقة اللوحةُ احتدمتْ: خيولُ النار تصهل في المدى والنار تضرُب موعَدا لا بد من ريح تدمدمُ.. تكنس الأرضَ الخراب لا بد من مطرٍ.. فقد طالَ التشوقُ والغياب لا بد من شجرٍ يؤسسُ حلمَه رغم المعاول والمطارق والمُدَى ومع الضبابِ على زجاج نوافذِ الشجنِ لم تكتب الريحُ القصيدةَ رغم ما في القلب من شوقٍ إلي جني الثمار لكنها - بغموضها ووضوحها - تتشكلُ لتزيحَ مملكة الغبار وتصيح: فلتكتبْ قصيدتَكَ التي تهفو لها وتهللُ تسطو الطواويسُ المزخرفةُ الثيابِ على قواميسِ السماء لكنها تخشى من الناي الذي يبدو أساه مرصعاً بالكبرياء اللوحةُ اكتملتْ.. وفاضت أغنياتُ الخصبِ بالألوان تمتزِجُ لتطير من أرضٍ إلى أخرى ومن زمنٍ إلي زمنِ فلترحل الفوضى التي كانت تؤرقني ولتشرق الرؤيا التي ظلت تطوقني الآنَ.. ينهضُ عاشقٌ والقلبُ مبتهجُ.