الدعم الضائع... وحقوق الفئات محدودة الدخل د. حسين رمزي كاظم وجه الرئيس محمد حسني مبارك الحكومة في خطابه أمام مجلسي الشعب والشوري إلي ضرورة اعادة النظر في سياسات دعم السلع والخدمات بهدف ترشيد هذه السياسات بما يضمن وصول الدعم إلي مستحقيه فقط دون غيرهم من الفئات القادرة, والعمل علي وضع ادوات وآليات جديدة للدعم تنحاز لمحدودي الدخل والفقراء, بعد أن تبين من الناحية العملية خلال السنوات الماضية أن نسبة كبيرة من هذا الدعم لاتصل إلي المستهلكين الحقيقيين من أصحاب الدخول المحدودة. ولاشك أن مثل هذه الدراسات تعد ضرورة ملحة من أجل رسم سياسات اقتصادية سليمة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية لفئات المواطنين. وحول هذا الموضوع أود أن اطرح النقاط الآتية فيما يخص الدعم الموجه إلي المواطنين بصفة عامة والدعم الموجه إلي السلع التموينية بصفة خاصة. (1) إن تحقيق الاستفادة الفعلية لمحدودي الدخل يتمثل في ضرورة قصر الدعم علي السلع التموينية الضرورية التي تمثل الجزء الأكبر من ميزانية انفاق الأسر محدودي الدخل التي يتم تحديدها بكل دقة وتوزيعها عليهم بواسطة البطاقات التموينية المطورة, مع ترك اسعار باقي السلع حرة تتحدد وفقا للأسعار الحقيقية لها. (2) نتيجة لإلغاء دعم بعض السلع فإنه يمكن توجيه جزء من الاعتمادات التي سيتم توفيرها إلي زيادة الأجور والمرتبات بمعدلات عادلة ومحسوبة, والجزء الآخر يوجه لطرح مزيد من السلع في الأسواق وزيادة المعروض منها, مما يؤدي بدوره إلي استقرار الأسعار. (3) علي الرغم من أن قضية إعادة النظر في سياسات دعم السلع والخدمات تفرض نفسها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين وضرورة مراعاة البعد الاجتماعي للفئات غير القادرة, إلا أنها في نفس الوقت ينبغي النظر اليها بأفق أشمل وأعمق يشتمل علي دراسة الظروف الاقتصادية للدولة وجميع الابعاد المرتبطة بها. (4) ضرورة وضع نظام صارم وفعال لتثبيت أسعار السلع والخدمات وإحكام الرقابة علي أسعارها في الأسواق. فبجانب السلع الاستهلاكية الاساسية التي تدعمها الدولة والتي تباع بسعر مناسب في متناول المستهلكين محدودي الدخل بواسطة البطاقات التموينية المقررة, فإن الأمر يتطلب دراسة مدي امكانية تدخل الحكومة لوضع نظام عادل لتسعير السلع التي تطرح بالأسواق لدي جميع التجار والموزعين والبقالين الجزارة والخضر والفاكهة, بما يضمن وجود هامش ربح معقول وعادل لسعر البيع لكل من المنتج والموزع والمستهلك, وتحديد حد أعلي لهذا السعر لايجوز تجاوزه, علي أن يتم تحديد هذه الأسعار بواسطة جهة مركزية ممثلة من الوزارات والغرف التجارية والأجهزة المعنية مثل وزارات التجارة والصناعة, الداخلية, الاستثمار.. الخ, بحيث تسهم جميعا في دراسة جميع الأبعاد المتعلقة بتحديد السعر العادل الذي يدفعه المستهلك. (5) زيادة منافذ توزيع السلع الاساسية وانتشارها بالمناطق السكنية ومواقع العمل المختلفة, وتعميم الاتجاه إلي البيع المباشر للمستهلكين في صورة أكشاك أو سيارات متنقلة, وبحيث يتم اختيار منافذ التوزيع بما يتفق والاسس العلمية التي يجب مراعاتها عند الأختيار مثل عدد السكان في المناطق وطبيعة الاحتياجات للأسواق وكمية الطلب علي تلك السلع والقدرات الشرائية للمستهلكين في تلك المناطق. إن قضية الدعم وضبط وتثبيت الأسعار تفرض نفسها من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية وحل مشاكل المواطنين التي كلف الرئيس محمد حسني مبارك الحكومة ومجلسي الشعب والشوري بإتخاذ الاجراءات العاجلة لمواجهتها والتغلب عليها, مما يتطلب بدوره ضرورة وجود جهود مشتركة وفعالة من أجهزة الدولة المختصة للوصول إلي الحلول العلمية التي تجعل الدعم ومواجهة ظاهرة الارتفاع المستمر في الأسعار حقيقة مؤكدة يدركها ويمارسها جميع المواطنين. عن صحيفة الاهرام المصرية 12/12/2007