ابني كوبري ليبقي الصعايدة أحياء حازم عبدالرحمن يكشف رد الفعل الكبير علي حادث غرق13 شخصا وفقد آخرين عند قرية بني حسن مركز ابو قرقاص بالمنيا, أن قيمة الحياة الإنسانية قد ارتفعت في وجدان المصريين فلم يعد مقبولا أن نقول إنه حادثقضاء وقدر وقدر الله وما شاء فعل. فالناس جميعا لاتعترض علي إرادة الله ولكنها تشترط قبل ذلك, أن يكون الانسان قد فعل كل مايمكنه وأقصي مايستطيع أولا قبل أن يتحدث عن إرادة الله لتبرير إهدار حياة الانسان. (1)قبل سنوات, كانت قضية انشاء الكوبري, في قريتنا علي بحر فاقوس بمحافظة الشرقية قضية حياة أو موت, فقد كان يتعين علي أهالينا ان ينتقلوا يوميا بمعدية متهالكة إلي الضفة الأخري من النهر لكي يقوموا بأنشطة ضرورية, مثل التجارة في الأسواق الأسبوعية, أو الذهاب إلي الأعمال, أو اختصار طريق طويل لأخذ القطار الذاهب إلي مركز أبو كبير أقرب المراكز بدلا من السير مسافة4 كيلو مترات لأخذ نفس القطار, فضلا عن زيارة الأقارب, وحضور الأفراح أو المآتم علي الضفة الأخري من بحر فاقوس, وكم من مرة كانت تغرق فيها المعدية الصغيرة التي كانت تتحرك بجنزير, ويديرها فلاح متواضع القدرات والثقافة, والمعدية ذاتها كانت في الأصل قارب صيد, وهكذا كانت تتحول المناسبات كالأعياد, والأفراح, والأسواق, أو حتي مجرد الذهاب إلي العمل خارج القرية, إلي مأتم, ولم يكن أحد في الدنيا كلها يسمع عن هؤلاء الضحايا المساكين الذين ذهبت حياتهم سدي لأسباب غير مقبولة. والحق أن هذا الهم المقيم والعبثي لم ينته إلا بعد أن حسم الأهالي أمرهم واختاروا لعضوية مجلس الشعب النائب رشاد سلامة عليه رحمة الله, والذي جعل أول وأهم أهدافه هو تشييد هذا الكوبري. من ساعتها, ودعنا نهائيا الأحزان المرتبطة بابتلاع النهر للمعدية وعليها حمولتها البشرية البائسة. (2)واذا كان الوضع في الوجه البحري, سهلا وميسورا لأن مجري النيل أصغر وهو في النهاية مجرد فرع, وليس الأصل. فإن الموقف في الصعيد يختلف تماما. فهناك يوجد المجري الأصلي للنهر, وهو عريض يندفع فيه التيار بقوة. فلا تستطيع محاولات الأهالي الفردية ان تتغلب عليه. ولذلك فنحن ننصح الناس في الصعيد بألا ينتخبوا لعضوية مجلس الشعب إلا السادة الذين يضعون نصب أعينهم هموم وشجون البسطاء والفقراء الذين لايريدون أكثر من أن تتوفر لهم جسور آمنة ليعبروا عليها إلي أعمالهم. فأهل الصعيد في الانتخابات المقبلة لن يطالبوا بقروض من البنوك ولا بشقق فاخرة او حتي مساكن للإيواء العاجل, ولن يطالبوا بسيارات أو بطرق سريعة أو بطيئة أو جامعات, أو بناء مصانع ليعملوا فيها الخ.. إنهم يجب أن يبقوا علي قيد الحياة أولا قبل أن يطالبوا بشيء من هذا كله.. ولذلك يشترطون علي كل عضو ينجح في المجلس الموقر أن يشيد جسرا أو كوبري, فإذا فعل, أعادوا انتخابه, وإلا فليذهب غير مأسوف عليه.. ولينتخبوا في المرة التالية من يلبي احتياجاتهم البسيطة, وعلينا أن نفهم إن عبور النيل في الصعيد لايمكن ان يكون أعقد من عبور قناةالسويس في حرب.1973 ولقد نشر قسم المحافظات في الأهرام يوم السبت20 أكتوبر بإشراف الزميل عبد الفتاح ابراهيم تحقيقا مرعبا عن الوضع التعيس في الصعيد. يقول التقرير إن مدينة المنيا( عروس الصعيد) ليس بها إلا كوبريان اثنان فقط. وفي المحافظة100 معدية و1700 مركب صيد تستخدم للعبور. أغلبها متهالك ومملوك للأهالي. وفي محافظة سوهاج فإنه لايوجد كباري عبر النهر إلا في مدينة سوهاج فقط ولايوجد بها إلا كوبريان اثنان, وفي قنا فإن أهالي مركز الوقف يحلمون بكوبري يربطهم بمركز دشنا( تصور ان الأهالي لايحلمون بالسفر إلي السعودية ولاحتي بالزواج من باريس هيلتون أو سعاد حسني), والشيء ذاته في بني سويف حيث يجري حاليا اقامة كوبري بين مركزي ببا والفشن إلا أنه يبتعد عنهما30 كيلو مترا! وهذا يعني أن استخدام المعديات لن يتوقف ولن يتوقف النهر الخالد عن ابتلاع البشر المساكين. (3)هل نوجه نداء لوزارة النقل بأن تعيد النظر في أولوياتها؟ لماذا تصب كل اهتمامها علي القاهرة الكبري؟ ألايحتاج الصعيد إلي نظرة يا أم هاشم؟ ألا يستطيع السادة أعضاء مجلس الشعب في بداية الدورة البرلمانية الجديدة أن يطلبوا تكوين لجنة تقصي حقائق عن أوضاع الكباري والجسور علي النيل في الصعيد ووضع توصيات يتم تنفيذها لإنقاذ البشر من الموت بسبب ظلم الانسان لأخيه الانسان؟ هذه مسألة ليس لها علاقة بالسياسة أو الامن أو القرارات العليا أو الدنيا, هي مجرد مسألة بسيطة فهل من يستجيب؟ ثم أين الجهود الذاتية؟ هناك كثيرون من الاثرياء من صعيد مصر, فماذا ينتظرون؟ إنهم يستطيعون أن يتجمعوا معا كل اثنين أو ثلاثة أو حتي عشرة ليتبرعوا ويكلفوا مكتب استشارات هندسية ببناء كوبري.. هل هذا صعب؟ هل هو مستحيل؟ هل هو حرام أو ينقض الوضوء أن يعبر الانسان الكوبري آمنا كي يظل علي قيد الحياة؟ ثم من قال ان تجمع الناس البسطاء معا وتوجيه تبرعات ولو قليلة منهم, أو حتي توجيه كل مايرصده الناس للزكاة أو لإطعام الفقراء في رمضان أو لتوزيع الأضاحي في عيد الأضحي لهذا الغرض.. من قال ان هذا ليس حلالا؟.. من قال ان ثواب بناء كوبري يقل عن ثواب بناء جامع أو كنيسة؟ عن صحيفة الاهرام المصرية 28/10/2007