فتحي عامر : الوزارة غير موجودة في أي دولة ورهاننا الأخير على " مجلس أعلى للإعلام" فاروق أبو زيد : إعلامنا يناقش مشاكلنا بكل موضوعية ولا تعلقوا " شماعة" أخطاء الحكومة عليه بعد إعلان النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية فوز المشير عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية ، أصبح لدينا رئيس ، ووزارة ثابتة وليست مؤقتة و دستور جديد، و يتبق لنا في النهاية استحقاق دستوري أخير ألا وهو إجراء الانتخابات البرلمانية لاستكمال هيكلة باقي مؤسسات الدولة. الهيئة الوطنية للإعلام في الوقت نفسه تأتى حكومة جديدة تخلو من وزارة للإعلام طبقاً للمادة213 في الدستور الجديد فيما يتم استبدالها بالهيئة الوطنية للإعلام ، تكون مهمتها إدارة المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة و تعمل على تطويرها وتنمية أصولها، وضمان استقلاليتها وحيادها، والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد. وطبقاً لدستور 2013 وتحديداً المادة211 والتي تنص على إنشاء مجلس أعلى لتنظيم الإعلام، يكون مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية ومراقبة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي. حاولنا في هذا التحقيق عرض بعض النماذج لمؤسسات إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية من المفترض أن يطبق عليها هذا النص الدستوري وتساءلنا عن مدى تأثير إلغاء وزارة مهمة كالإعلام على حيادية المادة المعروضة ومستوى الأداء المهني في طرح الأزمات وهل تصبح هذه المؤسسات الإعلامية سواء المملوكة للدولة أو الخاصة تابعة لرقابة الدولة وموالية لها أم ستكون مستقلة ملتزمة بميثاق شرف إعلامي وفقط ، يحدث كل هذا في الوقت الذي يعتبر فيه كثيرون من متابعي القنوات والصحف الخاصة والحزبية و الحكومية أن الإعلام في مصر أصبح أداة لبث المعلومات المغلوطة وترويج السلوكيات المرفوضة. تبعية الصحف قومية .. تتكون من عشر مؤسسات صحفية كبرى من المفترض أنها تسيطر عمليا علي ما يقرب من 80 % من سوق الصحافة والطباعة والإعلان والتوزيع في مصر ، لا تستطيع أن تصفها بأنها صحافة حكومية ، ووفقا للدستور وقوانين الصحافة، فهي صحف تمتلك الدولة أصولها ويمارس حق إدارتها مجلس الشورى . حكومية .. و تتمثل في الإذاعة والتليفزيون، وهما الأكثر تأثيرا في توجيه عقول المصريين بشكل كبير . الحزبية.. وتلك تختلف بتعدد الأحزاب فيما يقرب من عشرين حزبا وهي صحافة في الغالب تعبر عن أراء وتطلعات الحزب، كل هذه الصحف تكاد لا تلقي تأثيرا قويا في الرأي العام باستثناء بعض الصحف ذائعة الصيت . وأخيراً الصحف المستقلة والخاصة وقد انتشرت تلك النوعية من الصحف بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة وزادت أ{قام توزيعها بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وهي تمثل ظاهرة جديدة في المجتمع المصري. أما الإعلام المرئي فهو الأكثر انتشارا وقد أثر بشكل كبير في توجيه المصريين خلال الفترة الأخيرة ، يأتي بعده الإعلام الإلكتروني أو الصحف الإلكترونية والتي تعتمد عليها الصحافة المطبوعة في التحليل الخبري . خبراء الإعلام وعن إلغاء وزارة الإعلام وإنشاء الهيئة الوطنية للإعلام، بدلا منها يقول الدكتور فتحي عامر أستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبر ، هذا الإجراء إذا تم بشكل منضبط فسيكون في صالح الإعلام المصري تماما لان الإعلام بحاجة الي إعادة ضبط لاسيما في الفترات الأخيرة و ما بعد 25 يناير علي وجه التحديد ، لافتا إلى أنه سيكون إعلاما أكثر استقلالية وأكثر تعبيرا عن المواطن دافع الضرائب وسيعبر بصدق عن أحلامه دون تحيز أو أغراض . ويوضح عامر ان وزارة الأعلام وجودها خطأ في الأساس فهي غير موجودة في أي دولة في العالم وكذلك الصحافة ليس هناك دولة تملك الصحف وتوجهها بمفردها دون إن يتم ذلك بالمشاركة مع الشعب مثل صحيفة "لوموند الفرنسية". ويشير أستاذ الإعلام إلى أن استقلال الصحف القومية سيتوقف علي سرعة الانتهاء من تدشين مجلس اعلي للأعلام بشكل مستقل تماما عن السلطة التنفيذية وعلى هذا يكون الرهان الأساسي على القانون مع بداية البرلمان المصري و بعد الانتخابات فلا يمكن أن نتصور أن السيارة سترجع إلي الخلف بعد ثورتين في 25 يناير و30 يونيو. وعن دور الإعلام الخاص في الفترة المقبلة وقدرته على طرح الأزمات التي يتعرض لها الوطن والمواطن المصري بشكل أكثر شفافية واستقلالية يقول إن هذه النوعية ستكون قرب إلي الموضوعية لأنه ليس أمامه خيار أمام سيل القنوات والفضائيات والوسائل الإعلامية الخاصة الأخرى. ووصف عامر قنوات رجل الإعلام نجيب ساويرس بأنها تعمل لصالح الوطن و أنه يترك الأمور تسير بمهنية وموضوعية ومنهم من كان يضع أهدافا لبرامجه مثل بهجت وحسن راتب في المحور. و أوضح أن الرهان في الفترة المقبلة سيكون علي الإعلام الخاص وسيتفوق على نظيره الحكومي الذي شهد تراجعا كبيرا خلال السنوات العشر الأخيرة وسوف يتناول كل القضايا التي يعاني منها المواطن منذ عهد الإخوان حتى الآن فالأعلام الخاص كان السبق والريادة في توجيه أفكار المصريين خلال ثورتي يناير ويونيو وقد ساهم في إنجاحهما . ولفت عامر إلى إن الموضوعية الكاملة في الإعلام الخاصة غير موجودة علي ارض الواقع لان كل وسيلة إعلامية يقف ورائها ممول قد يكون رجال إعمال أو أجهزة ما وكلهم لهم أهداف وتوجهات. الدكتور فاروق أبو زيد، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، علق على هذا الموضوع مؤكدا أنه في الأساس لا توجد وزارة إعلام في الدول الديمقراطية ولكن توجد هيئات تعبر عن الإعلام لان الإعلام مستقل عن الحكومة وليس الدولة فهو مملوك للدولة ولكن لا يخضع لإشراف الحكومة وبالتالي يتمتع بقدر كبير من المصداقية فيما ينشر. ويشير أبو زيد إلى أن إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام أفضل بكثير من استمرار الوزارة لأنه سيعطى استقلالية تامة للإعلام سواء كان حكوميا أو خاصا . ولفت إلى أن تلك الهيئة المتوقع إنشاؤها قريبا لا تفرق بين إعلام خاص أو مملوك للدولة فهى ستعمل على مراعاة الشفافية في كل منهما ولن يكون لديها أي نوع من الولاء والتحيز . وعن الحيادي الإعلامي الخاص والحكومي في طرح الأزمات بموضوعية بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد يقول: إن الإعلام يناقش هموم المواطن بكل موضوعية سواء قبل أو بعد انتخاب رئيس جديد ولا يمكننا أن نعلق "شماعة أخطائنا " على وسائل الإعلام فالقرارات التي تصدر من الحكومات هي التي تصنع ردة فعل الإعلام لأنه انعكاس لواقع مجتمعي معاش بالفعل .