إزاحة مبارك كانت ضرورة..وبناء الدولة أهم "ع القدس رايحين شهداء بالملايين" شعار شابته المتاجرة مبارك "دنئ الهمة"..والسادات ذكي..وعبدالناصر نموذج سلبي للحكم العسكري وصف الروائي الدكتور يوسف زيدان شعارات مثل "ع القدس رايحين شهداء بالملايين"، و"سنلقي إسرائيل وما ورائها إلى البحر"، بأنها كلام "رقيع"، يجعل الناس تدفع حياتها ثمنًا مجانيًا في سبيل أصحاب المصالح، فقضية إسرائيل "يشوبها كثير من المغالطات والتوهمات التي لا حصر لها" على حد تعبيره. وقال زيدان في صالونه الشهري الذي عقد مساء أمس الأربعاء في ساقية الصاوي، أنه يسعى إلى التوعية، ويعنيه الفهم، لافتًا إلى أن عنوان الصالون هو "النبوغ اليهودي في العصر الإسلامي" يبحث عمّا قدمه هؤلاء إلى البشرية، ليس بهدف تمجيدهم لكن بهدف رؤيتهم جيدًا بعيدًا عن التضليل والتهوين، ولمعرفة أين نبغوا وفي أي مجال. وتحدث زيدان عن المفكر والفيلسوف اليهودي "ابن كمونة" الذي عاش في بغداد في أواخر العصر العباسي. وقد تأثر بالتراث الإسلامي، حتى قيل إنه أسلم. وكانت من نتائج تفاعله مع التراث الإسلامي أنه كتب عدداً من الأعمال الفلسفية والكلامية، التي يتضح فيها أثر المدرسة الأشعرية، ويؤكد زيدان أنه التقى بالراحل عبدالوهاب المسيري في الإسكندرية منذ حوالي 20 عاماً، وكان حينها بصدد إخراج موسوعته الشهيرة عن اليهودية، يواصل: قلت له أن لا يوجد فلاسفة يهود، ومعدودين منهم من قدم شيئاً يهودياً في الفلسفة، يقول: استشهدتُ حينها ب"ابن كمونة" الذي قدم طبيعة الفلسفة السائدة في عصره، وقدم صورة إسلامية لليهودية. وتحدث زيدان عن تأثره بكتاب عن طبيب صلاح الدين الخاص اليهودي "موسى بن ميمون"، الذي عاش زمن الاضطهاد في الأندلس ودخل الإسلام، ثم جاء لمصر، وبعد أن أصبح طبيب صلاح الدين أجبره أن دخل الإسلام مضطراً، فأحال أمره إلى الفقهاء، الذين خيروه بين البقاء في الإسلام، أو العودة لديانته، فاختار اليهودية، وألّف كتاب بعنوان "دلالة الحائرين"، ومن درس الكتاب قالوا أنه لم يقدم جديداً بل نقل عن فكر المعتزلة، ولم يبتكر شيئاً!. قائلاُ: "حين لا نقر بإبدعهم فنحن لا نراهم جيدًا". فلا يوجد فيلسوف يبدأ من الصفر، فتأثره بطبيعة عصره أمر مقبول. ولفت صاحب الصالون إلى أنه لولا السكندريين لانتهى اليهود، فقد أحضر بطليموس الثاني أكثر من سبعين حاخام يهودي لترجمة التوراة في الإسكندرية، وفي بداية القرن الأول الميلادي كانت أحوال اليهود في إسكندرية جيدة فقدموا إسهاماتهم. وتابع زيدان: "هؤلاء اليهود في الشرق، أما في الغرب فأبدع من اليهود أينشتاين، وفرويد صاحب أهم مدارس التحليل النفسي، وكارل ماركس الذي قدم فلسفة عميقة، ويتساءل زيدان" لماذا نُصرّ على أن نسلب العدو كل فضائله؟!. وأوضح زيدان أنه بتأمل نوابغ اليهود، نرى أنه لم يخرج منهم شعراء، مفسرًا ذلك بقوله غل اليهود منعهم من أن يخرجوا لنا شاعراً بحجم محمود درويش مثلاً. كما كان منهم رجال اقتصاد – يواصل زيدان – مثل بنزيون وريفولي وصدناوي، الذين لم يكتب عنهم أحد شيئاً سيئاً في وقت ثورة 1952، ومع ذلك قام عبدالناصر بتأميمهم، قائلاً: هذا هو نظام الحكم العسكري الذي نكرهه، فالحكم العسكري برأيه "نظام" وليس "شخص"، مؤكداً أنه بعد لقاءه بالسيسي خرج بانطباع جيد يصل إلى 90%، وترسخ لديه أن السيسي يختلف عن مبارك كاختلاف السماء عن الأرض، قائلاً: إذا أراد السيسي أن يسير بطريقة حكم جمال عبدالناصر لن نصمت، لكن إذا كانت طريقته مستنيرة فأهلاً به. وانتقد يوسف زيدان سياسات الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مؤكداً أنه ناصري الهوى ويحترم الرئيس الراحل، لكنه في رأيه ارتكب "كوارث" أضرت بمصر، فقد خسر سيناء في ست ساعات فقط، ودخل حروب وهو غير مستعد لها، كما وجه مقدرات مصر إلى الجزائر واليمن، كما فصل السودان عن مصر، وهي كلها سياسات خاطئة برأي زيدان. وقال زيدان رداً على أحد مداخلات حضور الصالون أن عبد الناصر له مميزات، منها أنه رجل شريف ومخلص لوطنه، لكن ينقصه التعليم الجيد، حماسي لكنه مندفع، قائلاً: "في مجمله سلبي بالنسبة لي". ووصف السادات بأنه رجل ذكي، لكنه في سنواته الأخيرة، كانت قراراته ليست صحيحة، أما مبارك فلم يكن عسكرياً إلا أثناء الضرب الجوية، ثم تحول إلى رجل أعمال، ووصفه زيدان بأنه رجل "دنئ الهمة"، لكنه ليس شيطاناً، أو شريراً، وقد عانى من "الكبر"، فقد تعدى عمره الثمانين، وكانت إزاحته ضرورة وواجب، مؤكداً أن مصر أهم منه، وبناء الدولة أوجب، مؤكدا أن العسكرية التي نكرهها هي نظام وليست شخص، لذلك لا يجب علينا ترديد عبارات "عسكر" وما شابه. وقد شهد الصالون إعلان المهندس محمد الصاوي أن ساقية الغردقة تبث بشكل مباشر عبر دائرة مغلقة صالون الدكتور يوسف زيدان، لتكون بداية لتطبيق هذه الفكرة بشكل أوسع، قائلأً، "إن علم الدكتور يوسف زيدان غزير ومنهجه الفكري في التعامل مع الأشياء يحتاج إلى الانتشار، ولا يمكن أن تتسع له قاعة النهر وحدها". وأعلن الصاوي بناء على طلب جمهور الصالون، عن طرح اسطوانات مدمجة للقاءات د.يوسف زيدان بصالونه، لتكون متوفرة لمن يحجز مقدمًا. وقد حرص زيدان على أن لا تكون هذه الأسطوانات تجارية معلقًا: عملاً بما قاله السيد المسيح: مجانًا أخذتم فمجانًا أعطوا".