كشفت ما يعرف ب "عملية الكرامة" التي يقودها اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، النقاب عن الصراع الأيدلوجي بين الإسلاميين والليبراليين في ليبيا، التي أنهت ثورتها حكم رئيس شهدت فترة حكمه، منعا للتعددية الفكرية، استمر لأكثر من 40 عاماً. حرب حفتر التي بدءها الجمعة الماضية بمدينة بنغازي ضد كتائب الثوار الإسلامية، دفعت شخصيات ليبرالية إلى إعلان تأييدها لعمليته، واصطفافها إلى جانب قواته، كان أبرزها رئيس الوزراء الليبي المقال، علي زيدان، رغم أنه اعتبر خطوة مشابهة، قام بها حفتر منتصف فبراير/ شباط الماضي "انقلابا على الشرعية"، حيث كان وقتها رئيسا للحكومة. زيدان الذي يعرف بمواقفه المناهضة للتيار الإسلامي في ليبيا، لاسيما جماعة الإخوان المسلمون، قال عبر تصريحات صحفية له إن "ما يقوم به حفتر هو حرب ضد الإرهاب"، مطالباً من وصفهم بالشرفاء بالانضمام لقوات حفتر. إلى جانب زيدان، أيد مسؤول ليبرالي آخر، اللواء حفتر، حيث قال السفير الليبي لدى الأممالمتحدة إبراهيم الدباشي، لوكالة الأناضول إن "المعركة التي يخوضها اللواء حفتر وضباط وجنود الجيش الليبي، ليست انقلابا على الثورة، بل عملا وطنيا من صميم المهمة التي اقسموا على القيام بها عند التحاقهم بالجيش الليبي". ورأى الدباشي في تصريحاته أن "كل من يقول غير ذلك، لديه أهداف تتعارض مع مصلحة الوطن"، معتبراً أن "الوقت حان، كي ينسحب المؤتمر الوطني العام من الساحة، ويسلم جميع السلطات التنفيذية للحكومة، إنقاذا لما يمكن إنقاذه" حسب قوله. وبحسب الدباشي فإنه "على الحكومة أن تستبدل رئيس الأركان العامة للجيش، آخذة في الاعتبار التطورات الجارية والواقع على الأرض، وأن يتم فورا فصل العسكريين عن المدنيين في الدروع، وتسليم جميع المعسكرات ومراكز الشرطة إلى منتسبيها". ورغم دعم الدباشي لما يقوم به حفتر، لكنه طالب من أسماهم بالجيش في إشارة لقوات حفتر "الالتزام بعدم المساس بالمسار الديمقراطي، وعدم التدخل في السياسة، وضمان المناخ المناسب لهيئة صياغة الدستور، للقيام بمهمتها، وإنجازها في أسرع وقت ممكن". وفي بيان لأكبر تجمع لبرالي في ليبيا، أعلن تحالف القوه الوطنية دعمه "لما يقوم به الجيش الليبي في حربه ضد الإرهاب" حسب وصف البيان، في إشارة إلى قوات حفتر. لكن التحالف شدد في الوقت نفسه، على ضرورة أن "تلتزم قيادات الجيش الوطني بوعدها الذي قطعته بشأن عدم التدخل في الحياة السياسية وحماية المسار الديمقراطي الذي اختاره الليبيون". في مقابل ذلك، شنت الكيانات والأحزاب والجماعات التابعة للتيار الإسلامي في ليبيا، هجوما على حملة اللواء حفتر، واصفة أيها بى "الانقلاب العسكري على الشرعية". واتهم المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، بشير الكبتي، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بأنه "يحاول نسخ ما حدث في مصر، بإعلانه تجميد عمل المؤتمر الوطني (البرلمان)". ورغم أن الكبتي دافع عن التيار الإسلامي خلال تصريحات صحفية، إلا أنه استنكر ضم جميع تيارات الإسلام السياسي تحت مظلة جماعة الإخوان، مضيفاً "هناك داخل التيارات الإسلامية، من يكفر الإخوان، ويرى أنهم انحرفوا عن المسار، وتبنوا الخط الديمقراطي، وتيار آخر يرى أن الإخوان متساهلين خاصة في موضوع الشريعة". كما شجب حزب العدالة والبيان، الذراع السياسي لجماعه الإخوان المسلمين "الاعتداء على المؤتمر الوطني العام (البرلمان)" من قبل أنصار حفتر، "وترويع الآمنين في مدينتي بنغازي وطرابلس" مشيراً إلى أن مهمة الجيش، هي حماية الشرعية ومؤسسات الدولة، مطالباً ضباط القوات المسلحة بالالتزام بتعليمات رئاسة الأركان. وفي بيان سابق لتنظيم "أنصار الشريعة" الإسلامي ببنغازي، وصف ما يقوم به اللواء حفتر بأنها "حرب ضد تحكيم الشريعة وإقامة الدين، يقودها في الأساس الكفار من اليهود والنصارى، ومَن يعاونهم من العلمانيين والخائنين". وتوعد التنظيم حفتر بمصير الرئيس الراحل معمر القذافي، مضيفا في بيانه، "سنتعامل مع أي تحرك عسكري داخل بنغازي (شرق)، كما فعلنا مع القذافي وكتائبه خلال الثورة الليبية عام 2011". وتشهد الأوضاع الميدانية في ليبيا، تصعيدا كبيرا، منذ الجمعة الماضي، بعد وقوع اشتباكات مسلحة بين قوات تابعة لحفتر وبين مسلحين إسلاميين، يتبعون رئاسة أركان الجيش الليبي، في محاولة للسيطرة على مدينة بنغازي شرقي البلاد، مما خلف نحو 80 قتيلا. وبينما يقول حفتر إنه يسعى إلى "تطهير بنغازي من المليشيات المتهمة بالوقوف وراء عدم استقرار الأمن في المدينة"، تعتبر الحكومة الليبية أن تحركه يمثل "انقلابا على شرعية الدولة"، ومحاولة لإفشال ثورة 17 فبراير/ شباط 2011 التي أطاحت بنظام معمر القذافي