دعا خبير مياه سوداني حكومة بلاده ومصر إلى الانضمام لاتفاقية عنتيبي التي وصفها بأنها "عادلة"، وإلغاء اتفاقية 1959 لأنها اتفاقية "استعلائية لا تكرث للتعاون بين دول حوض النيل". وقال سلمان محمد سلمان، أحد أبرز خبراء المياه بالسودان والذي عمل من قبل مستشارا لقوانين وسياسات المياه بالبنك الدولي، إن "الاتفاقيات التي أبرمت في 1902 بين بريطانيا والامبراطورية الاثيوبية و1929 بين مصر وبريطانيا" و1959 بين مصر والسودان لتنظيم استخدام مياه النيل، استعلائية واحتكارية لا بد من استبدالها باتفاقيات تعزز التعاون". وقننت تلك الاتفاقات "حق الإخطار المسبق" في دول حوض النيل، حيث نصت على ضرورة إخطار مصر بأي مشاريع على مجرى النيل، وللقاهرة حق دراسة المشاريع المزمعة وطلب تعديلات عليها، كما منحت مصر 55.5 مليار متر مكعب من المياه، والسودان 18.5 مليار متر مكعب. وأضاف سلمان خلال حديثه في ندوة نظمها المركز السوداني للخدمات الصحفية المقرب من الحكومة في الخرطوم، أمس الاثنين، بعنوان "السودان وسد النهضة.. المنافع والمخاطر" : "أوغنداوكينيا مثلا لا يمكنهما تنفيذ أي مشاريع بدون موافقة السودان ومصر، وهذا احتكار لا يمكن ممارسته والتحدث في نفس الوقت عن التعاون"، نقلا عن وكالة "الأناضول" التركية. ووصف اتفاقية عنتيبي بأنها "عادلة لأنه ليست بها محاصصة وتنص على تكوين مفوضية تعزز التعاون والفائدة المشتركة للجميع". وبخصوص سد النهضة الإثيوبي، قال سلمان إن "السودان ومصر فوتا فرصة اتفاق كان ممكنا مع إثيوبيا على تمويل وإدارة مشتركة لسد النهضة كان كفيلا بتجاوز التشنج الذي يدار به الملف حاليا". وقلل سلمان من المخاوف بشأن انهيار السد، قائلا: "المنطقة التي بها السد ليست منطقة زلازل وشركة ساليني الإيطالية المنفذة له شركة كبيرة تتميز بسلامة السدود التي شيدتها ولا يمكن أن تخاطر بسمعتها". وأضاف أن "إثيويبا أيضا لا يمكن أن تخاطر بخمس مليار دولار هي تكلفة المشروع، وعليها كذلك مسؤولية قانونية في حال إنهياره ما يجعلها تتحسب جيدا لسلامته". وتابع "هناك 46 ألف سد حول العالم ونسبة انهيار السدود تكاد تكون معدومة وكثير منها مشترك بين عدة بلدان وكان يمكن للدول الثلاث الإستفادة من تجارب تشييدها بما فيها السد العالي لضمان سلامة تشييد سد النهضة بدلا عن هذا التنشج غير المبرر". ونبه إلى أن السودان لديه كثير من المنافع من سد النهضة أبرزها "حل مشكلة تراكم الطمي الذي أفقد السدود السودانية طاقتها التخزينية والتوليدية وحل مشكلة الفيضانان المدمرة التي تأتي من الهضبة الأثيوبية بجانب إستفادة السودان من كهرباء السد". ولفت إلى أن "سد النهضة يمكن أن يكون بديلا لسدي الرصيرص ومروي (السديين الرئيسين لإنتاج الكهرباء) لتوليد كهرباء أقل كلفة وكذلك توفير المياه لللزراعة". وأوضح: "هناك 7 دول ستستفيد من كهرباء سد النهضة هي أوغنداوكينيا والسودان وجنوب السودان والصومال وجيوبتي واليمن". ومضى قائلا "أوغندا ترتب الآن لإبرام اتفاق مع إثيوبيا لتذويدها بالكهرباء لأنها ستكون أقل كلفة لها من الكهرباء التي تستوردها من كينيا وجنوب السودان". ومن جهته، قال المستشار بسفارة مصر بالخرطوم إسلام سعد إن "حكومته حريصة على التعاون مع دول حوض النيل ولا تختصر التعاون معها في ملف واحد مهما علا شأنه بل تعاونها يمتد إلى العديد من المجالات". وأضاف خلال مداخلته في الندوة أن بلاده "لا تقف ضد مصلحة أي بلد وتتمسك أيضا بحقوقها وتؤكد على الثوابت". وتؤكد بعض دول حوض النيل وفي مقدمتها إثيوبيا إن الاتفاقات التي تنظم استخدام مياه النيل، وقعت في الحقبة الاستعمارية، ولا تلزم السلطات الحالية في تلك البلدان، فيما تستند مصر إلى قاعدة أساسية في القانون الدولي، تنص على مبدأ توارث المعاهدات، فيما يتعلق بالمعاهدات الخاصة برسم الحدود الدولية، والوضع الجغرافي والاقليمي، بحيث لا تنتهي تلك المعاهدات بانتقال السيادة في الاقليم. ووقعت خمس دول هي: إثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا، على اتفاقية عنتيبي (وقعت في مدينة عنتيبي الاوغندية) نصت على أن "مرتكزات التعاون بين دول مبادرة حوض النيل تعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول، بأن تنتفع دول مبادرة حوض النيل انتفاعاً منصفاً ومعقولاً من موارد مياه المنظومة المائية لنهر النيل، على وجه الخصوص الموارد المائية". ووصفت القاهرة تلك الاتفاقية ب"المخالفة للقانون الدولي"، متمسكة بالاتفاقات السابقة لتنظيم مياه النيل. كما رفضت السودان التوقيع على الاتفاقية لأنها "تمس مصالحها المائية".