تعتبر أنيميا البحر المتوسط من أشهر أسباب أمراض الدم الوراثية المزمنة عند الأطفال في مصر، وتختلف درجة خطورة المرض اختلافاً كبيراً يتراوح بين حامل للمرض دون أعراض إلى أعراض شديدة الخطورة ومهددة للحياة. هذا ما أكدته الدكتورة آمال البشلاوي أستاذ طب أمراض الدم والأطفال بمستشفى أبو الريش الجامعي ورئيس الجمعية المصرية للثلاسيميا، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم للاحتفال باليوم العالمي لأنيميا البحر المتوسط تحت شعار "من حقي أعيش حياة طبيعية" برعاية هيئة التامين الصحي والجمعية المصرية لأنيميا البحر المتوسط. وأوضحت البشلاوي أن مرض أنيميا البحر المتوسط يمثل مشكلة كبيرة في مصر، حيث أن نسبة حاملي المرض تبلغ 9٪ ، وأن هناك أكثر من 1000 طفل يولد سنوياً مصاب بأنيميا البحر المتوسط، مشيرة إلى أن هناك 2 مليون و600 ألف مريض بانيميا البحر المتوسط. وقال الدكتور على حجازى رئيس هيئة التامين الصحي، إن التأمين الصحي يغطي 13 مليون طفل دون السن المدرسي، فالهيئة لديها 3329 مريضاً بأنيميا البحر المتوسط تحت عمر عشر سنوات، وإن إجمالي تكلفة علاجهم باستخدام أقراص الفم الحديثة تبلغ حوالي 19 مليون جنيه سنوياً، ويتم توفيرها بالكامل. وتشمل الخدمات المقدمة للمرضي خدمات التشخيص، ونقل الدم الآمن، والعلاج عن طريق زرع النخاع، والمتابعة الشهرية للعيادات بما في ذلك إجراء الفحوص الدورية، بالإضافة إلى الخدمات التثقيفية لرفع التوعية للمرضى وذويهم. وأشار حجازى إلى أنه تم تكوين لجنة لدراسة توفير العقار المخفض للحديد للمرضى حتى سن 18 بدلاً من سن 10"، مؤكداً أن تلك الخطوة تأتي فى إطار التزام التأمين الصحي بتقديم الدعم الكامل لأكبر عدد ممكن من مرضى "الثلاسيميا". ومن جانبها، أوضحت الدكتورة هدى حساب أستاذ طب أمراض الدم والأورام بجامعة الإسكندرية، أن مرض "أنيميا البحر المتوسط" يزيد الحديد في الدم وليس نقص الحديد كما يعتقد البعض، كما يؤثر سلباً على أعضاء الجسم الرئيسية مثل القلب والبنكرياس والكبد والكلى والجلد، وذلك نتيجة لتكسير الحديد في الجسم ونقل الدم بشكل مستمر، الأمر الذي ينتج عنه مضاعفات خطيرة تهدد حياة المرضى. كما أكدت الدكتورة لميس رجب أستاذ طب الأطفال وأمراض الدم بجامعة القاهرة، أن زواج الأقارب يضاعف خطورة الإصابة بالمرض، وتعد فحوصات ما قبل الزواج مفتاح الوقاية. وأشارت لميس إلى أن التحديات التي تواجهنا في مصر هو عدم الوعي المجتمعي الذي يوفر مضاعفات على المرضى والمجتمع. كما كشفت منال شكري عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للثلاسيميا، ومن مؤسسي جمعية "مرضى ضد الثلاسيميا" ومصابة بالمرض، أن المرض تطور من كونه خطير وقاتل إلى مرض مزمن يمكن السيطرة عليه في العديد من الحالات، لذا تنصح بالتوعية والتبرع بالدم للمرضى للغير قادرين على زرع النخاع وهو العلاج الوحيد للشفاء من المرض. وأضافت الدكتورة نجلاء شاهين استشاري طب الأطفال لأمراض الدم الوراثية والمتحدث باسم الهيئة العامة للتأمين الصحي، "من حقي أعيش حياة طبيعية" شعار اليوم العالمي للثلاسيميا، لذا يجب اللجوء للعلاج النفسي لدعم وتهيئة المريض نفسياً ومعنوياً. وأوضحت شاهين أنه تم إجراء حوالي 200 عملية زرع نخاع للأطفال المصابين بالثلاسييما وهو العلاج الوحيد الشافي للمرض والتي تبلغ تكلفته 75 ألف جنيه، بجانب استكمال العلاج شهرياً والتي تصل إلى 4 إلى 5 آلاف جنيه في الشهر، نظراً لتكلفة الدواء وفترة العلاج التي يمكن أن تستمر لسنوات أو مدى الحياه، حسب الحالة، كما أن نقل الدم المستمر وتنقيته يعد مكلفاً للغاية. ونصحت شاهين بضرورة إجراء فحوصات ما قبل الزواج، وضم الفحوصات الخاصة بأنيميا البحر المتوسط إليها، والتشديد على إجرائها، خاصة أن مرض الثلاسيميا يعد مرضاً وراثياً. ما هى الثلاسيميا ؟ كلمة يونانية الأصل، تعني فقر دم منطقة البحر المتوسط، وتعرف أيضاً باسم أنيميا البحر المتوسط، وينتج المرض عن خلل وراثي انحلالي، يؤدي الى نقص حاد في إنتاج بروتينات خاصة في تكوين الهيموجلوبين وهو المكون الرئيسي الموجود في خلايا الدم الحمراء. ومادة الهيموجلوبين هى المسئولة عن حمل الأكسجين من الرئتين الى مختلف اجزاء الجسم، وبالنتيجة يؤدي نقص الهيموجلوبين الى فقر دم (أنيميا)، وتكسر سريع في خلايا الدم الحمراء، ونقص كمية الأكسجين التي تصل أجزاء الجسم المختلفة. وأوضح الأطباء أن "الثلاسيميا" مرض وراثي فقط وتنتقل السمة المسببة للمرض من الآباء للأبناء، عن طريق الجينات المسئولة عن نقل الصفات، فيحدث المرض وتبدأ مضاعفاته ولا بد أن يجتمع في جسم الشخص المصاب جينان (واحد من الأب والآخر من الام) يحملان هذه السمة. لذا يعزز زواج الأقارب من فرص الإصابة بالمرض، لاحتمالية أن يكون لدى الأقارب نفس الجين الذي يحمل سمة المرض مع العلم أن مرض "الثلاسيميا" ممكن أن يحدث في مصر من زواج غير الأقارب، لذلك يوصي بإجراء فحوصات مقبلي الزواج بين الأقارب وغير الأقارب. أنواع الثلاسيميا النوع الأول: يكون الشخص فيه حاملاً للمرض ولا تظهر عليه أية أعراض، ويكون هذا الشخص قادراً على نقل المرض لأبنائه، في حين لا يعاني هو من مشاكل صحية تذكر. النوع الثاني: ويكون الشخص فيه مصاباً بالمرض، وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر في الحالات الشديدة وفي سن أكثر تأخراً في الحالات المتوسطة. أعراض الثلاسيميا يبدأ ظهور أعراض الاصابة بالثلاسيميا في السنة الاولى من العمر، نتيجة لتكسر كريات الدم الحمراء مبكراً، وتظهر أعراض فقر دم شديد. - شحوب البشرة مع الاصفرار احياناً. - التأخر في النمو. - ضعف الشهية . -تكرر الإصابة بالالتهابات. ومع استمرار فقر الدم، تظهر أعراض أخرى ، مثل التغير في شكل العظام ، وخاصة عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة لهذا المرض،. كما يحدث تضخم في الطحال والكبد ، ويتأخر الطفل في النمو . خطورة المرض أوضحت البشلاوي أن مرض "الثلاسيميا" أو أنيميا البحر المتوسط يؤدي إلى زيادة نسبة الحديد في الدم وذلك نتيجة تكسير كرات الدم الحمراء وأيضاً نقل الدم المتكرر والغريب أن المريض عنده أيضاً زيادة امتصاص الحديد من الأمعاء. والخطورة تكمن في زيادة نسبة الحديد في الجسم الذي يؤدي إلى العديد من المضاعفات الخطيرة، منها خلل في وظائف القلب والكبد والبنكرياس والغدد الصماء مما يعيق أدائها الوظيفي ويؤدي إلى قصور في التنفس وهبوط في القلب والإرهاق وتأخر النمو والبلوغ وهشاشة العظام ولذلك يجب الحرص على تعاطي الأدوية التي تخفض نسبة الحديد فى الجسم بانتظام مع نقل الدم الآمن حتى يعيش مريض "الثلاسيميا" بدون مضاعفات. وأوصى الأطباء بضرورة الفحص قبل الزواج لتجنب إمكانية ولادة أطفال يعانون من هذا المرض مدى الحياة، فالأسرة التي تحمل صفات وراثية لأمراض معينة حال حدوث تزاوج فيما بينها سينتج عنها مواليد حاملة لهذا المرض سواءً كانوا أقرباء أو من مناطق مختلفة. ما الآثار المترتبة على نقل الدم؟ أوضح الأطباء أن نقل الدم يصاحبه زيادة كبيرة في نسبة الحديد التى تنقل إلى جسم المريض، فلا يستطيع التخلص منها، ولهذا يجب أن يصاحب عملية نقل الدم تناول أدوية مخصصة تساعد الجسم على التخلص من الحديد، حتى لا يتراكم في القلب والكبد والطحال.