أعلن وزير خارجية جنوب السودان برنابا ماريال بنجامين، أن بلاده تحتاج إلى المساعدات وليس العقوبات من أجل استعادة السلام والاستقرار. وجاء ذلك في رده على قرار وقعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مؤخرا، ويمهد الطريق لفرض عقوبات على الأفراد الذين يعرقلون عملية السلام بين طرفي الصراع في جنوب السودان. وأضاف الوزير، في مقابلة مع وكالة "الأناضول" للأنباء، أن ما يحتاجه جنوب السودان هو السلام والمساعدة وليس العقاب. وأوضح أن وزارته تلّقت طلبًا من الحكومة لتشكيل لجنة خاصة لدراسة الإيجابيات والسلبيات في قرار أوباما، الذي أكد أنه لم يشمل عقوبات فعلية. وأضاف بنجامين: "هذا مجرد إطار.. وهي ليست عقوبات بعد"، موضحًا أن "الولاياتالمتحدة تقول للحكومة والمتمردين أن من ينتهك حقوق الإنسان، ويقتل قوات حفظ السلام ويعرقل عملية السلام.. سوف يواجه عقوبات". ولفت الوزير إلى أن قرار أوباما الأخير لم يؤثر على علاقة بلاده مع الولاياتالمتحدة، مضيفًا: "نتناقش مع الأمريكان، وإذا كانت هناك قضايا تحتاج للتوضيح، نجلس ونتحدث". وكرر وزير خارجية جنوب السودان التزام حكومة بلاده بالمفاوضات مع المعارضة، قائلاً: "نحن ملتزمون تمامًا بعملية وساطة إيغاد (الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا)، والحكومة ملتزمة بنفس القدر بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان"، لافتا إلى أن "جنوب السودان لا ينكر وقوع حالات منفردة من انتهاكات حقوق الإنسان". وأضاف: "نعم هناك بعض الحالات (انتهاك حقوق الإنسان)، لكننا بحاجة إلى اتخاذ الطريق الصحيح الذي يمكن حلها من خلاله، وجنوب السودان يتعامل مع هذه القضايا بشكل دستوري، وبكل أطرها القانونية بحيث يتم التحقيق في القضايا وحلها". وأشار إلى أن حكومة جوبا تتعاون مع الاتحاد الأفريقي في التحقيقات الجارية في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة. وأوضح أنه "من أجل تعزيز مصداقيتنا، شكّل الاتحاد الأفريقي لجنة تحقيق (الرصد والتحقق) بقيادة الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو، وهي تعمل بالتعاون معنا، ولذلك فإن ما نحتاجه من الولاياتالمتحدة ليس العقوبات ولكن التشجيع على هذه الآليات". ولفت بنجامين إلى أن الحكومة ووزارة الخارجية بدأتا حملة لتحسين صورة الدولة في الآونة الأخيرة. وحول هذه الحملة، قال: "قمت مؤخرًا بزيارة الدول المجاورة أوغندا ورواندا، وذهبت حتى إلى السودان للتحقّق من أن اتفاقيات التعاون ما زالت سارية، وتعزيز التجارة الحدودية بين البلدين". وأشار إلى أن الرئيس سلفاكير ميارديت شارك في الآونة الأخيرة أيضا في هذه الحملة، وذهب إلى السودان وأوغندا ورواندا، وذلك من أجل تعزيز العلاقات الدبلوماسية وحل القضايا محل الخلاف. وزاد بالقول: "كما تعلمون، في الآونة الأخيرة حضرنا قمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا من أجل السلام والأمن في مجال التنمية في قارتنا (مطلع الشهر الجاري)، وكان علينا أن نشرح لهم ما يجري في بلدنا، ومحاولة الانقلاب التي يقودها ريك مشار (نائب الرئيس السابق)". وتابع: "تربطنا أيضا علاقات جيدة مع الأممالمتحدة، ونسعى لتعزيز علاقاتنا مع بلدان أخرى مثل المملكة المتحدة، والصين". وحول العلاقة مع السودان المجاورة، وسط اتهامات بأن الخرطوم تساعد المتمردين، نوّه الوزير إلى أن هذا لم يؤثر على العلاقات الثنائية، مؤكدًا أن "جنوب السودان والسودان تربطهما علاقات دبلوماسية جيدة للغاية". ولفت إلى أن الاتهامات بشأن دعم الخرطوم للمتمردين بدأت منذ عام 2005. واختتم: "ما يمكنني قوله، هو أن ثمة تقارير استخباراتية، سيتم التحقيق فيها والتحقق منها بالتعاون بين البلدين، ولكن هذا لا يغيّر علاقتنا الجيدة مع السودان". وفي مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري، وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرارا يمهّد الطريق لفرض عقوبات على أفراد، ومؤسسات في جنوب السودان، لكن من دون فرض أي عقوبات فعلية، بحسب بيان للبيت الأبيض. وفي بيانه، قال البيت الأبيض: "من يهددون السلام والأمن والاستقرار في جنوب السودان، ويعرقلون عملية السلام، ويستهدفون قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، أو المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب، لن يكون لهم صديق في الولاياتالمتحدة، وهم معرّضون لخطر العقوبات". وكانت حذّرت بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان "أونميس"، في الأول من أبريل/نيسان الجاري، جنوب السودان من "عرقلة مهمتها في حماية المدنيين". وقالت البعثة في بيان، حينها، إن "حكومة جوبا تنتهك بصورة متواصلة اتفاقية وضع القوات، التي تم التوصّل إليها بين الأممالمتحدة وحكومتي السودان وجنوب السودان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، بشأن وضع القوات المتعلقة بقوة الأممالمتحدة المؤقتة في منطقة آبيي (يونيسفا)". وأضاف البيان: "حكومة جنوب السودان لا تزال تفرض قيودا على حركة موظفي الأممالمتحدة، وتقوم بأعمال التفتيش القسري لمركبات الأممالمتحدة ورحلات الطيران والقوافل، فضلا عن تلقي موظفي بعثة الأممالمتحدة والأفراد المرتبطين بها تهديدات ومضايقات مستمرة". وحول علاقات جوباوالخرطوم، فتتهم جوباالخرطوم بدعم "ديفيد ياياو"، الذي يقود جبهة ضدها في ولاية جونقلي (شمال)، وفي ذات الوقت كانت الخرطوم تتهم حكومة جوبا بدعم قوات حركتي (الجبهة الثورية ، والحركة الشعبية - قطاع الشمال) اللتين تقاتلان السودان في مناطق دارفور (غرب) وجبال النوبة (جنوب) داخل الأراضي السودانية . وتشهد جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر/ كانون أول الماضي، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لنائب الرئيس السابق رياك مشار، الذي يتهمه الرئيس سلفاكير ميراديت، بمحاولة الانقلاب عليه عسكريا، وهو الأمر الذي ينفيه مشار. ووقع طرفا الأزمة في جنوب السودان اتفاقًا خلال الجولة الأولى من مفاوضات للسلام بينهما بوساطة أفريقية، في 23 يناير/كانون الثاني الماضي، يقضي بوقف العدائيات بين الجانبين وإطلاق سراح المعتقلين من قادة المعارضة، وتبادل الطرفان اتهامات بانتهاكه. وبدأت جولة ثانية من المفاوضات فبراير/شباط الماضي وتأجّلت أكثر من مرة كان آخرها 7 أبريل/نيسان الجاري، حيث أعلنت إيغاد عن تأجيل جلسة المفاوضات بين الحكومة والمعارضة إلى 22 الشهر الجاري (الثلاثاء المقبل). وأشارت في بيان لها مؤخرًا إلى أن الطرفين سيجريان خلال الفترة المقبلة (قبل عقد الجلسة القادمة) مشاورات مع قياداتهم تمهيدا لاستئناف المفاوضات. وقالت لجنة الوساطة الأفريقية إن فريق "الرصد والتحقق" بقيادة الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو بدأ عمله بداية مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري. وأضافت، في بيان، الجمعة الماضي، إن "هذه الفرق تعمل على التحقق، والتقييم، والمراقبة، وتسلم الشكاوى والاختراقات (لاتفاق وقف العدائيات) من جانب طرفي النزاع والسلطات المدنية والمجتمع المدني والجهات الأخرى".