أعلن الرئيسين السوداني عمر البشير والجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، اليوم السبت، اتفاقهما على "تسريع" تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بينهما. جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقداه، اليوم، في ختام زيارة سلفاكير للخرطوم، وهي الأولى له منذ اندلاع النزاع في بلاده في ديسمبر الماضي، وامتدت نحو ثلاث ساعات فقط. وقال البشير -حسب وكالة "الأناضول"- إن زيارة الرئيس سلفاكير تدفع العلاقات بين البلدين للأمام"، مجددا التزام بلاده بتنفيذ الإتفاقيات المبرمة بينهما. من جهته، قال سلفاكير إنه اتفق مع البشير على "تكوين آليات لتسريع تنفيذ الاتفاقيات في القريب العاجل". وأضاف أن الزيارات المتبادلة بينه وبين البشير "لن تنقطع"، وأنه سيأتي للخرطوم مجددا في أقرب فرصة في زيارة تمتد لأيام وليس ساعات. ولم يسمح للصحفيين بطرح أسئلة على الرئيسين بعد تصريحاتهما المقتضبة، حسب مراسل الأناضول. من جهته، قال سفير السودان بجوبا، مطرف صديق، في تصريحات صحفية منفصلة أن وزيري الدفاع بالبلدين عقدا اجتماعا منفصلا، وكذلك وزراء المالية والتجارة لترتيب تسريع تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين. وأوضح أن وزير دفاع جنوب السودان، كوال جوك، سيزور الخرطوم قريبا. وكانت العلاقة متوترة بين الخرطوموجوبا منذ انفصال البلدين في يوليو 2011 بموجب استفتاء شعبي أقره اتفاق سلام أبرم في 2005 أنهى واحدة من أشرس وأطول الحروب الأهلية في أفريقيا. وبعد مفاوضات شاقة وقع الطرفان برعاية الإتحاد الأفريقي على برتوكول تعاون يشمل تسع اتفاقيات أبرزها: تصدير نفط الجنوب الذي لا منفذ بحري له عبر الشمال، واتفاق أمني يمنع أي طرف من دعم المتمردين على الطرف الآخر، وهي الاتهامات المتبادلة بينهما. وتعثر تنفيذ الاتفاقيات لعدة أشهر بسبب اتهام الخرطوملجوبا بمواصلة دعمها لمتمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحارب الجيش السوداني في مناطق متاخمة للجنوب وتتشكل من مقاتلين انحازوا له آبان الحرب الأهلية ضد الشمال ما بين عامي 1983- 2005. وتحسنت العلاقة بين البلدين بعيد حل سلفاكير لحكومته في يوليو الماضي، وتشكيل أخرى جديدة رأت الخرطوم أنها خالية من الوجوه "المعادية" لها بجانب إحالة عشرات الجنرالات في الجيش للمعاش معروف عنهم تشددهم حيال العلاقة مع الخرطوم ومتمسكين بدعم متمردي قطاع الشمال. وأغلب الذين أطاح بهم سلفاكير يتحالفون الآن مع رياك مشار نائب سلفاكير السابق والذي دخل معه في صراع مسلح في ديسمبر الماضي بسبب تنافسهما على السلطة والترشح باسم الحركة الشعبية الحاكمة لانتخابات الرئاسة المقرر لها 2015 لكنه سرعان ما أخذ طابعا قبليا. وينتمي سلفاكير لقبيلة الدينكا ومشار لقبيلة النوير وهما أكبر قبيلتين في جنوب السودان حيث تعلب القبيلة دورا محوريا في الحياة السياسية. وزار البشير جوبا في يناير الماضي وهي زيارة عدها خبراء تحدثوا لمراسل الأناضول وقتها بأنها تحولا في موقف حكومة الخرطوم من الحياد إلى "دعم حذر" لسلفاكير لجهة أن قبيلة النوير تعتبر تاريخيا حليفا للخرطوم منذ سنوات الحرب الأهلية، وتقع في أراضيها غالبية حقول النفط وهي مهمة للاقتصاد السوداني حيث تحصل الخرطوم على نحو 2 مليار دولار سنويا مقابل تصدير نفط الجنوب. وأعلن الجيش السوداني في يناير الماضي أنه لا يوجد اتفاق مع الجنوب لإرسال قوات سودانية لتأمين حقول النفط؛ وذلك بعد ساعات من تصريح لوزير الدفاع بجنوب السودان لم يستبعد فيه طلب مساعدة عسكرية من الخرطوم لتأمين حقول النفط في حال عجز جيش بلاده عن صد المتمردين. وينشط السودان ضمن مبادرة منظمة إيغاد التي تتوسط بين سلفاكير مشار . وباستثناء اتفاق النفط فإن تنفيذ بقية الاتفاقيات التسع متعثر أبرزها اتفاق التجارة الحدودية المهمة لاقتصاد البلدين حيث يستورد الجنوب غالبية حاجياته من الشمال. ولم يكمل الطرفان حتى الآن الإجراءات الفنية المرتبطة بالتجارة الحدودية من فتح المعابر وتحديد النقاط الجمركية وغيرها نسبة للتعقيدات المرتبطة بتأمين الحدود حيث يحارب الجيش السوداني متمردين في مساحة تمتد نحو 60 % من الحدود التي تقارب ألفي كيلو متر بجانب النزاع بين مقاتلي مشار وسلفاكير. وتتخوف الخرطوم من استفادة الحركات المتمردة من استئناف التجارة لتموين مقاتليها لذا تسعى لإنفاذ الاتفاق الأمني الذي ينص على إنشاء منطقة عازلة بعمق 50 كيلو في حدود أي بلد للحيلولة دون دعم أي طرف للمتمردين. ويتهم مشار سلفاكير بأنه يسلح حركات التمرد السودانية للقتال بجانبه.