في وقت تستعد فيه الخرطوم لاستقبال أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني غدا الأربعاء، قال خبير سياسي سوداني إن "تلك الزيارة تضع نظام الرئيس عمر البشير ذي الخلفية الإسلامية في مواجهة مع محور السعودية والإمارات وتزيد من حدة الانقسام في مجلس التعاون الخليجي". وأوضح صفوت فانوس أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم في تصريحات لوكالة "الأناضول" :"إن أمير قطر يعاني من عزلة إقليمية يريد الخروج منها بزيارة دول تتفق معه في المواقف السياسية وعلى رأسها السودان الذي يعد حليفا له". جولة إقليمية ومن المنتظر أن تستقبل العاصمة السودانية غدا، أمير قطر الذي يزور البلاد لساعات فقط، ضمن جولة إقليمية شملت الأردن ، هي الأولى له منذ تنصيبه في يونيو/حزيران الماضي خلفا لوالده حمد آل ثاني. وبلغ الانقسام في مجلس التعاون الخليجي ذروته بإعلان السعودية والإمارات والبحرين في 5 مارس/آذار الماضي، سحب سفرائها من الدوحة واتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وذلك بعد أيام من قرار الرياض تصنيف جماعة الإخوان المسلمين المدعومة من قطر، ك"جماعة إرهابية". زيارة مستفزة وأضاف فانوس أن الزيارة ستكون "مستفزة للسعودية التي تشهد أصلا علاقتها مع الخرطوم توترا بسبب تقاربها مع طهران، حيث أوقفت بنوك سعودية تعاملاتها مع البنوك السودانية مؤخرا ومنعت السعودية طائرة الرئيس البشير عبور أجوائها في طريقه لإيران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني في أغسطس/آب الماضي". ومطلع مارس/آذار الماضي، أعلنت عدد من البنوك السعودية وقف تعاملاتها مع البنوك السودانية لكن الخرطوم نفت أن يكون للقرار أي بعد سياسي وأرجعته لأسباب "اقتصادية بحتة". ورأى فانوس أن "الرياض باتت أكثر وضوحا في معاداتها لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة والمحسوب عليها نظام الخرطوم، لذا فإن زيارة أمير قطر ستزيد من توتر العلاقة مع السعودية وتعمق الخلاف العربي _ العربي". ورجح أن "ترسل الرياض إشارات للخرطوم بعدم رضاها عن زيارة حمد وأن تتخذ مزيدا من الإجراءات ضدها"، وإن لم يوضح طبيعة تلك الإشارات أو الإجراءات التي قد تتخذها الرياض بعد زيارة تميم للخرطوم. وتحتل السعودية المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات العربية بالسودان بواقع 4.3 مليار دولار تليها الإمارات بينما تحل قطر في المرتبة الثالثة بواقع 3.8 مليار دولار، وذلك من أصل 24 مليار دولار هي جملة الاستثمارات الأجنبية في السودان. والرياض ثاني أكبر شريك تجاري للخرطوم بعد الصين ويبلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 4 مليار دولار، وقال سفير الخرطوم بالسعودية إبراهيم عبد الحفيظ، في وقت سابق أن المبلغ سيتضاعف إلى 8 مليار دولار خلال العام الحالي بعد دخول استثمارات سعودية جديدة إلى السودان. ونصح فانوس كل الأطراف ب"التعلم من الدول المتقدمة والسيطرة على الاختلاف حتى لا يتحول إلى صراع". متلقي وليس فاعلا من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم حاج حمد محمد خير إن "السودان بلد متلقي وليس فاعلا في السياسة الخارجية ويحتاج لأي دعم لمعالجة أزماته الاقتصادية، لذا سيعزز تحالفه مع قطر مقابل الحصول على هذا الدعم". وتابع: "قطر بمقدورها أن تغطي جزء كبير من الفارق الذي يحدثه توتر العلاقة مع السعودية وهي أصلا تدعم الخرطوم بسخاء ولا تريد منها غير الدعم المعنوي لأنها تدرك ضعف نفوذها في المنطقة". وترعى الدوحة منذ 6 أعوام مفاوضات سلام بين حكومة الخرطوم ومتمردين بإقليم دارفور غربي البلاد ونجحت في إبرام اتفاق سلام بين الحكومة وحركة مسلحة من بين 4 حركات رئيسية في يوليو/تموز 2011 . وفي أبريل/نيسان الماضي تكفلت قطر بدفع 500 مليون دولار خلال مؤتمر المانحين الذي استضافته لإعادة إعمار دارفور من أصل 3.65 مليار دولار التزمت بها 35 دولة مشاركة. وأعلنت قطر من قبل أنها تعتزم تأسيس بنك لتنمية دارفور برأس مال قدره 2 مليار دولار لكنها لم تعلن حتى الآن عن خطوات عملية. وفي يونيو/حزيران الماضي زار البشير الدوحة لتهنئة تميم بتنصيبه أميرا خلفا لوالده . لكن حمد خير عاد وقال في حديثه لوكالة الأناضول :"رغم ذلك على الخرطوم أيضا أن تحسب خطواتها جيدا لأن السعودية مهمة لاقتصادها وتستضيف 65 % من العمالة السودانية حول العالم". وتبلغ العمالة السودانية في الرياض نحو 200 ألف عامل بحسب إحصاءات سودانية رسمية لكن منظمات أهلية وخبراء يقدرونها بأضعاف هذا الرقم ويقولون أن كثير من السودانيين يعملون بطرق غير قانونية. يذكر أن الجيش السوداني يخوض منذ 2003 حربا ضد ثلاث حركات متمردة بإقليم دارفور، خلفت 300 ألف قتيل وشردت أكثر من مليوني شخص.