تتّصدر واجهة اللوحات الجدارية الإعلانية في غزة شعارات تحث المواطنين على دعم المنتج الوطني، إيذانًا ببدء حملة تهدف لمحاربة البطالة التي تزداد معدلاتها يومًا بعد آخر في القطاع المحاصر للعام الثامن على التوالي. وتنتشر في شوارع غزة صور ولافتات تدعم المنتج المحلي من أبرزها: "اشتري منتج بلدك.. بتشغل ابني وولدك"، في إطار حملة إعلانية أطلقتها، مؤخرًا، وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة الفلسطينية المقالة بغزة ،لتحفيز سكان القطاع على التفاعل الإيجابي مع المنتج الوطني. ويصف وائل الخليلي، مدير عام شركة "مصنع عصير غزة"، الحملة الإعلانية ب"المميزة"، معربًا عن أمله في أن تجني ثمارها بتعريف المستهلك بأهمية دعم المنتج الوطني. وقال الخليلي إن هذه الحملة تهدف إلى تشغيل أيادٍ عاملة، تحلم بأن يكون لديها فرصة عمل في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة. وأضاف: "نحن في المصنع نعتمد على المزارع الفلسطيني، وما تنتجه الأراضي الزراعية في القطاع من حمضيات، وفواكه، ونصنّع عصائر لا تقل جودة عن المستورد، ويعمل في المصنع عدد كبير من العمال خاصة من فئة الخريجين العاطلين عن العمل". وأعرب الخليلي عن فخره بأن المصنع بكافة خطوط إنتاجه يعتمد على الأيدي الفلسطينية والطاقة الشبابية، متمنيًا أن تحظى مصانع قطاع غزة بفرص عمل على مدار العام من أجل القضاء على البطالة. واستدرك بالقول: "صحيح أن إغلاق المعابر، وأزمة الكهرباء والوقود والكثير من التحديات تقف عائقًا أمام استمرار عمل المصانع في قطاع غزة، إلا أن الاستغناء عن المنتج "المستورد" ودعم "المحلي"، سيزيد من فرص العمل، ويخفف من تداعيات الحصار الخانق". من جانبه، يرى أحمد يونس (25 عامًا)، خريج كلية التجارة من الجامعة الإسلامية بغزة، في هذه الحملة الإعلانية فرصة ذهبية أمام آلاف الخريجين لخلق فرصة عمل تنقذهم من جلوسهم الدائم في البيت أو المقاهي. ويتمنى يونس وهو واحد من آلاف الخريجين العاطلين عن العمل أن تؤدي حملة دعم المنتج الوطني إلى زيادة الإقبال عليها. ويستدرك في حديثه لوكالة "الأناضول": "عندما يثق المستهلك بالمنتج الوطني، سيزيد الإنتاج وهو ما سيفتح آفاقًا مهمة للقطاعات التي تعاني من البطالة خاصة الشباب وخريجي الجامعات". ويدعو العامل الغزّي سامر النمرة (45 عامًا) رجال الأعمال الفلسطينيين إلى دعم ثقافة الاستهلاك الوطني، من خلال الاستثمار في مشاريع محليّة تنقذ عمال قطاع غزة من الفقر والأحوال الاقتصادية القاسية. وأضاف "النمرة"، وهو أحد العاطلين عن العمل، في حديث للأناضول: "الاعتماد على المنتج الوطني في كافة القطاعات يخفّف من معدلات البطالة". وبدوره، قال أيمن عابد، مدير عام الدراسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد، إن هذه الحملات الإعلانية تأتي في سياق خطة وضعتها وزارته لعام 2014؛ بهدف تقليل استيراد البضائع الخارجية ودعم المنتج الوطني. وأكد عابد للأناضول أن "هناك رؤية اقتصادية واضحة لدى الحكومة بغزة، تؤسّس لتشجيع القطاع الخاص، من أجل زيادة الإنتاج الوطني: وخلق فرص عمل أكثر". ويعترف عابد بأن نجاح هذه الخطوة يرتبط بجودة الإنتاج، لكي يتقبل المستهلك هذه الثقافة والعزوف عن المستورد. ويحتاج المنتج الوطني المحلي، كما يؤكد معين رجب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، للأناضول، إلى كافة أشكال الرعاية والدعم "المالي والمعنوي". وطالب "معين" بدعم حكومي للمنتج المحلي، وتوفير البيئة الاقتصادية لبناء استراتيجية وطنية تقدم لنا المنتج القادر على المنافسة، وهذا يتطلّب إنهاء كافة أشكال الحصار المفروض على القطاع. ولفت إلى أن الأمر لا يقتصر على إلصاق الشعارات على الجدران، وبث الإعلانات عبر أثير الإذاعات المحلية، بل يجب أن يتم وفق خطة مدروسة تنعش الاقتصاد، وتحارب معدلات البطالة. ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في صيف العام 2007. ويعيش قرابة مليوني شخص واقعا اقتصاديًا وإنسانيًا صعبًا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية. وتخرج مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية سنويًا حوالي 30 ألف طالب وطالبة وتبلغ نسبة العاملين منهم 25%، والعاطلين عن العمل 75%، وفق إحصائيات رسمية. وحتى نهاية عام 2013، تعطّل، وفق اتحاد العمال بغزة، 120 ألف مواطن يعيلون 615 ألف نسمة من بينهم ثلاثة آلاف كانوا يعملون داخل الأنفاق الواصلة بين مصر والقطاع. وترتفع معدلات البطالة والفقر في قطاع غزة، وفق وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة المقالة في غزة، إلى ما يزيد على 39%، وتقول الوزارة إن هذا المعدل ارتفع بشكل غير مسبوق لأسباب اقتصادية عديدة في مقدمتها ما خلّفه إغلاق الأنفاق التي كانت تربط القطاع مع مصر. وكان الفلسطينيون يستخدمون الأنفاق الحدودية لتهريب البضائع والمواد الغذائية من الأراضي المصرية بسبب الحصار الإسرائيلي، إلا أن الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها السلطات المصرية على طول الحدود مع قطاع غزة عقب عزل الرئيس المصري محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013 أوقفت عمل الأنفاق بشكل شبه كامل.