طالبت الدكتورة عزة العشماوي، أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة بضرورة العمل علي مواجهة التحديات للتصدى لزواج الأطفال، وزواج الصفقة مثل التحايل على القانون من خلال عقد الزواج بعقد عرفي ثم التصادق على الزواج بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانوناً، حيث يستند البعض إلى شرعية العقد فهناك اتجاه ديني سائد أن العقد شرعي، ويجب تغليظ العقوبة علي المآذونين المخالفين لأنها غير رادعة. وشددت الدكتورة عزة فى كلمتها اليوم السبت، خلال الحلقة النقاشية "مخاطر زواج الأطفال وزواج الصفقة وغيره وما ينتج عنه من مشكلات اجتماعية وقانونية "على ضرورة العمل على إيجاد بعض الحلول غير التقليدية للحد من هذه الظاهرة مثل المشروعات المدرة للدخل وغيرها من قبل منظمات المجتمع المدنى، وتفعيل الدور الأمنى وأدلة البحث لضبط المخالفين ممن خول لهم القانون سلطة عقد الزواج، وتحجيم ومعرفة من يقوم بذلك الجرم الذى يعاقب علية القانون، وإعادة النظر لتعديل قانون الزواج من غير المصريين. وأشارت إلى أهمية أن يتم إصدار قرار فوري بالحبس الاحتياطي فى مثل هذه الجرائم إذا ما توافرت الظروف والمبررات لذلك مع سرعة إنجاز التحقيقات، وحسن معاملة الأطفال سواء المتهمين أو المجني عليهم أو الشهود، و أهمية الاستناد إلى حكم المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 الذي يضاعف العقوبة إذا ما وقعت الجريمة على طفل. ونوهت بأهمية دور المؤسسة الدينية لما لها من دور مهم فى نشر المفاهيم الدينية الصحيحة، ووضع برنامج عمل لتدريب الأئمة والدعاة، وضرورة توقيع الفحص الطبي على الزوجين قبل عقد الزواج ليس به أدنى مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية، مشيرة إلى أهمية أن يستقر فى وجدان الناس كافة ورجال الدين بصفة خاصة أنه لولى الأمر أن يتدخل لسن قوانين ووضع قيود وضوابط لأمر ما تبعاً لأحوال الزمان والمكان وحاجة الناس وصيانة الحقوق بما يعود بالنفع على المجتمع. وقالت "إننا في حاجة إلي إعادة النظر فى تعديل نص المادة رقم 227 / 1 من قانون العقوبات التى تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن 300 جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقاً كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق"، بحيث يتم اعتبار السن من البيانات الجوهرية وتشديد العقوبة بالسجن على المأذونين، ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية وإمكانية اعتبار التصادق على الزواج جنحة، حيث يتحايل البعض علي القانون من خلال عقد الزواج بعقد عرفي ثم التصادق على الزواج بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانونا. وتساءلت الدكتورة عزة عن قصور البيانات، وهل التصادق علي عقود الزواج ساهم في زيادة معدلات الزواج العرفي والتحايل بحجة "صحة التوقيع"، لاسيما التحايل باستخدام نص المواد 45 و46 و47 من قانون الإثبات. وأكدت أن زواج الصفقة أو الزواج الصيفي يختلف عن زواج الأطفال، وإن كان كلاهما خرقا للقانون ولحقوق الإنسان والطفل وهو صفقة تعتبر خلالها الطفلة سلعة تباع وتشترى بموجب اتفاق خسيس بواسطة سماسرة وبمباركة الأسرة، الهدف منها هو ممارسة الدعارة وليس للزواج، الذي ننأى بأن نطلق عليه كلمة الزواج "الرباط المقدس"، الذي شرعه الله سبحانه وتعالى لاستمرار البشرية، لافتة إلى أن هذا النمط من الممارسات هو اتجار صريح بالبشر وفقا للمادة 2 من القانون 64/ 2010 حيث أنه تعامل في شخص طبيعي ووساطة وسمسرة بغرض الحصول على منفعة مالية. كما أكدت أنه بموجب القانون تغلظ العقوبة إذا ارتكبت من قبل جماعة إجرامية منظمة، أو من كان له وصاية على الطفلة الضحية، أما عن كلمة زواج القاصرات، فهو مصطلح خاطئ ودارج وللأسف ترجمة غير دقيقة للزواج القسري، لأن القاصر هي من دون 21 سنة وفقاً للقانون، وفي كلتا الحالتين "زواج الأطفال" أو "زواج الصفقة" جريمة تفقد بموجبها الطفلة حقوقها وكرامتها الإنسانية جريمة تؤدي بها إلى الهاوية ودائرة مفرغة تكرس الفقر والجهل، جريمة تحكم حلقاتها حول الطفلة في حلقة لا إنسانية من الاعتلال الصحي والتعليمي والاجتماعي. ومن جانبه، قال المستشار أحمد السرجاني مساعد وزير العدل لقطاع حقوق الإنسان ورئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر "إن قضية زواج الأطفال مشكلة اجتماعية خطيرة تحتاج إلي تضافر الأجهزة المعنية بالتعاون مع قطاع حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن هناك أطر تشريعية منظمة لهذه القضية وعلي رأسها قانون الطفل 12/1996 المعدل بالقانون 126 / 2008. وأضاف أن القانون تضمن في مادته الأولي كفالة الدولة لحماية الطفولة والأمومة وكفالة تطبيق حقوق الطفل الواردة بإتفاقية حقوق الطفل وتحديد سن الطفل ب18 سنة، وأن تكون حماية الطفل ومصالحه الأفضلية في جميع القرارات المتعلقة بالطفولة، وقانون الإتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 ، وتضمنت المادة 2 بأنه يعد مرتكبا جريمة الإتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعي بالبيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الإستخدام أو النقل أو التسليم وإذا كان التعامل بقصد الإستغلال، وتضمنت المادة 3 عدم الإعتداد برضاء المجني عليه علي الإستغلال بالأطفال سواء تم من الطفل أو المسئول عنه أو متوليه. وأشار إلى أن المادة 5 و6 من القانون العقوبات والغرامات لتلك الجرائم والقانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية، المادة 31 مكرر من قانون الأحوال المدنية، والتى تنص على أنه "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة، والموثق الذي يخالف هذا الشرط فضلا عن مساءلته تأديبيا يعاقب بالحبس لمدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تجاوز 300 جنيه، إعمالاً لنص المادة (227) من قانون العقوبات". فيما أشار اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان إلى أن قضية زواج الأطفال من أبرز القضايا التي تمس حقوق الأطفال الفتيات وتثير اهتماما دوليا ملموسا، وهي قضية زواج الصغيرات وحملهن قبل 18 عاما، حيث حذرت الأممالمتحدة من خلال تقريرها الصادر من صندوقها للسكان بعنوان أمومة في عمر الطفولة من هذه الظاهرة السلبية، مللا علي خطورتها للواقع القاسي للمراهقات والتكاليف الباهظة لما أسماه "أمومة الطفولة". وأوضح أن 70 ألف فتاة تموت سنويا بسبب مضاعفات الحمل والولادة في سن المراهقة، لافتا إلى أن كل يوم تنجب 20 ألف فتاه تحت سن 18 عاما في مختلف مناطق العالم النامي، مبينا أنه فى ذات الإطار فقد شهد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة زيادة معدلات ظاهرة زواج الأطفال، والذي يعد إحدي صور الاتجار بالبشر، وأن أجهزة وزارة الداخلية لا تدخر جهداُ للتصدي لهذه الظاهرة والمخاطر التي تلحق بالأطفال. ومن ناحيته، أكد الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بجامعة الأزهر أن الشريعة الإسلامية تولي حقوق الطفل حماية واجبة لأن حق الطفل في الإسلام من حقوق الله، لأنه من الفئات الضعيفة التي لا تستطيع حماية نفسها وحقوقها، كما نهي الإسلام عن الزج بالأطفال في مثل هذه الممارسات مثل زواج الأطفال وزواج الصفقة. وقال المستشار أشرف حجازي مدير الإدارة العامة للحماية القضائية للطفل بوزارة العدل "إن الزواج الشرعي هو عقد وضعه الشرع ليزيد الميثاق الغليظ من العقد المحكم يحل بموجبه لكل طرف الاستمتاع بالآخر لإنشاء أسرة، والزواج هو عمارة الكون، مع الأخذ في الاعتبار الكفاءة وحسن الاختيار لتحقيق الوقاية، وهو ما يتنافي مع ما يسمي بزواج الأطفال، موضحا أن النصوص الإسلامية وصلت إلي أبعد من الاتفاقيات الدولية وحددت الأهداف السامية للزواج وهي المودة والرحمة، مؤكدا علي دور الرائدات الريفيات في المساهمة في الحد من ظاهرة زواج الأطفال لما لهم من علاقات تربطهم بالأسر". وبدور، أشارالقس الدكتور صفوت البياضى إلى أن زواج القاصرات يعد جريمة في حق الوطن وفي حق العائلة وفي حق الأطفال، وأن البلوغ ليس بلوغ الأمر بل أنه بلوغ العقل ونضوج العاطفة، وتقدير المسئولية التي هي منظومة قوام الأسرة السليمة المنتجة للأجيال الصالحة. وأوصي المستشار أحمد أبو العينين رئيس الأمانة الفنية للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر بضرورة تشديد العقوبة علي المأذونين الذين يقومون بتحرير عقود الزواج للفتيات اللاتي لم تبلغن 18 عاما وقت العقد، حيث أن قانون العقد يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة التي لا تزيد عن 300 جنية، وإعادة التطرق للائحة المأذونين وإشتراط عدم إجراء والإعتداد بالشهادة الطبية بتقدير سن الزوجة إلا إذا قدم محضر رسمي يفيد أنه مقيد بسجلات المواليد، والتأكيد علي دور المجتمع المدني في مكافحة ظاهرة العنف ضد الفتيات ومكافحة زواج القاصرات والصفقة بصفة خاصة. وشدد على دور رجال الدين في التوعية بمخاطر زواج الصفقة وزواج القاصرات، ومعاقبة كل من زوج أنثي قبل بلوغها السن القانونية أو اشترك في ذلك، فضلا عن أهمية عقد دورات تدريبية للمأذونين الشرعيين توضح أحكام اللائحة والقوانين ذات الصلة. كما شارك فى الحلقة النقاشية المستشار ماجد أبو بكر عضو المكتب الفني مساعد وزير العدل للشهر العقاري، والمستشار ماجد أبو بكر عضو المكتب الفني مساعد وزير العدل للشهر العقاري، بالإضافة إلى ممثلي الجهات والوزارات المعنية والمجتمع المدني، وعدد من الرائدات الريفيات، إلى جانب عدد من الفتيات اللاتي تعرضن للزواج المبكر.