توقع خبراء سياسيون فلسطينيون أن يكون إطلاق حركة الجهاد الإسلامي، صواريخا على مستوطنات محاذية لغزة، مساء الأربعاء، قد جاء بالتوافق مع حركة "حماس"، التي تدير الحكم في القطاع منذ عام 2007. ورأى الخبراء في أحاديث لوكالة "الأناضول" أن حركة حماس، سعت من خلال هذا التصعيد إلى إيصال رسالة لإسرائيل، مفادها بأن "المقاومة لن تصمت على اعتداءاتها المتواصلة، وحصارها المفروض على غزة". رسائل صاروخية وأكد أحمد يوسف، رئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات بغزة ، أن هذا التصعيد جاء ضمن "تفاهمات فلسطينية داخلية، سعت لوضع محددات لملامح وتفاصيل التهدئة المطلوبة مع إسرائيل". وأضاف:" حركتا حماس والجهاد، باعتبارهما الأقوى، والأكبر تأثيرا في معادلة الصراع مع إسرائيل، اتفقتا على إيصال رسالة لإسرائيل بأن قطاع غزة لن يقف مكتوف الأيدي أمام الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية المتكررة، والحصار الذي تضيق حلقاته يوما بعد يوم". وكانت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أعلنت مساء أمس الأربعاء، أنها قصفت مستوطنات محاذية لقطاع غزة، بعشرات الصواريخ ردًا على "الاعتداءات الإسرائيلية، المتواصلة على غزة، كان آخرها مقتل ثلاثة شبان من عناصرها جنوبي القطاع". ولم يستعبد يوسف أن تكون حركة حماس قد "خلقت مع الجهاد هذه الأجواء من التوتر لإيصال رسالة إلى جميع الأطراف الدولية بأن التهدئة يقابلها تهدئة، والعدوان يقابله عدوان". وأضاف يوسف:" سكان قطاع غزة، وصلوا لمرحلة غير مسبوقة من الإحباط، بفعل تداعيات الحصار، وسوء الحالة المعيشية، وهذه الجولة قد تجبر إسرائيل عن فهم المعادلة الحقيقية للتهدئة". ووقّعت الفصائل الفلسطينية اتفاق تهدئة مع إسرائيل في نوفمبر 2012 بوساطة مصرية تم بموجبه وقف هجوم إسرائيلي على قطاع غزة استمر لمدة 8 أيام، وأدى لمقتل نحو 160 فلسطينيا و6 إسرائيليين، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، وصحف عبرية. بيان الجهاد وتقول حركة الجهاد الإسلامي في بيان تلقت "الأناضول" نسخةً عنه إنها ردت على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وأنها أحصت أكثر من 1400 خرق إسرائيلي للتهدئة". وأكدت الجهاد الإسلامي في بيانها أنّ لديها "خطة كاملة بالتوافق مع فصائل المقاومة على كيفية توسيع الرد على العدوان الإسرائيلي في حال تصاعده". حماس والجهاد ويرى إبراهيم المدهون رئيس مركز "أبحاث المستقبل" بغزة، أن رد وتصعيد حركة الجهاد الإسلامي، جاء بالتوافق مع حركة حماس للرد على الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق الفلسطينيين. وقال المدهون إنّ رد حركة الجهاد الإسلامي لم تخرج عن إجماع المقاومة، بأحقيّة الرد على خروقات التهدئة، حسب قوله. وتابع:" واضح أن الرد جاء بدعم واتفاق فصائلي لإيصال رسائل سياسية، في مقدمتها أنه من غير المنطق والمقبول استمرار التهدئة بشكلها الحالي، والإمعان في حصار قطاع غزة بشكل فج". وأضاف المدهون، أن حركة حماس "تدعم هذه الرؤية، وتسعى لخلق حالة من كسر الصمت والجمود، للخروج إلى ما هو أفضل". وحذر المدهون من أن الوضع في غزة يبقى "معقدا"، وتحكمه الكثير من العوامل السياسية، والأمنية وهو ما يتطلب رؤية موحدة ومشتركة من قبل فصائل المقاومة في قطاع غزة. تهدئة وحصار وفي ذات السياق، يؤكد "عبد الستار قاسم" الكاتب الفلسطيني والمحلل السياسي، إن حركة حماس، تريد "تهدئة يقابلها وقف كامل للعدوان، وإنهاء للحصار". ويرى قاسم، (وهو أستاذ علوم سياسية سابق في جامعة النجاح بمدينة نابلس) أن حركة حماس اتفقت مع حركة الجهاد الإسلامي، على إيصال رسالة واضحة لإسرائيل بأن الفصائل لن تقبل بهذا الوضع السياسي. وتابع:" حماس تريد جني بعض الثمار والاستحقاقات على الأرض، وفي مقدمتها التخفيف من الحصار المفروض على القطاع، وإجبار مصر على فتح معبر رفح المغلق، وأن يتم كسر عزلتها السياسية". معاناة العزلة وتعاني حركة حماس التي تتولى إدارة الحكم في قطاع غزة، من عزلة فرضتها متغيرات الوضع العربي والإقليمي، حيث فقدت مؤخرا حليفا قويا بعد عزل الجيش المصري بمشاركة قوى وشخصيات سياسية ودينية للرئيس السابق محمد مرسي في يوليو الماضي. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ إطاحة قادة الجيش، بمشاركة قوى شعبية وسياسية ودينية، بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو الماضي. وتتهم السلطات المصرية، حركة "حماس"، التي تدير غزة، بالتدخل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ "عمليات إرهابية وتفجيرات" في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وأصدرت محكمة "الأمور المستعجلة"، بالقاهرة، الأسبوع الماضي، حكما قابلا للطعن، بوقف نشاط حركة "حماس"، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل بمصر. الدهاء السياسي وأكد قاسم، أن باستطاعة حركة حماس وبالتوافق مع حركة الجهاد الإسلامي، إدارة المعركة سياسيا بنجاح، شرط تشكيل غرفة مشتركة وموحدة لإدارة المعركة ميدانيا، وسياسيا. وتابع:" بإمكان إسرائيل أن تخفف الحصار عن قطاع غزة، في حال تمت إدارة المعركة بنوع من الدهاء السياسي". وكان الجيش الإسرائيلي قد اتخاذ سلسة إجراءات عقابية، ضد غزة أهمها إغلاق كافة المعابر الحدودية مع قطاع غزة، ووقف إدخال البضائع والمواد التموينية للقطاع حتى إشعار آخر. ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في صيف العام 2007. ويعيش قرابة مليوني واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.