من حين لآخر أشاهد صورا جميلة للعطاء الإنسانى وتتمثل فى اشخاص يقومون بمبادرات انسانية تعطى للحياة معنى .. آخر ما قرأت هو مشروع التعليم الذى تتبناه المغنية الكولومبية شاكيرا حيث افتتحت مدرسة تستوعب 2000 طالب فقير ضمن مؤسسة تعليمية ومجمع كبير يقع على مساحة 7700 متر وتبلغ تكاليفه ما يقرب من 8 ملايين دولار وترى شاكيرا ان التعليم هو الطريق الوحيد لتحقيق المساواة بين الناس وهو اكبر فرصة لمواجهة الفقر .. هذا ما قاله طه حسين منذ سنوات وما فعلته الأميرة فاطمة ابنة الخديو إسماعيل حين تبرعت بمجوهراتها لإنشاء جامعة القاهرة وتنازلت عن 650 فدانا مازالت حتى الآن شاهدا على عصر من الوفاء لهذا الوطن .. إن شاكيرا المغنية البسيطة التى حققت شهرة عالمية لم تبخل على وطنها بأن تقيم مؤسسة تعليمية للفقراء .. ولو ان رجال الأعمال فى مصر الذين حققوا ثروات هائلة من أموال الشعب قاموا بمثل هذا العمل لوجدنا فى مصر نظاما تعليميا مختلفا .. ان المدارس الخاصة فى مصر مشروعات اقتصادية هدفها الربح واصبحت تمثل عبئا ثقيلا لكل من يسعى اليها ..وحتى الجامعات الخاصة اصبحت مشروعات استثمارية مثل مصانع السيراميك والبلاط ولا تفرق بين بناء العقول وبناء العقارات .. كنت اتصور فى هذه الظروف الصعبة التى تعيشها مصر ان يقوم رجال الأعمال من الأثرياء ببناء عدد من المشروعات التعليمية ولو ان كل واحد منهم اقام مدرسة او مدرستين او تبرع بمبلغ من المال للدولة لكى تقيم هذه المدارس لرفعنا عن كاهل الحكومات نفقات كثيرة..منذ عشرات السنين كان اثرياء مصر يبنون المستشفيات والمدارس ودور المسنين وأطفال الشوارع ولكن الغريب الآن ان مثل هذه الأنشطة والأعمال الخيرية لا تجد من يشجعها .. كانوا يفعلون ذلك فى السر ولا تجد احدا منهم يمن على الناس بأنه فعل ذلك.. والأن لا احد يفعل شيئا وإذا عالج مريضا او انقذ محتاجا او قدم مساعدة لأحد المستشفيات تقرأ القصص وتسمع الحكايا وتشاهد البرامج على الشاشات .. انه العطاء الكاذب الذى يفسد كل شئ . نقلا عن صحيفة " الاهرام" المصرية