كثير من المسلمين يُسحقون في كثير من بقاع الأرض، ولا يَعرف إخوانهم في الدِّين معاناتهم إلا النَّذْرُ اليسير، بل إن البعض لم يسمع عن هذه الحوادث التي تقع في بلدان العالم ومن ضمن هذه الدول إفريقيا الوسطى التي يعيش فيها المليشيات على قتل المسلمين. ميليشيا التدمير وفي حيّ "ميسكين"، في بانجي بعاصمة أفريقيا الوسطى، كانت مجموعة من السكان المسيحيين بصدد تدمير مسجد الإمام إبراهيم.. وكان الجمع الغفير يخرّب الجدران وينتزع الطوب بغية استخدامه في أعمال البناء أو بيعه في السوق. وفي منعطف غير بعيد عنه، انهمكت مجموعة ثانية في تفكيك قطع سيارات وشاحنات قالوا إنّهم سرقوها من السكان المسلمين ومن موظفي الإدارات خلال الفترة التي عمّت فيها الفوضى. وهذا الحيّ يُقيم الزعيم المحلي لميلشيات "مناهضو بالاكا" المسيحية، وقبل تولّي "هذا المنصب"، كان ضمن صفوف القوات المسلّحة لإفريقيا الوسطى لمدّة ناهزت ال 11 سنة.. بدا الرجل (لم يذكر اسمه) في غاية الحماس وهو يجيب مراسل وكالة "الأناضول" عمّا إن كان سيسمح للمسلمين بالعودة إلى منازلهم قائلا: "نحن السكان الفعليون لإفريقيا الوسطى، أمّا جماعة السيليكا (المسلمة)، فهم أجانب.. لقد قرّرنا الدفاع عن موطننا، وأنا هنا بأمر من رؤسائي لحماية الحيّ (يقصد حي ميسكين)". ودافع رجال الميليشيات عن تعاملهم بتلك الوحشية من أجل أن يتسنّى لهم رواية ذكرياتهم .. "نريزي كاني"، عضو ميليشيا "أنتي بالاكا"، قال شاهرا مديته: "بهذه المدية قتلت أكثر من 30 مسلما.. المضحك في الأمر أنّ النساء يومها كنّ يصحن يا الله، يا الله، وكأنّني أفهم العربية!!". حرق المصحف وفي خضمّ الصخب الذي ساد المكان، رافق عدد من السكان المسيحيين مراسل الأناضول إلى المسجد الذي تمّ تدميره.. كانت أوراق المصحف الشريف المحترقة متناثرة في كلّ الزوايا .. أمّا الجدران المخضّبة بالدماء وبآثار الطلقات النارية، فقد كانت شاهدة على بشاعة ما ارتكب في ذلك المكان من جرائم.. أحد عناصر "أنتي بالاكا" كان يقف غير بعيد عن ضريح بوسط ساحة المسجد، التقط منجله وبدأ بنبش التراب متمتما بعبارات ساخرة: الضريح كان ل "طه" شقيق الجنرال "نورالدين" أحد زعماء سيليكا، والذي قتل على أيدي الجنود الفرنسيين عقب حملة لنزع السلاح. الكتاب المقدس وبابتعاده عن الضريح، انحنى بمعية عناصر أخرى تابعة للميلشيات المسيحية ليجمع صفحات من المصحف الشريف.. أحدهم قال في استخفاف وهو يتأمّل طرف الورق المتآكل بفعل النيران "نحن لا نعترف بمحمد.. إنّه ليس إله الكتاب المقدّس". موجة الحقد الطائفي بدت لا حدود لها لدى "مناهضو بالاكا".. حقد أدّى إلى استهداف المسلمين في حي "ميسكين" وأجبرهم على الهروب خوفا من بطش الميلشيات المسيحية.. أغلبهم حصل على ملاذ له في الأحياء المحيطة بمطار بانغي والمسجد الكبير.. أمّا البعض الآخر، فقد فضّل البحث عن ملجأ في الدول المجاورة، فيما لم يتسن الحصول على عدد القتلى أو الهاربين. الأممالمتحدة وحذرت مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين، الثلاثاء الماضي، من المخاطر المحدقة بحياة المسلمين المحاصرين على أيدي ميليشيات "مناهضو بالاكا" المسيحية. وذكرت المفوضية العليا لشئون اللاجئين، في بيان لها، أن "غالبية المدنيين المسلمين يخضعون لحصار مشدد في نحو 18 موقعًا مختلفًا في شمال غرب وجنوب شرق أفريقيا الوسطى، بما في ذلك العاصمة بانغي". وفي مارس من العام الماضي، انحدرت أفريقيا الوسطى -الغنية بثروتها المعدنية- إلى دوامة جديدة من العنف، وشهدت حالة من الفوضى والاضطرابات بعد أن أطاح مسلحو مجموعة "سيليكا" الإسلامية بالرئيس فرانسوا بوزيز، وهو مسيحي جاء إلى السلطة عبر انقلاب في عام 2003. وتطور الأمر إلى اشتباكات طائفية بين سكان مسلمين ومسيحيين، شارك فيها مسلحو "سيليكا" و"مناهضو بالاكا)، وأسفرت عن مقتل المئات، وفقا لتقديرات وكالة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين.