شاركت دار "تنوير" للنشر والتوزيع هذا العام بأربع إصدارات هامة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يختتم اليوم فعالياته ، وقد حظت رواية "الرئيس" للدكتور محمد العدوي بمبيعات كبيرة لدى كافة الموزعين هذا العام، فيما برزت أسماء أعمال جديدة لدى الدار وهي "الخلافات السياسية بين الصحابة" لمحمد بن المختار الشنقيطي، "نقد الليبرالية" للطيب بوعزة، و"الإسلام الديمقراطي المدني" لشيريل بينارد. في كتاب "الخلافات السياسية بين الصحابة" يقول المؤلف : إن جيل الصحابة لم يكن غير مجتمع بشري فيه الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات بإذن الله، وليست غلبة الخير على أهل ذلك الجيل مسوغاْ كافياْ للتعميم والإطلاق، وإضفاء صفات القدسية على كل فرد فيه، مما يناقض حقائق الشرع قبل حقائق التاريخ. وإذا كان لأهل الحديث مبررهم في قبول رواية كل الصحابة دون استثناء، فإن تحويل عدالة الرواية في السلوك بشمل كل الصحابة خلط في الاصطلاح، وتنكر للحقيقة الساطعة لا يليق بالمسلم الذي يؤثر الحق على الخلق مهما سموا" "لقد استاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمُلكْ فلم لا نستاء نحن منه ، ونستاء ممن أدخله على الإسلام وأهله ؟ وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، والعض عليها بالنواجذ، فلم لا نعض عليها كما أمرنا؟ ولماذا نتنازل عنها بجرة قلم تكلفاً وتأولاً لأشخاص ليسوا بمعصومين ، وإهداراً لقدسية المباديء الإسلامية حفاظاً على مكانة أولئك الأشخاص أما في رواية محمد العدوي، فيذهب المؤلف لشخصية بن سينا، والذي ينعته ب"الرئيس" ، وقد قدم للرواية محمد المخزنجي، وجاء في كلمة الناشر : في هذا العمل الفنِّي الرائق تمتزج شخصيَّتا الراوي والمروي عنه بنعومةٍ كما تمتزج الأرواح العاشقة، فلا تستشعر نفورًا لتغيُّر المكان، ولا تُحسُّ توجُّسًا من الارتحال بين الأزمان. في هذه السيمفونيَّة امتزج العدوي بابن سينا؛ فما عُدتَ تستطيع التفرقة بينهما، فقد نُسجا في دقّة وبراعة شعريَّة كما يُنسج بساطٌ فارسيٌّ من الصوف أو الحرير الطبيعي؛ دقيق الصنع بارع الألوان. وإذا كان بعض النُقاد يعتبر العمل الفنِّي الحقيقيَّ سيرة ذاتيَّة، فإن هذه الرواية هي سيرة ذاتيّة للمؤلف بقدر ما هي سيرة للطبيب الفيلسوف ابن سينا. هي سيرة ابن سينا كما انطبعت في روح كاتبها الذي رسم من تمازج الأرواح لوحة لا مثيل لها أما في كتاب شيريل بينارد فنقرأ عن مؤسسة راند والتي تعتبر أهم مراكز الدراسات الاستراتيجيّة الأميريكيّة على الإطلاق، ويعدُّها البعض "العقل الاستراتيجي الأميريكي"، وهي الذراع البحثي شبه الرسمي للإدارة الأميريكيّة والبنتاغون بوجه خاص وفي إطار الجهود الاميريكيّة لإعادة رسم الخريطة السياسيّة والاقتصاديّة للعالم الإسلامي بعد 11 سبتمبر 2001؛ صدر هذا التقرير/الكتاب والدراسة تحاول تحديد ملامح الاستراتيجية التي يتعين على الإدارة الأميريكيّة تبنّيها من أجل "إعادة بناء الدين الإسلامي"؛ وذلك لدمجه في المنظومة الديمقراطيّة الغربيّة. وهي استراتيجيّة تُبنى أساسًا على قطع موارد الأصوليين، ودعم وتمويل الحداثيين والعلمانيين وهذه الدراسة موجّهة بالأصل لصانع القرار الأميريكي؛ لاستكمال البُعد المعرفي في السياسات الأميريكية في مواجهة "التطرف الإسلامي"، فيجب قراءتها في هذا السياق. والانتباه إلى أن المصطلح المستخدم ليس مُطلقًا، بل هو يُعبّر عن رؤية متحيّزة بطبيعتها لإمبرياليّة معرفيّة؛ تسعى لتشكيل "الآخر" المسلم طبقًا لتصوّراتها الخاصة، والتي تُسبغ عليها مطلقيّة معرفيّة وإنسانيّ وفي الكتاب الأخير "نقد الليبرالية" يقول المؤلف : الذي جعلني أخص هذه الفلسفة السياسية والاقتصادية بالنقد هو أنها باتت تقدم حاليًا بوصفها الأنموذج الوحيد لتسيير الشأن السياسي والاجتماعي. حيث صارت الليبرالية، منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين؛ تسوق بوصفها "الدين الخاتم"! الذي لا يعرض فحسب على غير المؤمنين به ويُترك لاقتناعهم من عدمه، بل يُفرض بوصفه إلزامًا لا خيار معه. وقد تنوعت طرائق الإلزام حتى وصلت في بعض لحظات تاريخنا المعاصر للتدخل العسكري المباشر، بغرض إشاعة نمط "اقتصاد السوق" وما يرتبط به من آليات سياسيّة وقيم اجتماعية! وتناولي لليبرالية بالنقد لا يعني أنني أعارض مبدأ الحرية الإنسانية، أو أعارض التنظيم السياسي وفق مبدأ الديمقراطية، فأنا أراهما شرطين ضروريين لترقية الواقع وضبط اختلافاته وتصريفها. وإنما نقدي لليبرالية سببه أنها ليست في جوهرها تحريرًا للكائن الإنساني، إنما هي تحرير لرأس المال، ليتحول من أداة إنتاج تخضع للمراقبة الاجتماعية، إلى كيان كُلّي مهيمن يتحكم في الاقتصاد والسياسة والإعلام ... ويوجه مسار الحياة الإنسانية وفق منطقه المادي القاصر