القدس: سادت حالة من السخط بين الأدباء والمثقفين العرب بعد أن أعلنت إسرائيل أن نادين جورديمر الكاتبة الجنوب إفريقية الحاصلة على جائزة نوبل وافقت على زيارة إسرائيل لتحل ضيفة على معرض الكتاب الدولي الذي يقام في القدس منتصف مايو، وانتشرت دعوات الاستهجان والمطالبة بمقاطعة جورديمر. وتأتي مشاركة جورديمر في إطار احتفالات الإسرائيليين باغتصاب فلسطين قبل 60 عاما، حيث يقام معرض كتاب دولي، في الفترة من 11 إلى 15 مايو، وتشرف على تنظيمه مباشرة وزارة الخارجية الإسرائيلية. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية - كما نقلت جريدة "القاهرة" المصرية - أن موافقة أديبة نوبل على المشاركة جاءت بعد تردد طويل، وبعد محادثات مع الأديب الإسرائيلي عاموس عون. وقالت الصحيفة إن جورديمر تعرضت لضغوط سياسية لإلغاء زيارتها إلى إسرائيل، لكنها وافقت على الحضور بعد أن اشترطت ترتيب لقاءات لها مع فلسطينيين خلال الزيارة. وتلقت نادين جورديمر في الأسابيع الأخيرة دعوات كثيرة للمشاركة في المقاطعة الثقافية المفروضة على إسرائيل، وخلال عيد الفصح اتصلت جورديمر بإدارة المعرض وأبلغتهم أنها لن تسافر إلى إسرائيل للمشاركة في هذا الحدث إلا بعد أن يرتب لها سلسلة لقاءات مع فلسطينيين. وقالت أن هناك من يفسر زيارتها إلى إسرائيل كاعتراف بالابارتهايد "التفرقة العنصرية" الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. وقالت إنها كفائزة بجائزة نوبل وكمناضلة من أجل حقوق الإنسان لا يمكنها أن تسمح بذلك لنفسها. وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الأديب الإسرائيلي عاموس عوز أجرى مباحثات مع نادين جورديمر، واستخدم وسائل عدة لإقناعها بالسفر إلى إسرائيل. تقول باعيل نهري مديرة المعرض: "نظمنا لها لقاءات مع الجانب الفلسطيني، سوف تلتقي مع سري نسيبة "59عاما" وهو رئيس جامعة القدس، حيث تشارك في لقاء الطلاب هناك. وسوف تسافر إلى رام الله في جولة مع حاييم اورون "68 عاما" وهو رئيس حزب ميرتس اليساري العلماني، وأحد مؤسسي حركة السلام الآن المناهضة للاستيطان. وسوف تلتقي أيضا مع روبي ديملين مديرة المنتدى الفلسطيني الإسرائيلي للعائلات الثكلى". وقال عوز "كانت جورديمر تحت ضغط شديد من جانب دوائر راديكالية في جنوب إفريقيا وفي أنحاء العالم لمقاطعة المهرجان في إسرائيل، لربطه على ما يبدو باحتفالات إسرائيل بالذكرى الستين لقيامها، وفي النهاية اتخذت قرارا شجاعا بالمشاركة في المهرجان". وذكرت هآرتس ان عوز على علاقة صداقة ب نادين جورديمر منذ سنوات كثيرة. وردا على سؤال حول المقارنة بين نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. قال عوز - وفقا لنفس المصدر - "أنا لا أحب مثل هذه المقارنات، فهي سطحية وما كان هناك لا يشبه ما يحدث هنا. لم يكن هناك عالم إسلامي ولم يكن هناك عنصر ديني في الصراع. والحل هناك لا يناسب المشكلة هنا لدينا ما يكفي من السوء هنا دون عقد مقارنات". ونادين جورديمر أديبة يهودية عمرها 84 سنة تعيش في جوهانسبرج، وطوال سنوات كانت ناشطة سياسية ومناضلة من أجل حقوق السود وضد نظام التمييز العنصري الحاكم في جنوب إفريقيا. في 2001 دعت صديقتها الأمريكية سوزان سونتاج إلى عدم زيارة إسرائيل. نشرت جورديمر حتى اليوم أكثرمن عشرين كتابا، تتضمن قصصا وروايات. ومنذ الأربعينات كانت تتطرق إلى موضوعات سياسية ساخنة في جنوب إفريقيا ، في 1990 وبعد الإفراج عن نيلسون مانديلا، انضمت نادين جورديمر إلى حزب المؤتمر الإفريقي الوطني. وعرفت نادين جورديمر بمناصرتها لحقوق الفلسطينيين، وطالبت مرارا بجلاء اليهود عن فلسطين وبحق الشعب الفلسطيني في أرضه. وأشاد بها المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد وكان يعتبرها نموذجا "للمثقفين المقاومين". وفي عام 2005 حلت جورديمر كضيفة شرف على معرض القاهرة الدولي للكتاب، وزارت أديب مصر العالمي نجيب محفوظ في منزله. بل إنها كتبت تقديما لروايته "أصداء السيرة الذاتية". وفي احدى حواراتها أشارت نادين جورديمر إلى أن الكاتب لا يجب أن يعيش في برج عاجي أو ينعزل عن قضايا مجتمعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولكنه يجب أن ينخرط في تلك القضايا وأن يكون له دور إيجابي في المساهمة في حلها. وتفرق نادين جورديمر بين دور الكاتب كمبدع ودوره كإنسان قائلة: يجب حقاً أن يكون للكاتب دور اجتماعي وسياسي، ولكن الكيفية هي المشكلة. فالكاتب في أعماله الإبداعية غير مطالب بتوجيه النصائح والإرشادات أو فرض موقف معين على القارئ لأنه ليس خطيباً أو داعية إلى أفعال بعينها، ولكنه يرتقي بقلمه فوق اللغة المباشرة ليعبر عن الصراع الإنساني، فالكاتب يغمس يده في حياة الإنسان ثم يرفعها وهي ملونة بجزء من الحقيقة الإنسانية.