دوجلاس ليتل : من جعل إسرائيل غربية والشرق إرهابي؟ غلاف الكتاب محيط - خاص القاهرة: يناقش الصالون الثقافي للمركز القومي للترجمة في تمام السادسة من مساء الأحد المقبل الترجمة العربية لكتاب "الاستشراق الأمريكي، الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط منذ عام 1945 " تأليف دوجلاس ليتل الأستاذ في جامعة كلارك الامريكية، وترجمة طلعت الشايب. يشارك في النقاش الناقد الدكتور حامد أبو أحمد، والكاتب الصحفي حلمي النمنم، رئيس مجلس إدارة دار الهلال، وطارق الحريري مدير إدارة التدريب بالمركز القومي للترجمة، ومترجم الكتاب طلعت الشايب. ويعطي الكتاب مفاتيح مهمة تفسر الكثير من السياسات الأمريكية في المنطقة، وتشير بشكل ما إلي أننا ضحايا لصور نمطية جري تركيبها في الوعي الأمريكي الذي تكشفه عبارة دالة كتبها الكاتب الأمريكي مارك توين في كتابه "السذج خارج الوطن" عام1869، إذ كتب: "نزلنا عليهم بكل عظمة أمريكا حتي دمرناهم" وهي عبارة لا تكشف فقط عن عظمة أمريكا، وإنما أيضا عن إحساسها الفريد بالتفرد الراغب في محو آية خصوصيات قومية . وقد استسلمت أمريكا تاريخيًا لهذا الإغراء رغم فداحة الثمن الذي كان عليها أن تدفعه. يقترح الكتاب مفهومًا للشرق الأوسط، يضم إلي جوار الدول العربية كلاً من إيران وإسرائيل وتركيا وصولاً إلي أفغانستان، وعلي الرغم من التحولات السياسية التي جرت خلال الفترة التي يتناولها فإن الكتاب يؤكد أن الصور النمطية عن المنطقة لم تتغير لأنها كانت وليدة تصورات استشراقية، وبالتالي لايمكن فهم طبيعة اللقاء بين أمريكا والشرق الأوسط من دونها . فالثقافة الأمريكية الشعبية في لحظات اللقاء الأولي مع منطقتنا في القرنين 18 و19 ، لم تعرف شعوب الشرق الأوسط إلا باعتبارهم متخلفين ومتعصبين وليسوا أهل ثقة. ويشير الكتاب إلى كيف قادت غالبية الأمريكيين مشاعر معادية للسامية وللإسلام، لكن الأمر تغير قليلاً بعد تأسيس إسرائيل حيث خفتت موجة العداء للسامية، وأجريت معها عمليات تجميل انتهت ب" غربنة " إسرائيل، أي إلحاقها بالثقافة الغربية في مقابل "شيطنة " العرب والمسلمين باعتبارهم إرهابيين معاديين للغرب. ويحدد ليتل كيف لعبت السينما كما هو معروف دورًا رئيسيًا في رسم تلك الصور وتنميطها من خلال أفلام مهمة علي الصعيد الفني لعل أبرزها قائمة شندلر. ويكشف الكتاب كيف غير اكتشاف البترول في الشرق الأوسط من أدوات السياسة الأمريكية التي أوجدت علاقة تكافلية تسمح للولايات المتحدة من خلال شركاتها بأن تقدم الدعم لإسرائيل وتمارس في نفس الوقت نفوذًا بلا حدود في العالم العربي. وينتهي الكتاب بالتأكيد على أن زرع إسرائيل حليفًا سياسيًا لأمريكا خلال فترة الحرب الباردة كان ضروريًا؛ لمنع الاتحاد السوفيتي من ملء الفراغ الناجم عن انسحاب بريطانيا البطيء من امبراطوريتها في هذا الجزء المهم من العالم، وهو أمر دعمته أمريكا بتبني مجموعة من السياسات شملت العداء لنظام جمال عبدالناصر بعد أزمة السويس، وانتهت إلي تحجيمه في حرب يونيو1967. وغيرت أحداث11 سبتمبر2001 من صورة الشرق الأوسط للدرجة التي دعت مؤلف الكتاب إلي أن يفتتح طبعته الثالثة بمطلع أغنية شاعت في بلاده بعد تلك الأحداث يقول مطلعها "أيقظني عندما ينتهي سبتمبر" لكن ما يؤكده أيضا أن الصور النمطية الاستشراقية لاتزال حية، كما أن العلاقة بين رجال النفط والمسئولين والحكوميين مازالت مؤثرة في سياسات أمريكا الخاصة بالطاقة. ويرى المؤلف أن قضية ما إذا كانت إسرائيل أصلاً أمريكيًا ثابتًا أم دينًا مستحقًا ، تظل غير محسومة، على الرغم من تضاعف الإحساس الأمريكي بإمكانية تحديث العالم الإسلامي وفقًا للنموذج المعتمد في البنتاجون، والقائم علي " أمركة العالم ". ورغم ذلك باءت غالبية المحاولات الأمريكية لتحديث الشرق الأوسط بنتائج عكسية وأدت إلي ردة فعل إسلامية عنيفة قادها الخميني في إيران، ثم الجهاديون والسلفيون في دول عربية رئيسية. ويؤكد مؤلف الكتاب كذلك أنه إذا كانت حرب الخليج الأولي عام1990 أنهت أعراض فيتنام، وشجعت علي إنجاز خطوة مهمة في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، فإن أحداث سبتمبر هزت الثقة الأمريكية لفترة، لكنها بالمقابل مهدت الطريق لحرب كونية علي الإرهاب، وقودها عقيدة قتالية كانت شدتها تفوق تلك الحماسة الدينية التي حفزت جهاد بن لادن وتنظيمه ضد الولاياتالمتحدة. كما يذكر الكتاب أنه علي الرغم من الفشل الأمريكي في العراق؛ فإن صور الصراع الطائفي الذي عم بلاد الرافدين واختلاط عمليات المقاومة بالفوضى، وقتل أكثر من أربعة آلاف جندي أمريكي لم تؤد إلا إلي تعزيز الصور النمطية الاستشراقية القديمة.