بيروت: يقدم تركي علي الربيعو في كتابه "المحاكمة والارهاب، عقلية التخوين في الخطاب العربي المعاصر"، الصادر عن "رياض الريس للكتب والنشر"، صورة عن الفكر السياسي العربي خصوصا بعد هزيمة يونيو/ حزيران 1967. وبحسب خالد غزال بصحيفة "النهار" اللبنانية يشير الكاتب إلى ما يدور في أروقة الثقافة العربية المفعمة بعبارات التخوين وبهذا "الميل إلى محاكمة المثقفين ومحاكمة الذات المجتمعية باعتبارها مصدرا لكل الشرور والآثام"، فيعرج على الذين أخضعوا المجتمعات العربية بعد الهزيمة إلى منطق التحليل النفسي من قبيل ما جاء على لسان مصطفى حجازي في كتابه "سيكولوجية الانسان المقهور"، ومعها اجتهادات علي زيعور في كتبه المتعلقة بالتحليل النفسي للذات العربية، وكذلك كتابات سلوى خماش وابراهيم بدران حول العقلية العربية، وايضا كتابات جورج طرابيشي الاخيرة المستندة الى تحليلات فرويد، مطبقةً على المثقفين العرب وصراعاتهم. يتهم الربيعو هذه الكتابات ومثيلاتها بوصف المجتمعات العربية بأنها مصابة بألف عقدة سيكولوجية، وعلى ان هذا المجتمع العربي يمثل "كارثة انسانية أكثر منه مجتمعا بشريا". يحمّل الربيعو منطق الخيانة والنقد العدمي للمجتمعات العربية مسئولية النقاشات الحادة التي نشبت بين مجموعات واسعة من المثقفين العرب، وتضمنت سيلا من الاتهامات بعضهم للبعض، لا تليق بمواقعهم الفكرية والثقافية والهمّ الذي يحملونه تجاه الشعوب العربية وتطويرها. وبحسب المؤلف فقد شكلت هزيمة يونيو/ حزيران 1967 مرحلة مفصلية في تاريخ الشعوب العربية والمشروع الحضاري النهضوي الذي حملته أنظمة الاستقلال والقوى السياسية المدنية منها والعسكرية التي قادته. لم تكن مجرد هزيمة عسكرية، بل كانت في حقيقتها هزيمة مجتمعية شاملة هزّت أركان الثوابت التي عاشت عليها الشعوب العربية في التحرير القومي والتقدم الاجتماعي والديموقراطية، لتنهار هذه المقولات وتتطاير تحت وطأة الهزيمة.