نكشف تفاصيل وسبب إيقاف القيد الجديد للزمالك.. مستحقات مدرب    إقبال كبير علي اللجان الانتخابية خلال الفترة المسائية بدمياط    وزير الخارجية: تسيير خطوط طيران مباشرة بين مصر وسلوفينيا    إقالة ضباط إسرائيليين كبار بسبب إخفاق «7 أكتوبر»    «الأرصاد»: الرماد البركاني الإثيوبي لن يصل مصر | خاص    مؤسسة غزة الإنسانية تختتم مهمتها الطارئة.. أكثر من 187 مليون وجبة وزّعت في القطاع    القماطي يهنئ الحسيني برئاسة «الدولي للسلاح»: إنجاز جديد للرياضة المصرية    ضبط سلحفاة و4 بجعات «البيئة»: مستمرون فى حملات حماية الحياة البرية والبحرية    إقبال المواطنين على صناديق الاقتراع بقري مركز قويسنا    محافظ شمال سيناء ل"الحياة اليوم": إقبال كثيف للسيدات على لجان الانتخابات    مفتي الجمهورية: الإسلام دين سلام وعدل وأفعال المتطرفين لا تمتُّ إليه بصلة    «الأوقاف الفلسطينية» تُشيد ب«دولة التلاوة»: إحياء مدرسة الأداء المصري الأصيل    هل يجوز طلب الطلاق من زوج لا يحافظ على الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح!    رئيس الوزراء يشارك بالقمة السابعة بين الاتحادين الأفريقى والأوروبى فى أنجولا.. صور    عبد العاطي يلتقي مديرة النيباد لتعزيز الشراكة الأفريقية ومشروعات التنمية والبنية التحتية    ارتفاع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 24 نوفمبر 2025    مدحت شلبي يحضر لنقابة الإعلاميين بشأن شكوى النادي الأهلي ضده    محمد صلاح فى قلب العاصفة.. روني يطالب سلوت بإبعاده عن التشكيل الأساسي    اليوم.. افتتاح الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    بعد أزمته الصحية الأخيرة.. أول ظهور ل تامر حسني رفقة أسماء جلال في عمل فني جديد    منتخب الطائرة يفوز على السويحلي الليبي وديا قبل المشاركة في بطولة التحدي بالأردن    الداخلية تكشف حقيقة فيديو إلقاء زجاجة مشتعلة داخل لجنة انتخابية بالدقهلية    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    حوار| المستشارة أمل عمار: المرأة المصرية دائمًا في مقدمة الصفوف    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    وزير التعليم: التحضير لتوقيع بروتوكولات تعاون مع إيطاليا لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    قرار جديد في الزمالك بشأن عقد حسام عبد المجيد    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    أحمد سعد وآدم يلتقيان بحفل غنائي في الكويت 27 نوفمبر    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    محافظ جنوب سيناء يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب (صور)    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    122 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلى    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    رغم بدء المرحلة الثانية…انتخابات مجلس نواب السيسي تخبط وعشوائية غير مسبوقة والإلغاء هو الحل    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    كأس العرب - متى يتحدد منافس مصر الأخير في دور المجموعات    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    بيلد: ليفربول قد يفضل بيع كوناتي خلال يناير في هذه الحالة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    "لمسة حب .. تترك أثر" المعرض السنوى لكلية الصيدلة بجامعة حلوان    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب قسري إلى الصغيرين يوسف وفادي
نشر في محيط يوم 23 - 03 - 2008

ينظر الطفل في عيني أمه ويضحك: "أنا بابا". يضمها إلى عينيه الدامعتين، المشرقتين بالبراءة وشيطنة الطفولة، يمسك بالشعر المربوط، يحلّه، يموج بيديه بين خصلات الشعر الناعم، ثم يحضن الوجه بعفوية: "أنا أحبكِ أكثر من بابا".
تبعد الأم اليدين العابثتين، تعيد شعرها إلى الوراء وتضم الصغير إليها ثانية: "كم قبلة تريد؟ قل لي كم قبلة، سأبدأ بالوجه ثم اليدين ثم أطرافك جميعها، لن أعفو عن جزء من جسدك الصغير. سأقبّلك كثيرا.
يضج الصغير بضحكه، بشقاوة تزيد من حماسة الأم، فتطبع القبلات على الوجه واليدين والفخذين والذراعين، تقبّل البطن المنتفخ الصغير. "ماذا تخبّئ هنا؟ أنا أعرف، سأشمّ بطنك وأعرف". يضحك الصغير ليخفي بطنه المتكور: "لن تعرفي!". "بلى أعرف. ممممم. إنها رائحة الحلوى والبسكويت والعصير والشوكولاتة. لم تسمع كلمتي، أكلت هذا كله!". يضحك الصغير ويسأل: "ماذا أيضا؟".
"مممم. قطعة تفاح حمراء. لكنك لم تشرب الحليب صباحا". "ماما كيف تعرفين؟؟؟؟". تضم الصغير إلى صدرها وتوشوشه: "هل نسيت أن ماما تعرف كل شيء؟".
لكن ماما التي كبرت وكبر صغيرها معها لم تعد تعرف كل شيء.
تخلّت بالتدريج عن مهاراتها، انطفأت تلك الشعلة التي كانت تباغت فيها صغيرها فيخرّ أمامها معترفا بكل خطاياه.
كبر الصغير وباتت لديه قدرة على الإخفاء، قدرة نمت مع الوقت والمفارقات التي جعلت قدرة الطير على الإخبار غير منطقية، وقدرات أمه الملائكية شأناً لا يقبله عقل. بات قادرا على إخفاء أسراره الصغيرة أو الكبيرة. كان يستمتع بقدراته الجديدة، يتعمد أن يخفي أمرا فعله، ينتظر ذلك الصوت الغاضب يأتيه من بعيد: "كيف فعلت هذا؟ لَمَ أخفيت عني الأمر؟".
يسكت الصغير لأن أمه تخلّت عن لعبتها المفضلة معه. يفتقد تلك المناورات التي كانت تنتهي بموجة من القبلات لا تقف عند أي جزء من جسده الصغير. هي تعرف لكنها تتظاهر بالجهل. يسألها: "ماما هل هي لعبة جديدة بيننا؟".
لكن الأم التي باتت تغيب في عالمها الجديد لم تعد تلتفت الى ألاعيب الصغير، ولا عادت إلى نوبات لهوها معه.
"أنت كبير الآن. وعليك واجبات كثيرة".
يجلس الصغير منصتا الى أمه. تتحدث بسرعة وتتفوه بكلمات لا يقدر على تفسيرها لكنها ليست مطمئنة. ليست كعادتها تسرد حكايات نهارها لصديقتها ولا مكالمة ضرورية تنجزها مع والده. شيء تخفيه خلف صمتها، خلف تلك الدموع التي تحبسها.
"لماذا تبكين؟".
يحشر جسده الصغير بها، كفّه الملائكية تمسح عينا ولا تطال الأخرى. يكرر سؤاله وهو يجتهد أن يفك رموز الحزن الذي غلّف صوتها.
"هل تحبين الموسيقى؟".
يشغّل الموسيقى، ثم يعود إلى حضنها، يستسلم لحزنها ويبدأ بالبكاء.
"لا تبك يا صغيري، فمن الحزن تخرج السعادة. أبكي لأني أحبك، منذ أن شعرت بك تستقر في رحمي أحببتك، وعندما أنذرني الطبيب بخسارتك ازداد تعلقي بك، وحين سمعت دقات قلبك تهزم الموت عرفت أنك قادم وأني سأغنّي لك وسأحكي لك حكايات ديمة. غنيت لك "يا خروفي الصغير"، سمّيتك أحلى الأسماء. نمت في حضني.
أمومتي تحلو بك. أحبّك وأنت تفخر بنفسك، تراقب نموّك وتصلّب عضلاتك، تنظر اليّ أنا أمك، تبحث عن الرضا في عينيّ وأن تكون جديرا بي".
"أنتِ جميلة يا أمي".
"أنا جميلة بوهبك لي الأمومة. طائري الصغير، لنحلّق معا في الفضاء ونظل زمنا، نشرب من ضحكاتنا، تظل فرخي الصغير تختبئ تحت جناحيَّ، بعينيَّ أضيء لك الليل فلا يقترب منا غول ولا شبح، وبكفّي أعدّ أصابعك أن تكون أضعت إحداها وأنت تتشيطن".
"أحب رائحتكِ".
"تحب رائحة الأمومة التي تتدفق في شراييني. غداً يا صغيري، ستجتاز نهري المتدفق وستعرف حكايات أكبر من حكاياتي وتتعلم خدعا كثيرة ليست ببساطة خدعي، ستكتشف بحر الأنوثة بعيدا عني وعن ظلي. يا صغيري لننم هذه الليلة.
دع البكاء يتلون بالضحك. أحبك وأحب سماءك التي ستقف عندها يوما وستمطر بماء القلب. أمنحك أحلى ما فيَّ، أهبك العمر الذي ستتألق به. تخاف أن أشيخ أو أن أضيع عنك؟ لا تخف.
ستنام الآن ويداك تموجان بشعري.
لن أسامح نفسي أن تغفو يوما ويداك الصغيرتان بعيدتان عني".
"أحبكِ يا ماما".
"أحبكَ كثيرا".
يغفو الطفل، يده تمسك بخصلة شعر، والأخرى مفتوحة يمدّها الى الحياة المقبلة.
المصدر: جريدة "النهار".
بتاريخ: 23 مارس 2008.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.