شهدت صناعة النشر الصيني تطوراً كبيراً خلال الثلاثين عاماً الأخيرة منذ تطبيق الصين لسياسة الإصلاح والإنفتاح عام 1978. ويذكر السيد( ليو بين جييه ) رئيس الهيئة الصينية العامة لشئون الصحافة والنشر " إن سياسة الإصلاح والانفتاح هي التي حررت صناعة النشر في الصين ". فخلال الثلاثين عاماً الأخيرة، وسيراً علي نهج سياسة الإصلاح والانفتاح، تطورت صناعة الصحافة والنشر الصيني تطوراً كبيراً. حيث تطورت من مرحلة الملكية العامة للحكومة إلي الإشراف الحكومي فقط ، حتي تطورت صناعة النشر تطوراً لم يسبق له مثيل في تاريخ النشر في الصين . وزاد تأثير النشر الصيني علي الساحة العالمية، حتي أصبحت الصين دولة عالمية كبري في مجال النشر. وخلال الثلاثين عاماً الأخيرة تنوعت الكتب والصحف والمجلات والمواد السمعية والبصرية وغيرها من أدوات النشر في الصين . فلا تكاد أي مكتبة من سلسلة "مكتبات الصين الجديدة " تخلو من أعداد كبيرة من الكتب والصحف التي تبهر الناظرين إليها ، بل ولا تكاد أي مكتبة ريفية تخلو من أعداد كبيرة من العناوين الجديدة . ويذكر السيد (رن جه شينغ ) نائب رئيس جمعية الترجمة الصينية أنه من الصعب علي الشباب الصيني اليوم أن يتخيل مدي الصعوبات التي كنا نواجهها في سبيل الحصول علي كتاب في بداية سنوات تطبيق سياسة الإصلاح والإنفتاح عام 1978. فقبل ثلاثين عاماً من اليوم ، كان من الصعب جداً الحصول علي كتاب أجنبي أو قاموس بلغة أجنبية . فكانت الكتب ودور النشر قليلة جداً في ذلك الوقت . حيث كان في الصين كلها فقط ما يزيد قليلاً علي 100 دار نشر . والأن وبعد مضي ثلاثين عاماً هي عمر سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين ، شهدت صناعة الصحافة والنشر تغييراً كبيراً . فمنذ عام 1978 حتي عام 2006 زاد عدد دور النشر في الصين من 105 دار نشر إلي 573 دار نشر ، والصحف من 186 صحيفة إلي 1938 صحيفة ، والدوريات من 930 دورية إلي 9468 دورية ، وزاد عدد العناوين التي تصدر سنوياً من 15 ألف عنوان إلي 230 ألف عنوان .حتي أصبحت الصين الأن هي أكبر الدول في عدد العناوين الصادرة سنوياً . ومنذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، سارت صناعة الصحافة والنشر الصيني في مسارها الصحيح وانتقلت من مرحلة الانغلاق علي الذات إلي مرحلة الانفتاح علي العالم الخارجي . ففي بداية عصر الانفتاح عام 1978، كان هناك من المتشككين تجاه قدرة الحزب الشيوعي الصيني في السيطرة علي وإدارة صناعة الصحافة والنشر بعد تطبيق قوانين الإصلاح والانفتاح، وهل أنه سيؤثر ذلك علي أن تنحرف هذه الصناعة الهامة عن مسار وإتجاهات الرأي العام؟ وقد أجاب الدور المتميز الذي قدمته الصحافة الصينية والنشر الصيني في عام 2008 علي هذه التساؤلات والتشككات. حيث قدم رجال الصحافة والنشر الصيني دوراً تاريخياً في تغطية أخبار الأحداث الكبري التي وقعت بالصين خلال عام 2008، بداية من كارثة الثلوج التي اجتاحت جنوب الصين في يناير 2008 ، ثم كارثة الزلزال المدمر التي ضرب وسط الصين في مايو 2008 ، ثم كانت التغطية الكبري والأداء المتميز في تغطية أحداث أوليمبياد بكين 2008 . حيث قدم العاملون في مجال الصحافة والنشر الصيني رسالة هامة إلي العالم الخارجي تعكس الإدارة الرشيدة للحزب الشيوعي الصيني وتعبرعن الصورة الجديدة للصين فيما بعد ثلاثين عاماً من تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح . وهكذا تطورت صناعة الصحافة والنشر الصيني لتصبح قادرة ليس فقط علي تغطية أحداث السوق الصيني بل وقادرة أيضاً علي مواجهة التطورات العالمية وملاءمة السوق العالمي . و تستعيد السيدة ( شيه آي وي ) نائب رئيس قسم العلاقات الخارجية بالهيئة الصينية العامة لشئون الصحافة والنشر ذكريات من تاريخ المشاركة الصينية في معرض فرانكفورد للكتاب . حيث تذكر أنه في بداية المشاركة الصينية في المعرض كان تسويق الكتاب الصيني يواجه الكثير من العقبات ، التي ترجع إلي عدم تفهمنا لذوق القارئ الأجنبي وعدم جودة الكتاب الصيني المطبوع إلي جانب عدم إتقاننا لفن العرض في هذا المنتدي العالمي الكبير . وخلال السنوات الأخيرة الماضية تغير الوضع كثيراً ، حيث شهد ثراء الكتب التي تشارك بها الصين ، إلي جانب جودة التغليف والطباعة وتقدم أساليب العرض . مما جعل الكثير من دور النشر والوكالات العالمية تنجذب إلي الكتاب الصيني . ومن أجل دفع سياسة " الانفتاح علي العالم الخارجي " ، تم في عام 2005 تنفيذ " خطة الترويج الخارجي للكتاب الصيني " بالتعاون بين المكتب الإعلامي بمجلس الدولة الصيني والهيئة الصينية العامة لشئون الصحافة والنشر ، ويتكفل المشروع بتقديم خدمة الترجمة لدور النشر الأجنبية التي توقع إتفاقا شراء الملكية الفكرية للكتاب الصيني . وقد تم حتي الأن توقيع 645 اتفاقا مع 108 دار نشر من 27 دولة أجنبية ، شملت ست عشرة لغة أجنبية و893 كتابا، وإجمالي دعم وصل إلي ما يزيد علي 30 مليون يوان صيني. ومنذ بداية القرن الجديد والتطور الكبير الذي طرأ علي الساحة العالمية في ظل تقدم تكنولوجيا المعلومات وخدمات الشبكة العالمية ، فقد شهدت صناعة الصحافة والنشر الصينية تطوراً كبيراً وواكبت التطورات العالمية في هذا المجال . ويذكر السيد ( سون شوو شان ) نائب الهيئة الصينية العامة لشئون الصحافة والنشر إن إجمالي دخل صناعة النشر الإلكتروني في الصين عام 2006 قد وصل إلي 20 مليار يوان صيني ، من بينها 4 مليارات و900 مليون يوان دخل إعلانات الإنترنت ، 500 مليون دخل المجلات الصينية علي الإنترنت ، 6 مليارات و500 مليون يوان دخل الألعاب الإلكترونية ، و8 مليارات يوان هي إجمالي دخل نغمات وألعاب ورسوم التليفون المحمول ، وهكذا تشهد صناعة النشر الالكتروني في الصين تطوراً كبيراً يوماً بعد يوم . ** منشور بصحيفة "اخبار الادب" بتاريخ 15 فبراير 2009