تعتبر فترة حكم عائلة تان في الصين - قبل 1100 عام - فترة الإزدهار الأدبي غير المسبوق, حيث وصل الأدب والشعر والنحت والموسيقى والفن المعماري إلى ذروته. كما تمثل هذه الفترة بالنسبة للصين عصرا ثقافيا مميزا ومثاليا تماما مثلما في عصر اليونان والرومان بالنسبة لاوروبا. فقد تواجدت في الصين في تلك الفترة انواع عدة من الخطوط منها: الخط الشمسي والخط القمري والخط الهوائي وغيرها الكثير. فيذكر مؤرخ تلك الفترة (دوان نشين) انه كان هناك 64 نوعا مختلفا من الخطوط, كما تنوعت انواع الورق التي تم الكتابة عليها من حيث طريقة صناعتها والمواد التي صنعت منها حيث كتبت افضل الكتب على الحرير. اما الورق فتم تلوينه باللون الذهبي وتعطيره بالعطور احيانا, ومن ثم لصق عدة اوراق مع بعضها لإنشاء صحف طوال ولفها مع بعضها. وكان اهالي الإمبراطورية يستفيدون من المكتبات التي كانت تبيع الكتب عن الدول الأخرى وقواميس اللغات المختلفة بالإضافة لكتب تفسير الأحلام والأبراج, وكان المتقدمون للإمتحانات الحكومية من اول رواد المكتبات الصينية. فكانت فترة حكم عائلة تان فترة إنشاء المكتبات العامة والخاصة واشهرها مكتبة (إبن السماء) التي تأسست عام 628م. أما مكتبة الإمبراطور فقد ضمت 200 الف كتاب واغلبها من الكتب الثمينة والنادرة, وصنفت الكتب إلى اربعة اجزاء وحمل كل كتاب لائحة بلون معين كتب عليها اسم ورقم المجلد. وكان لون الكتب الكلاسيكية أحمر ولون كتب التاريخ اخضر ولون الفلسفة ازرق ولون مجموعات الكتاب ودواوينهم ابيض. وفي بعض الأحيان كان اصحاب المكتبات الخاصة يستطيعون الحصول على اقدم واندر الكتب وينفقون في ذلك مبالغ طائلة فتميزت مكتباتهم بقيمة واهمية الكتب التي ضمتها. فعلى سبيل المثال كانت مكتبة (لي بي) تحوي 30 الف كتاب واحتوت مكتبات كل من (لو بو تشو) و(فاي شو) و(سو بيانيا) على 20 الف كتاب اما من ناحية التنظيم وتمييز الكتب وندرتها فقد نافست مكتباتهم مكتبة الإمبراطور. كانت الكتب مصدرا مهما واساسيا لمعلومات اهالي الإمبراطورية عن الشعوب والثقافات الاخرى. فقد كان "المؤلف المصور عن الغرب" الذي وضعه سفراء الإمبراطورية في سمرقند وجوارها في 60 مجلدا من اهم المؤلفات فيما يخص ثقافة تلك المناطق. كما كان رسم الخرائط من الاعمال المهمة في الصين في تلك المرحلة, فمن أجل الحفاظ على الأراضي المسيطر عليها والسيطرة على غيرها كانت الحكومة الصينية تكلف سفرائها في الخارج بوضع خرائط دقيقة للأماكن التي زاروها. وذلك بالإضافة لمحاولة معرفة تفاصيل المناطق من الزوار الأجانب في الإمبراطورية فكان المختصون يحققون معهم ومن ثم يستغلون هذه المعلومات لوضع خرائط دقيقة لتلك الدول. ** منشور بصحيفة "العرب اليوم" الأردنية بتاريخ 31 مارس 2008