وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    كيف يتعامل القانون مع صراعات رؤية الأطفال بين الآباء والأمهات؟    أسعار طبق البيض اليوم 10-8-2025 في قنا    تراجع معدل التضخم في مصر إلى 13.9% خلال يوليو    وزيرا البيئة والزراعة يبحثان التوسع في استخدام المخلفات الزراعية    سعر الذهب اليوم الأحد 10-8-2025 في الصاغة.. وعيار 21 بالمصنعية بعد ارتفاعه 30 جنيهاً    أردوغان: قرار إسرائيل فرض السيطرة العسكرية على كامل غزة مرفوض قطعا    جوتيريش يرحب بالإعلان المشترك الشامل بين أرمينيا وأذربيجان    إدخال 3 شاحنات وقود إلى قطاع غزة    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    هل ينجح صلاح في فك شفرة ويمبلي أمام كريستال بالاس؟    ريبيرو يبدأ دراسة فاركو بالفيديو    «الداخلية» تقرر السماح ل21 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    انطلاق امتحانات الدور الثانى للشهادة الإعدادية فى الإسكندرية    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    روكي الغلابة يتصدر شباك التذاكر ليلة أمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    القبض على التيك توكر لوشا لاتهامه بنشر فيديوهات تنتهك القيم الأسرية    حرض على العنف.. السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    بدء التسجيل الإلكتروني لرغبات الطلاب بجامعة القاهرة الأهلية (رابط معتمد)    وزارة الزراعة تعلن التشغيل التجريبى للمتحف الزراعى مجانا للجمهور    إيران تعليقا علي قرار الكابينت الاسرائيلى باحتلال قطاع غزة كاملا : يهدف لمحو هوية وكيان فلسطين    النائب العام يوفد 41 عضوًا إلى أوروبا والصين لتلقي دورات متخصصة    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    شكاوى من انقطاع التيار عن قرى بدير مواس وسمالوط بالمنيا وكفر الشيخ    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم الأحد والقنوات الناقلة.. ليفربول والدوري المصري    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    قروض السلع المعمرة بفائدة 26%.. البنوك تتدخل لتخفيف أعباء الصيف    خريطة الاستخدام الدولي لبطاقات الائتمان في 10 بنوك مصرية خلال موسم الصيف    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    «البرلماني والزعيم» و«الثقافوبيا»    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    حكيمي: أستحق حصد الكرة الذهبية.. وتحقيق الإحصائيات كمدافع أصعب كثيرا    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية التركية وقضية حكم المحكمة العليا الجديد / عبد الله علي العليان
نشر في محيط يوم 18 - 06 - 2008


العلمانية التركية وقضية حكم المحكمة العليا الجديد
عبد الله علي العليان
منذ أيام ألغت المحكمة الدستورية التركية القانون الذي أصدره البرلمان التركي بأغلبية نوابه والذي يسمح للطالبات التركيات بارتداء الحجاب في الجامعات. وبررت المحكمة هذا الإلغاء بأن القانون يخالف المبادئ العلمانية للجمهورية التركية.

والواقع أن هذا الحكم يعد مخالفاً للدستور التركي الذي تستلهمه الجمهورية، وهذا ما أكده متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الذي اعتبر هذا القرار يناقض الدستور، وملمحاً أن القرار سياسي أكثر منه قانوناً.

في سنوات عمرنا اليافعة كنا ننبهر بالحرية والديمقراطية والانفتاح والقبول بالتعدد في الغرب، وعندما نسأل ونسائل في مضامين هذا التعدد يقولون لك إنها العلمانية، والتي تعني الحياد والقبول بالآخر وفكره ونظرته للدين والحياة.
والكثير من الشعوب في العالم أخذت بالكثير من الأفكار العلمانية باعتبارها فكرة محايدة تجاه القيم والمبادئ الإنسانية وهي لا تتدخل في الاختيار والحرية الشخصية سواءً في اللباس أو القيم أو الدين وسمعنا كلاماً كثيراً في هذا المضمار، ولكن الذي حصل في تركيا الكمالية وفي روسيا السوفييتية شاهدنا ولمسنا نقيضاً لما قيل عن العلمانية المحايدة، بل إن العلمانية فرضت بالقوة وبالحديد والنار في روسيا وبالقهر والإلغاء في تركيا الكمالية.
لكن العلمانيين العرب كعادتهم وكتبرير ساذج يقولون إن نموذج العلمانية السوفييتية نموذج طبق في ظل الشمولية والديكتاتورية وفي غياب الحريات والتعددية الحزبية، وهذه العلمانية تخالف العلمانية الليبرالية التي لا تتدخل في الدين أو الأفكار الشخصية أو الاختيار الحر للمواطنين أو الزائرين، وعندما نشير إلى النموذج الكمالي التركي يرجعون ذلك إلى علمانية عسكرتارية قمعية لا يمكن قياسها على الغرب الديمقراطي الليبرالي الذي

تعد أوروبا وأمريكا النموذج المحتذى للعلمانية المنفتحة.

ثم جاءت قضية الحجاب في فرنسا التي أقامت الدنيا ولم تقعدها عندما ارتدت فتاتان الحجاب في إحدى المدارس الفرنسية، وتعالت الصيحات وانتشر الذعر في الأوساط الفكرية والأكاديمية أولاً وهي النخبة التي نعتبرها أكثر انفتاحاً من الآخرين بأن هذا الحجاب وليس النقاب يشكل خطراً على العلمانية الفرنسية ولا بد من الاستنفار لمواجهة تهديده على العلمنة!

إن العلمانية ادعت الحياد تجاه الأفكار والفلسفات والأيديولوجيات، وانطلقت من مضامين حرية الفكر والدين والعقيدة، سواء للمواطن الفرنسي أو غيره. ولذلك يفترض بهؤلاء الكتّاب أن يكون موقفهم عادلاً ومنصفاً وصريحاً مع ما تدعيه العلمانية من مواقف مؤيدة للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، لا أن يسايروا المواقف الظرفية لبعض التيارات الفرنسية التي اتخذت قضية الحجاب مزايدة سياسية.
والدليل على ما نقوله إن القضاء الفرنسي اتخذ موقفاً إيجابياً منصفاً، رافضاً ما أقدمت عليه إحدى المدارس الفرنسية في مطلع التسعينات من القرن الماضي من منع حجاب طالبتين مسلمتين في هذه المدرسة رافضاً الحجة المكررة التي تتردد بمناسبة وغير مناسبة من أن الحجاب يخالف مبادئ العلمانية، وفي مقولات أخرى يشكل خطراً على العلمانية؟

ومن الحق أن كثيرين من المفكرين الفرنسيين والغربيين انتقدوا بشدة هذا الموقف غير العقلاني وغير المسوغ لمنع الحجاب الذي يعد فرضاً وليس رمزاً.

وليست طالبات المدارس وحدهن اللواتي سيتأثرن بالأمر، بل كذلك موظفات القطاع العام ؛ فقد تم تسريح محلّفة خلال إحدى المحاكمات لأنها كانت ترتدي غطاء رأس. غير أنه لا بد للدولة الفرنسية أن تظهر بمظهر المحايد تماماً في كل معاملاتها.

والواقع أن ما يجري في تركيا أو فرنسا أيضاً يجعلك تصدق ما قاله البعض من الباحثين الغربيين من أن العلمانية أصبحت ديناً للعقل والتقدم وتحل محل الأديان السماوية أو الوضعية! وهذا ما عبر عنه فردينان بوبسون كما نقل ذلك د. فهمي جدعان بأن العلمانية بدت في بداياتها وكأنها دين جديد يستلهم العقل والعلم والتقدم ويحل محل الدين. وقد حاول بعض العلمانيين إضفاء سمة القداسة عليها، بينما هي في حد ذاتها تمثل “وظيفة نازعة للمقدس". والحقيقة أن العلمانية، بما هي مفهوم سالب، لا يمكن أن تقدم معنى للحياة، ولا أن تشكل قيمة إيجابية، لذا ترفض الكاثوليكية مثلاً أن ترى فيها “مثالاً روحياً يمكن أن يكون منافساً للإيمان الديني".

وهذا ما حدث في قرار الحكومة الدستورية التركية التي نقضت القانون الذي يسمح بالحجاب في الجامعات والذي أصدره البرلمان بناءً على الدستور التركي الكمالي عندما أشار إلى الحرية الشخصية. لكن القضاة العلمانيين اعتبروا أن هذا القرار مخالف للمبادئ العلمانية! ولكنه في الأساس مخالف للدستور وبهذا جعلوا العلمانية ديناً وضعياً جديداً يخالف ديناً سماوياً وهو الإسلام الذي يدعو إلى غطاء الرأس مثلما هو موجود أيضاً في الديانة المسيحية والديانة الموسوية.

الصراع السياسي بين الاعتدال الإسلامي المنفتح في تركيا والتطرف العلماني الذي لم تعجبه شعبية الحزب الحاكم، أصبح يمارس سلاح الإقصاء والإلغاء تحت شعار المبادئ والقيم العلمانية والتي في أساسها وجدت لتحييد الدين وإبعاده عن الكنيسة وتسلطها.. الأشهر المقبلة ستحدد مصير هذا النزال السياسي القادم بين الاعتدال والتطرف في تركيا الجديدة.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
18/6/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.