الطريق إلى التغيير احمد عمرابي قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إنه «غاضب» على الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش في البرلمان الإسرائيلي، والذي كرّسه للإعراب عن دعم أميركي مفتوح ومطلق لإسرائيل كقلعة يهودية في منطقة الشرق الأوسط.
فلم يأت على ذكر «دولة فلسطينية» إلا بصورة معممة وعابرة. حق للرئيس أبومازن وكافة الفلسطينيين وكافة العرب وكافة المسلمين أن يستشعروا الغضب في هذه الحالة، لكن هل توقف رئيس السلطة الفلسطينية ليتفكر متسائلاً: هل كان للرئيس الأميركي أن يجهر بما جهر به من قول خطير ،لولا أنه كان واثقاً ومطمئناً من وهن الموقف العربي عامة، والموقف الفلسطيني خاصة، وبالتالي عجز الأمة العربية والقيادة الرسمية الفلسطينية عن إصدار رد فعل يتوازى مع قوة الخطاب الأميركي؟
الوضع العربي الراهن لا يوحي إلا بسيادة حالة عامة من الاستكانة للأجندة الأميركية المبنية على الأجندة الإسرائيلية، وبعض الأنظمة العربية باتت تتخذ موقفاً «حيادياً» تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بينما البعض يضع نفسه في خدمة متطلبات الدعم الأميركي لإسرائيل، والمشكلة في هذا السياق هي أن فصيل «فتح» الذي تمثله السلطة الوطنية الفلسطينية يتخذ لنفسه نفس الوضع. وهكذا تشكل اصطفاف تضامني يجمع بين فتح وأنظمة عربية والولاياتالمتحدة وإسرائيل في اعتبار فصائل المقاومة تنظيمات «إرهابية».
من الواضح إذن أنه لن تتحقق تسوية عادلة لقضية الشعب الفلسطيني، تضمن له الحد الأدنى من حقوقه الشرعية، ما لم يطرأ تغيير جذري وشامل على الوضع العربي الراهن. ويصبح السؤال هو: كيف يحدث التحول المنشود؟ مهما تعددت التصورات في هذا الصدد، فإن نقطة البداية الأساسية ينبغي أن تكون في كل الأحوال هي إعادة توحيد الصف الفلسطيني القيادي.. وتحديداً بين فصيل فتح وحركة «حماس».
هناك كما نري تضارب بين خيارين: خيار التفاوض الذي تتبناه فتح، وخيار المقاومة المسلحة الذي تعتمده حماس، والمطلوب إذن لتحقيق أي تصالح بين الطرفين هو الجمع بين هذين الخيارين على قاعدة «قاوم وفاوض»، فالخياران ليسا بالضرورة متناقضان، وإذا قدر لمثل هذا التصالح أن يتحقق لمواجهة سلطة الاحتلال الإسرائيلي بجبهة فلسطينية موحدة، فإنه سيؤدي إلى نسف الحجة التي تتذرع بها الأنظمة العربية في معاداة حركة المقاومة الفلسطينية.
لكن علينا هنا أن نتوقف لنعيد إلى الأذهان أن توافق الطاقم القيادي لفصيل فتح مع الولاياتالمتحدة وإسرائيل في معاداة المقاومة ليس ناتجاً عن سوء تقدير، وإنما هو اختيار متعمد، إذن فالشرط الأساسي لنجاح أي مسعى للتصالح هو التغيير من المشهد الفلسطيني العام. عن صحيفة البيان الاماراتية 22/5/2008