إنّه (نَخْب) اغتصاب فلسطين..! د. محمد ناجي عمايرة اليوم ذكرى اغتصاب فلسطين عام 1948. اليوم تحتفل الحركة الصهيونية العالمية بانتصارها على الدول العربية وإعلان قيام الدولة الإسرائيلية (اليهودية) في فلسطين على أنقاض الشعب العربي الفلسطيني وأرضه وحقوقه. اليوم الذكرى الستون للنكبة التي تسميها إسرائيل ذكرى الاستقلال! وأي استقلال!. يوم فرح في إسرائيل! ويوم حزن مقيم في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأنصار الحق والحرية في كل مكان. لقد سميناها ذكرى النكبة على أمل أن تستعيد الأمة بأسها وقوتها وهيبتها وتثأر لهزيمتها الأولى، ولم تمض الا سنوات قليلة حتى كانت الهزيمة التالية عام 1967، لتحتل إسرائيل المزيد من الأرض العربية، الى جانب الجزء الذي بقي من فلسطين بعد الهزيمة الأولى عام 1948. لا أوافق أولئك الذين يريدون منا أن ننسى هذه الذكرى أو سواها، وان نتطلع إلى المستقبل، وليس الى الماضي المرير والحاضر الأمرّ بدعوى أهمية احلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة. ولا أرى أن التناسي والتجاهل هو الذي يمكن ان يحل هذه المشكلة التي نسميها ب الشرق الأوسط انكاراً لحقيقتها وتجاهلاً لأسبابها، وطمساً للهوية العربية في فلسطين التي ستبقى حية ما دام الفلسطينيون قادرين على المقاومة والكفاح دفاعاً عن حقهم في الحياة. اليوم يأتي جورج بوش (الابن) ومعه العديد من رؤساء اميركا السابقين والمسؤولين الأوروبيين وسواهم الى المنطقة ليشاركوا إسرائيلهم احتفالاتها بالذكرى الستين للاستقلال المزعوم. وهو ما يعني ان الحركة الصهيونية العالمية التي اغتصبت ارض فلسطين وشردت شعبها في الافاق تحولت الى حركة تحرر وطني من استعمار او احتلال هو الاستعمار والاحتلال العربي او الفلسطيني العربي لفلسطين ارض الميعاد !!. يحج بوش الى اسرائيل ليعبر عن سعادته بهذا اليوم، ويشارك يهود العالم احتفالاتهم بقيام دولتهم، ولا يحرجهم هذا الشعب المشرد في كل انحاء الارض، ولا تعنيهم هذه الدماء التي تسيل كل لحظة في غزة والضفة الغربية بالسلاح الاميركي على ايدي حكام دولة اسرائيل التي يرون انها نموذج فذ للديمقراطية الغربية في عالم متخلف ومحيط موبوء !. بعض ما يقال اليوم فيه تكرار لكثير مما قيل في هذه المناسبة قبل ستين عاما، وعلى امتداد هذه العقود، ولكنه ضروري للتذكير بحقيقة ما جرى، فاذا كان اليهود يحتفلون اليوم بنصرهم على العرب، مثلما يحيون ذكرى (الهولوكوست) او ما يسمونه المحرقة اليهودية على ايدي النازيين، رغم ما في دعواهم من مبالغات وأكاذيب، فان الحري بالفلسطينيين والعرب والمسلمين ان يتذكروا نكبتهم الاولى في فلسطين (وهي الثانية بعد الاندلس) وان يحيوا هذه الذكرى ويذكّروا العالم بالمذابح الصهيونية التي لا تقل عن (هولوكوست هتلر) والتي جرت في دير ياسين وكفرقاسم وقبية ونحالين والقدس وغيرها من قرى فلسطين ومدنها على امتداد هذه العقود من قيام الدولة الصهيونية الغاصبة. لم يأت بوش لكي يبعث الحياة في مسيرة سلام ميتة، ولا في خريطة الطريق المسدود، ولا في قرارات دولية، أكل الدهر عليها وشرب، ولم يأت لتنفيذ رؤيته لحل الدولتين المزعوم.. كل ما يهمه ووزيرة خارجيته وسائر ادارة البيت الابيض، ان يشرب (نخب انتصار) عصابات شتيرن والارغون والهاجناه على العرب وهو انتصار معمد بالدم والجريمة، سبقه ورافقه على الدوام تزوير اجرامي لحقائق التاريخ. عن صحيفة الرأي الاردنية 15/5/2008