سؤال غريب.. الإجابة عنه ستكون أكثر غرابة! السؤال هو: لماذا قدمت الحكومة الإسرائيلية الحالية المتطرفة برئاسة بنيامين نيتانياهو مشروع قانون يناقشه الكنيست الآن للتصديق عليه ليصبح قانونا ملزما رسميا يجرم ويمنع فلسطينيي1948 من إحياء ذكري نكبة فلسطين عام1948 يوم15 مايو سنويا. والإجابة هي أن ذلك اليوم حسب التقويم العبري هو اليوم نفسه الذي تحتفل فيه إسرائيل بيوم استقلالها وقيامها عام1948, ويعتبره اليهود يوم الفرح بتأسيس دولتهم ويجب ألا يحوله فلسطينيو1948 الي مأتم ويوم حداد. فإحياء ذكري النكبة يذكر العالم باغتصاب واحتلال اليهود أرض فلسطين وتدمير أكثر من531 قرية ومدينة وأهلها بالكامل, وارتكاب اكثر من50 مذبحة موثقة تاريخيا ودوليا وقتل30 ألف فلسطيني, وتهجير840 ألفا آخرين ومصادرة أراضيهم. أما الأمر الأكثر غرابة هو ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأن هذا القانون يرتبط ارتباطا وثيقا بديمقراطية إسرائيل, فإذا كانت الديمقراطية هي حكم الأغلبية والأغلبية في إسرائيل لليهود الذين يحتفلون بيوم الاستقلال ويرونه عيدا وطنيا, فالمطلوب من الأقلية( فلسطينيي1948) عدم إبداء حتي الحداد والحزن في ذلك اليوم إلا أنني أستطيع القول إن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية فقط دون إلتزامها بالقيم التي لا تتجاوزها وفي مقدمتها العدالة والمساواة واحترام حقوق الأقليات والأفراد. واذا كان لفلسطينيي1948 الأكثرية قبل اغتصاب اليهود لفلسطين, وأصبحوا بعد قيام الدولة العبرية أقلية, فإن لهم حقوقا في مقدمتها حرية الرأي والتعبير عن المشاعر بإحياء ذكري النكبة الثابتة والموثقة تاريخيا, ولا يعقل أن يجرم أو يعاقب عرب1948 لأنهم يعبرون عن مشاعرهم جراء ما أصابهم نتيجة نكبتهم في وطنهم وأرضهم.. وهذا القانون ليس إلا واحدا من القوانين العنصرية التي تتبناها حكومة نيتانياهو في حق فلسطينيي1948 لتزوير التاريخ والحقيقة. ولأول مرة نسمع أو نقرأ عن تشريع أو قانون يجرم ويعاقب من يحزن أو يبدي الأسي والحداد علي ما أصابه وشعبه من نكبة حتي بعد أن رفع عرب1948 شعارا وسطا يصرخون به هو يوم استقلالهم.. يوم نكبتنا. *الاهرام