قبل بضع أيام شهدت العاصمة الأردنية عمان، احتفال المجلس الوطني الفلسطيني برئاسة سليم الزعنون بالذكرى الخامسة والثمانين لنكبة فلسطين، دون أن يلفت ذلك إلا القليل جدا من اهتمام الإعلام العربي، في وقت أرغم الصهاينة العالم كله بما في ذلك هيئة الأممالمتحدة، على الاحتفال سنويا بذكرى الهولوكوست، وأن يجرموا أي تشكيك في وقوعه أو تفاصيله، بعد أن دفعت الدول المعنية ولاتزال، تعويضات ضخمة سواء لضحايا المحرقة أو لدولة إسرائيل!؟ كان تركيز المجلس الوطني الفلسطيني في احتفال هذا العام على " حق العودة" الذي يجسد مأساة حوالي 6 ملايين لاجئ فلسطيني لا يزالون يعيشون في الشتات منذ عام 1948، وقد ركز بيان المجلس على الدور الكبير والحاسم الذي قامت به بريطانيا، وهي دولة الانتداب في فلسطين، للتمهيد والتمكين لقيام دولة إسرائيل، مما نسيه الكثير منا خاصة الأجيال الناشئة التي لم تعاصر نكبة فلسطين. * * * يقول البيان إنه خلال عقود الانتداب الثلاثة ساعدت بريطانيا الحركة الصهيونية، على تثبيت ركائز قيام الدولة العبرية، فغضت الطرف بل ساعدت على إيجاد قوة عسكرية يهودية مدربة ومسلحة، وأوجدت نواة الدولة السياسية من خلال الوكالة اليهودية الدولية، وفتحت أبواب الهجرة اليهودية الى فلسطين على مصاريعها، وأضاف أن الانتداب فرض أيضا اللغة العبرية كلغة رسمية الى جانب اللغتين العربية والانجليزية، واستقوى بالموظف اليهودي على حساب المواطن الفلسطيني إعدادا وتدريبا، وأوجد الانتداب بقانون استعماري الصندوق القومي اليهودي "الكريين كايمت"، الذي أنشئ بناء على توصية من المؤتمر الصهيوني الخامس، وذلك لجباية الأموال من أجل شراء الأراضي في فلسطين، وقد جاء النظام الأساسي للصندوق نموذجا للعقلية الاستعمارية الاستيطانية، حيث نص على: اعتبار الأراضي التي يشتريها الصندوق وقفا أبديا باسم الشعب اليهودي، ولا يجوز بيعها أو التصرف فيها، وأن تسلم هذه الأراضي للمزارعين اليهود عن طريق الإجارة المتوارثة، وإتاحة المجال أمام العمال اليهود لاسيتطان هذه الأراضي، وضمان العمل لليهود وتشغيل الأيدي العاملة اليهودية دون سواها. وأكد البيان أن كل هذه الحقائق لم تغب عن الشعب الفلسطيني، الذي تمسك بالأرض وخاض ثورات متعددة رغم عدم تكافؤ الفرص، وأولاها ثورة 1921 ثم ثورة البراق 1929 فثورة 1936، التي امتازت بأطول اضراب وعصيان مدني في تاريخ حركات الشعوب، استمر حتى عام 1939، حتى جاءت النكبة الكبرى في 1948 بالتهجير القسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين، والتدمير الكامل لمئات القرى والمدن. * * * قد يحسب البعض أن مجرد التفكير في محاسبة هذه الدول التي صنعت نكبة فلسطين، ومطالبتها بتعويض الشعب الفلسطيني، وتعويض العالم العربي عن كل ما أصابه من أضرارحتى يومنا هذا، من جراء تاسيس إسرائيل ضربا من الخيال، لكن ما هو أضر من ذلك أولئك الذين يتآمرون، من خلال العديد من الحجج والدعاوى كالواقعية السياسية لإسقاط حق العودة، وتصفية قضية اللاجئين بالقبول بعودة بضع آلاف منهم، ليس لديارهم وأملاكهم التي اغتصبت عام 1948، بل لما سيتبقى من الضفة الغربية ( ربما 30% منها )، هذا إذا قبلت بذلك إسرائيل!؟ قليل أولئك الذين يحتفلون كل عام بذكرى نكبة فلسطين، وقليل هو الاهتمام الذي قد يظفرون به من الإعلام أو الناس، لكن احتفالات إسرائيل السنوية بالاغتصاب الذي يسمونه استقلالا، واحتفال أوروبا وأمريكا والأممالمتحدة كل عام بذكرى الهولوكوست، هو شاهد على أن نكبة اغتصاب فلسطين، ونكبة 6 ملايين من اللاجئين، لا يمكن أن تموت. [email protected]