لبنان والعرب احمد عمرابي أقوال تتطابق: قال مسؤول رسمي عربي إنه لا يمكن السماح لحزب الله كقوة تقف وراءها إيران بالسيطرة على مقاليد الأمور في لبنان، ودعا المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض الأميركي إيران وسوريا إلى الكف عن تقديم الدعم لحزب الله والسعي إلى زعزعة استقرار لبنان»، وقال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز إن إيران تقف وراء الاضطرابات الجارية في لبنان في إطار محاولتها السيطرة على كل الشرق الأوسط.
بصرف النظر عن طبيعة الدور الإيراني في لبنان فإن الحقيقة العظمى التي ثبتت واقعياً وعملياً على الأرض هي أن حزب الله كتنظيم لمقاومة وطنية مسلحة يمثل أخطر ترياق عربي ضد إسرائيل، ونعرف أيضاً أن إيران هي القوة الخارجية التي تتولى دعم هذه المقاومة المنظمة بالسلاح والمال على نحو سخي جداً، ليس فقط لمساعدة حزب الله في مهامه القتالية وإنما أيضاً في مؤسساته الخيرية العاملة في لبنان.
ونفهم إذن لماذا يعمد الثنائي الأميركي الإسرائيلي إلى تشويه صورة العلاقة النضالية بين إيران والمقاومة اللبنانية، حيث إن هذه العلاقة تشكل خطراً ماحقاً على أمن الدولة اليهودية، لكننا لا نفهم كيف يتطابق الموقف العربي العام مع هذا الموقف الأميركي الإسرائيلي.
حسن جداً أن تتداعى الدول العربية إلى عقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب كلما تجددت الأزمة المخضرمة بين فريق «الموالاة» وفريق المعارضة على مسرح الأحداث اللبناني، لكن مثل هذه الاجتماعات تظل خالية من أي مغزى طالما أنه ليس لدى الدول العربية خط استراتيجي ثابت مضاد للإستراتيجية الإسرائيلية المدعومة أميركياً تجاه مصير لبنان في سياق الصراع العربي الإسرائيلي بصورة عامة.
ومثل هذا الخط الاستراتيجي لن ينبثق إلا كإجابة عن سؤال ابتدائي أساسي هو: هل إسرائيل دولة عدو من المنظور العربي، وهل يصلح أن ينظر العرب إلى الولاياتالمتحدة كقوة حليفة أو على الأقل محايدة ونزيهة.. أيضاً في إطار الصراع العربي الإسرائيلي؟
إذا كانت الدول العربية أو قل أغلبيتها تعتبر إسرائيل العدو الاستراتيجي الأول والأعظم للأمة العربية، فماذا يضيرها أن تتولى قوة إقليمية كإيران مساعدة حركة مقاومة عربية موجهة ضد الدولة العبرية؟ بل إن المنطق الطبيعي في هذه الحالة هو أن ترحب الدول العربية بمثل هذا الدور.
هذا إذا كانت أفعال الدول العربية على أرض الواقع تتطابق تماماً مع أقوالها العلنية تجاه الصراع المصيري بين العرب والدولة اليهودية التوسعية، ومن ناحية أخرى كيف يتسنى للدول العربية أن تتعامل مع الولاياتالمتحدة كحليف في الصراع مع إسرائيل، بينما تعتبر واشنطن شراكتها الاستراتيجية الثابتة مع الدولة اليهودية حجر الأساس لسياستها تجاه منطقة الشرق الأوسط.
إن الخط الاستراتيجي المشترك بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل تجاه لبنان ومصيره واضح لا لبس فيه، فالهدف الأساسي هو تدجين تنظيم المقاومة الوطنية اللبنانية المتمثلة في حزب الله تمهيداً للقضاء عليها نهائياً، أما الموقف العربي فهو ظاهرياً حياد غير مفهوم يخفي تضامناً عملياً مع الثنائي الأميركي الإسرائيلي. عن صحيفة البيان الاماراتية 13/5/2008