بدء فعاليات التدريب المشترك ميدوزا -14 فى مصر.. فيديو    د.سراج العرايشي مرشح «حماة الوطن» يشيد بموقف الرئيس السيسي لحماية الانتخابات البرلمانية ويؤكد أعمل في الميدان تحت شعار «الناس أولاً»    وزارة الأوقاف تنفى إصدار صكوك لتمويل تطوير العقارات بقيمة 30 مليار جنيه    وزير الري يلتقي نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية    رئيس جامعة المنيا يفتتح الملتقى التوظيفي الخامس لكلية السياحة والفنادق    بيان مشترك بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج ووزارة التربية والتعليم والتعليم الفني    نائب محافظ الوادي الجديد تتابع فعاليات البرنامج التدريبي لذوي الاحتياجات الخاصة    الدولار يرتفع 22 قرشا ليسجل متوسط البيع 47.44 جنيه ختام التعاملات    تحذيرات من ديدان الذكاء الاصطناعى: برمجيات خبيثة تتعلم وتتكيف بلا خادم مركزى    إزالة 296 حالة مخالفة ضمن «المشروع القومي لضبط النيل» بالمنوفية    بعد اكتمال المشروع| ماذا تعرف عن الكابل البحري العملاق 2Africa ؟    استعدادا لاستضافة cop24.. البيئة تكثف أنشطة التوعوية بالمحافظات    استمرار جهود مصر لتخفيف معاناة سكان غزة عبر القافلة ال 76 من المساعدات للقطاع    ريبيرو: الأهلي فقد صبره بعد 4 مباريات.. وجاهز لتدريب جنوب إفريقيا    ماستانتونو: لامين أفضل مني حاليا.. وأتمنى التقاط إيقاع ريال مدريد وأوروبا سريعا    منتخب شباب الهوكي يتوجه للهند 23 نوفمبر للمشاركة في كأس العالم    إبراهيم صلاح: تعجبت من قرار إقالتي من تدريب جي.. وسأرد في الوقت المناسب    السجن المؤبد لشخص قتل زوجته في الإسكندرية    النيابة الإدارية تبدأ التحقيق في واقعة تنمر واعتداء على تلميذة بالدقهلية    الأرصاد تكشف تفاصيل الطقس..ارتفاع درجات الحرارة مع فرص أمطار متفرقة    انهيار والدة وخطيبة صاحب ملجأ حيوانات ضحية صديقه أثناء جنازته.. صور    سكك حديد مصر توضح حقيقة فيديو «مسامير القضبان» وتؤكد معالجة الواقعة بالكامل    سارة خليفة متورطة في شبكة عائلية لتصنيع وترويج المخدرات    نقيب المهن السينمائية ناعيا خالد شبانة: مسيرة حافلة بالخبرة والإخلاص    المسلماني: برنامج دولة التلاوة يعزز القوة الناعمة المصرية    حمزة نمرة يساند تامر حسني في محنته الصحية    القومي للترجمة يفتح أبواب الحوار الثقافي في صالونه الثاني    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    الأوقاف توضح حقيقة الأخبار حول صكوك تطوير العقارات وتؤكد الشفافية    وزير الصحة يلتقى مدير عام الصحة بتركيا لبحث تعزيز التعاون الثنائي    الكشف على 293 حالة بمبادرة جامعة بنها "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس كفر شكر    في يومه العالمى.. تجمع علمى تحت شعار "كل نفًس مهم" لمرض الانسداد الرئوي المزمن    وفاة المخرج خالد شبانة رئيس قطاع قنوات النيل المتخصصة وشقيق الإعلامي الرياضي محمد شبانة    محامى سارة خليفة يطالب بضم التقارير الطبية للمتهمين بقضية المخدرات الكبرى    أردوغان: صادراتنا السنوية بلغت في أكتوبر 270.2 مليار دولار    جامعة كفر الشيخ تنظم ندوة حول السوشيال ميديا بين البناء والهدم    خبر في الجول - ناد أوروبي يطلب قضاء نور عبد الواحد السيد فترة معايشة تمهيدا للتعاقد معها    الإسماعيلي ينفي شائعات طلب فتح القيد الاستثنائي مع الفيفا    محمد حفظي: العالمية تبدأ من الجمهور المحلي.. والمهرجانات وسيلة وليست هدفا    الصحة: مصر خالية من الخفافيش المتسببة في فيروس ماربورج    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    محمد صبحي يغادر المستشفى بعد تعافيه ويعود إلى منزله    المصرية لدعم اللاجئين: وجود ما يزيد على مليون لاجئ وطالب لجوء مسجّلين في مصر حتى منتصف عام 2025    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت التعامل مع الأمطار    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول الإسعافات الأولية لتعزيز التوعية المجتمعية    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    بث مباشر.. المغرب يواجه أوغندا اليوم في ودية استعدادية لكأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حذارِ الاهتراء / سليم الحص
نشر في محيط يوم 03 - 05 - 2008


حذارِ الاهتراء
سليم الحص
كنا نخشى، كما كان كثيرون، أن يؤدي الفراغ في سدّة الرئاسة الأولى إلى تفجير أمني في لبنان لا تُعرف أبعاده. لم يحصل ما كان متوقعاً والحمد لله. بقي الوضع الأمني هادِئاً نسبياً بفضل وَعي المواطنين وإرادة بعض القيادات السياسية وتصميم من الجميع على عدم العودة إلى أجواء الاقتتال المتمادي التي سادت خلال الحرب الأهلية على امتداد خمسة عشر عاماً، ما بين 1975 و1990.

كانت هناك محاولات متكرّرة لإشعال فتنة بافتِعال صدامات مسلّحة في مناطق حسّاسة. ولكن هذه المحاولات تمّ إحباطها بفضل إرادة الناس عموماً والدور الفاعِل الذي قامت به قوى الجيش ومعها القوى الأمنية. وقد خيّب الجيش، بفضل قيادته المتميّزة، رهان ذَوِي المآرب الخبيثة على انفراط عقد المؤسسة العسكرية بفعل الضغوط الفئوية التي يتعرّض لها المجتمع. فبقي الجيش متماسِكاً وفعّالاً، على العهد به.

هل هذا الواقع مدعاة للاطمئنان والاسترخاء؟ كلاّ ثم ألف كلاّ.. فالواقع العام يبقى هشاً، عُرضة للاشتعال في أي لحظة في حال عدم الاستمرار في التِزام جانب الحذر الشديد. فأعداء لبنان ما زالوا ماثِلين، وهم يتربصون به شراً. وفي مقدمة هؤلاء “إسرائيل"، التي تتستر بالموقف الأمريكي. ومع أن استمرار الهدوء، ولا نقول الاستقرار، الأمني ما زال قائماً، فإن الوضع العام آخذ في التآكُل، وهو عرضة للاهتِراء مع الوقت في غياب دور فاعل للدولة، وذلك على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وفي نهاية المطاف قد لا يسلم أمنياً.

الاهتِراء، من جراء السلطة غير الفاعلة، ماضٍ في سبيله بِلا هوادة. ويتجلى ذلك على الصعيد الاقتصادي كساداً عارِماً يعمّ الأسواق وتعثر أعداد متزايدة من البيوتات التجارية والصناعية والسياحية، وانعِكاس ذلك سلباً على أوضاع بعض المصارف، وتقلّص منسوب الإنتاج عموماً في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتأثير ذلك سلباً على ميزان لبنان التجاري مع الخارج وعلى بعض عناصر ميزان المدفوعات الحيوية، وأهمها التدفقات المالية ومردود حركة السياحة.

وكان لكل ذلك تداعيات على الوضع الاجتماعي تجلّت في تعاظُم مدّ الهجرة إلى الخارج، ولا سيما في صفوف الشباب، وفي هذا ما فيه من حرمان للاقتصاد الوطني من طاقات إنتاجية مثمرة، ولو أن الهجرة الجارِفة كان لها مردود إيجابي من حيث أنها حالت دون بقاء الشباب ضحية بطالة تجعل منهم عالَة على المجتمع، كما أنها فتحت أمام هؤلاء الشباب أبواب العمل المنتِج في الخارج فأتاحت للمجتمع مصدراً جديداً للدخل عبر تحويلات العاملين في الخارج إلى عائلاتهم وذويهم في لبنان. ومن مظاهر الاهتِراء الاجتماعي تزايد واقع الفرز الفئوي بين المناطق، الأمر الذي يتهدد مع الوقت وحدة المجتمع وبالتالي وحدة الوطن. ولعل من أخطر مظاهر الاهتِراء اعتِياد الناس على عدم وجود سلطة، الأمر الذي يمكن أن يؤدّي إلى تعقيد مساعي إحياء السلطة الواحدة، وفي نهاية المطاف تهديد وحدة المجتمع والدولة.

وفي حال استمرار الحال التي تسيطر على البلاد، فإن لبنان مقبل على مواجهة واقع جديد أخطر ما قد يجرّ إليه حلول موعد الانتخابات النيابية في عام ،2009 من دون أن تكون ثمة إمكانية لإجرائها سواء بسبب أن الحكومة القائمة، والتي يطعن نصف اللبنانيين في شرعيتها ودستوريتها وميثاقيتها، لن تكون قادرة على قيادة العملية الانتخابية، أو بسبب الرفض شبه الشامل لقانون الانتخاب الساري المفعول، أي قانون العام ،2000 في وقت يتعذر استصدار قانون جديد يحظى بالتوافق ومجلس النواب لا يجتمع فيما الوضع الحكومي متعثر. بذلك فإن لبنان مرشح، في حال استمرار الأزمة لا قدر الله، لأن يغدو البلد الوحيد في العالم من دون دولة: حيث لا رئيس للجمهورية ولا مجلس نواب وحكومة بتراء مطعون في شرعيتها. هذا واقع رهيب سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات.

وعملية الفرز الفئوي بين المناطق تصبّ في مصلحة مشاريع فدرلة لبنان وبالتالي تقسيمه على قواعد مذهبية وطائفية. ونحن نرى في مشاريع الفدرلة فاتحة للاقتِتال الفئوي المفتوح إذ يستحيل الصراع الفئوي حرباً على الحدود بين الكيانات الفئوية المتنافسة. وستكون حرباً على الشارع والحي والقرية. هذا ناهيك باستحالة جمع طوائف معينة في كيان واحد عملياً نظراً لتبعثُر أبناء هذه الطوائف في شتى المناطق اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.

ومن المسلمات أن الاهتِراء كان سيبلغ حدود الانهيار الشامل لولا عاملان على الأقل: الفورة النفطية وهجرة الشباب إلى الخارج. فالفورة النفطية، الناجمة عن تصاعد حاد في أسعار النفط إلى أكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه من مستوى قبل بضعة أشهر، أنتجت فوائض مالية في الدول المصدرة. كان لبنان مؤهلاً لتلقف شطر معين من هذا الدفق المالي إن على شكل إيداعات مصرفية أو استثمارات عقارية وصناعية وسياحية وخلافها.

ولكن لبنان، في حال التأزّم الشديد التي تهيمن عليه، لم يصب من مردود هذا الدفق سوى النزر اليسير جداً. وقد نال منه الأردن وسوريا نصيباً أوفر على ما يظهر جلياً. إلا أن هذا النزر كان كافياً للمساعدة على الحؤول دون الانهيار الشامل. ومن المفارقات أن بعض المؤشرات الرقمية الاقتصادية والمالية والنقدية، مع حدّة الأزمة المستمرة، كانت إلى حد ما إيجابية، كذلك كانت القيم العقارية وبعض الأسهم المتميزة من مثل سهم شركة سوليدير. فالعملة اللبنانية حافظت على استقرارها في مقابل الدولار، مع أن الدولار سجل في المرحلة الأخيرة تراجُعاً ملحوظاً. ومجموع الودائع المصرفية سجل بعض الزيادة. ولكن هذه المؤشرات لم تكن لتنمّ عن تحسن حقيقي في الحركة الاقتصادية وإنما كانت بمثابة الفقاقيع التي يمكن أن تتلاشى وتنقلب إلى نقيضها. فالنمو الاقتصادي لا يستقيم ويدوم إلا على دفق استثمارات مالية ولا يتحقق إلاّ في ظل ثِقة وطيدة بمستقبل البلد والاطمئنان إليه. وهذا ما يفتقده لبنان في ظل الأزمة المتمادية.

فهلاّ وعينا هذا الواقع وارعوينا عن غيّنا. والتعبير عن ذلك يكون بتجاوز الصغائر والمسارعة إلى حلّ نهائي حاسم للأزمة المستحكمة.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
3/5/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.