حماس بعد كارتر عاطف عبد الجواد في الوقت الذي يجري فيه الرئيس الأسبق كارتر حوارا مع حماس تقول دراسة اسرائيلية إن حماس تركز على تحسين طبيعة الصواريخ المتوفرة لها في غزة والتي تأتي مهربة عن طريق عشرات الأنفاق تحت الأرض من مصر. ولا تدين الدراسة مصر لعمليات التهريب هذه ولكنها تصف مصر بعدم الكفاءة في مكافحتها. وتقول الدراسة إن بعض هذه الصواريخ يصنع خارج غزة والبعض الآخر يجمع داخل القطاع. وتقول الدراسة التي اجراها مركز بحوث مستقل وإن كان على صلة وثيقة بالاستخبارات الإسرائيلية إن حماس اصبحت اكثر مهارة في إخفاء الصواريخ في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وتهدف حماس من وراء هذه التكتيكات الى عدم الانخراط مع اسرائيل في قتال مكثف، بل في قتال خفيف فقط عندما تدخل القوات الإسرائيلية قطاع غزة. عندئذ تغوي حماس الوحدات الإسرائيلية لدخول المناطق السكانية الكثيفة حيث تنفجر فيهم الغام ومتفجرات زرعت مسبقا انتظارا لوصولهم. الدراسة الإسرائيلية تحبذ عدم الدخول في هدنة مع حماس لأن مثل هذه الهدنة سوف تسمح لحماس بتعزيز مقدرتها العسكرية. ولكن لأن الدراسة تأتي في وقت يثار فيه نقاش حول جدوى سياسة عزل حماس، يرى البعض انها تشير ايضا الى حماس كلاعب لا غنى عنه في عملية السلام، وهو تماما ما يقوله الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي يتعرض لحملة من الانتقادات داخل الولاياتالمتحدة وفي اسرائيل. كارتر الذي دفع اسرائيل ومصر في السبعينات نحو معاهدة سلام كانت الأولى بين العرب والإسرائيليين، يقول إن الحوار مع العدو مهم، وإن السلام الفلسطيني الإسرائيلي لن ينجح بدون دور لحماس. وبعد سلسلة من الاجتماعات مع زعماء حماس ومن بينهم خالد مشعل في دمشق والدكتور محمود الزهار في القاهرة ، ضمن آخرين، وصف الرئيس كارتر حماس بأنها "عقلانية معقولة". وقال إن حماس على استعداد ان يتولى الرئيس الفلسطيني محمود عباس التفاوض مع اسرائيل ممثلا لكافة الفلسطينيين، بما في ذلك حماس، وقال إن حماس سوف تقبل اي اتفاق يتوصل اليه عباس مع اسرائيل بشرط ان يطرح هذا الاتفاق على استفتاء شعبي عام. لو ثبت ان كلام الرئيس كارتر يمثل بالفعل موقف حماس ، فإن هذا يعد تحولا في موقفها. غير ان محمود الزهار في مقال نشره في صحيفة واشنطن بوست اثناء زيارة كارتر للمنطقة كرر القول إن المقاومة هي الخيار الوحيد المتاح، رغم كونه تحدث ايضا عن مفاوضات مع اسرائيل دون شروط مسبقة. ورغم ان كارتر قد لا ينجح في تبديل موقف حماس من اسرائيل، فمن الجلي ان حواره مع حماس منح الجماعة شرعية في وقت يتساءل فيه الأميركيون بشأن جدوى عزل حماس. حوار كارتر مع حماس سوف يعزز موقف الأميركيين الراغبين في دور لحماس في عملية السلام. ولأن الرئيس بوش يرغب في اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قبل انصرام رئاسته في يناير المقبل، فإن تسريع العملية لن ينجح في غياب حوار مع حماس. ومن المفارقات ان الانتقادات التي يتعرض لها كارتر داخل الولاياتالمتحدة واسرائيل تأتي في وقت تنخرط فيه الحكومتان في حوار غير مباشر مع حماس عن طريق وساطة مصرية. حماس تكسب سياسيا ، ويدلل على النجاح حوار كارتر معها. ولكن سيكون عليها استثمار هذا الحوار بحكمة وتعقل وإلا ضاع المكسب على المدى الأبعد. وحماس تكسب عسكريا، ويدلل على النجاح ما اوردته الدراسة الاستخباراتية الإسرائيلية، ولكن سيكون عليها استثمار هذا النجاح بحكمة وتعقل وإلا ضاع المكسب الا على المدى القصير. هل ينجح كارتر وهو خارج البيت الأبيض في تحقيق ما اخفق فيه الرئيس جورج بوش من داخل البيت الأبيض حتى الآن؟ سؤال تعرف حماس فقط اجابته. عن صحيفة الوطن العمانية 19/4/2008