أزمة العلاقات الروسية الجزائرية د.هاني شادي بعد زيارة الرئيس الجزائري إلى موسكو في فبراير الماضي أعلنت روسيا موافقتها على استرداد 15 من طائرات "ميج 29" التي تسلمتها الجزائر في إطار صفقة أسلحة روسية وذلك بطلب من القيادة الجزائرية بحجة أن هذه الطائرات لا تتطابق والمواصفات المطلوبة للجيش الجزائري. غير أن مصدرا في هيئة التعاون العسكري الروسي مع الدول الأخرى يرى أن الجزائر عبرت عن رجائها بأن تستعيد روسيا هذه الطائرات لكي تظهر لفرنسا والولايات المتحدة الأميركية أنها غير تابعة للتعاون مع روسيا في المجال العسكري ، مرجحا أن يكون اختيار طائرات "ميج" جاء بالصدفة. وأضاف المصدر أن روسيا عرضت على الجزائر طائرات قتالية أخرى متطورة من طراز "ميج - 29 م 2" أو "ميج - 35"، مشيرا إلى أنه يمكن للجزائر أن تشتري الطائرات المطلوبة من فرنسا ، إلا أن ثمن طائرة "ميراج" القديمة يبلغ 30 مليون دولار بينما يبلغ ثمن طائرة "رافال" الجديدة ما يتراوح بين 60 و80 مليون دولار، مقابل 20 مليون دولار ثمن الطائرة الواحدة من طائرات "ميج" التي حصلت عليها الجزائر. ويعتقد المحلل العسكري الروسي قسطنطين ماكيينكو أن حظيرة سلاح الجو الجزائري قد تصبح خالية من الطائرات القتالية الحديثة في حال رفضت الجزائر استيراد طائرات "ميج". ومن جانبها أعلنت وزارة الدفاع الروسية استعدادها لشراء الطائرات العائدة من الجزائر. وقال مصدر في هيئة التعاون العسكري الروسي إن موسكو لا تنوي إعادة ما حصلت عليه من الجزائر كمقدمات نقدية قدرها 250 مليون دولار. وامتدت أزمة الطائرات بين روسياوالجزائر إلى مقاتلات أخرى روسية وهي " سوخوي 30 " حيث علقت الجزائر في الفترة الأخيرة تسديد المدفوعات المتفق عليها مع موسكو لشراء هذه الطائرات الحربية. كما تقدمت الحكومة الجزائرية بطلب لروسيا بتجهيز طائرات التدريب " ياك 130 " بأجهزة ناطقة بالفرنسية. وما كان من شركة "إيركوت" الروسية المصنعة لمقاتلات "سوخوي" إلا أن أعلنت أنها سلمت الجزائر ست طائرات، ولكنها ستعلق تسليم المزيد من الطائرات بسبب تأخر المدفوعات. وكانت الاتفاقية التي وقعتها روسياوالجزائر في مارس 2006 تضمنت تزويد الجزائر ب28 مقاتلة من طراز "سوخوي-30 " و34 مقاتلة من طراز "ميج-29" و16 طائرة من طراز "ياك-13". هذه المشكلة ذات الطابع العسكري يبدو أنها انعكست على التعاون الروسي الجزائري في مجال الغاز حيث صرح رئيس شركة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك" بأن شركة "جازبروم" لن تشارك في مشروع مد خط أنابيب جديد لنقل الغاز في الجزائر لأن مدة مذكرة التعاون مع هذه الشركة انتهت. وكان التوقيع على مذكرة التعاون بين "سوناطراك" و"جازبروم" قد أثار قبل عامين غضب الاتحاد الأوروبي، إذ اعتبر الأوروبيون أن أهم مصدّرين للغاز الطبيعي إلى أوروبا بصدد الدخول في حلف توطئة لإقامة تكتل للغاز بمقدوره التحكم في أسعار بيع الغاز إلى المستهلكين. لهذا سارع الاتحاد الأوروبي إلى توقيع اتفاقية تضمن تصدير الغاز الجزائري إلى أوروبا في يوليو 2007. ورأى مسؤولون في المفوضية الأوروبية أن الاتفاقية الموقعة مع "سوناطراك" "تتيح إزالة عقبة هامة على طريق إقامة سوق أوروبية موحدة للغاز. ثم أعلنت الشركة الجزائرية في ديسمبر 2007 عن إنهاء الاتفاقيات مع "جازبروم". ويرى سيرجي برافوسودوف، رئيس المعهد الوطني لبحوث الطاقة في روسيا أن الجزائر رأت أن أفضل لها أن تعلق التعاون مع موسكو على أن تفسد العلاقات مع أوروبا. ويرى مراقبون روس أن الأزمات الحالية بين موسكووالجزائر قد تؤثر سلبا على تطوير العلاقات بينهما في المستقبل وذلك رغم السعي الحثيث للقيادة الروسية نحو تعزيز العلاقات مع الدول العربية. فالرئيس الروسي الحالي بوتين يعد الزعيم الروسي الوحيد الذي زار مجموعة كبيرة من البلدان العربية في غضون الفترة الممتدة بين عامي 2005 و2007. عن صحيفة الوطن العمانية 30/3/2008