وزارة الهجرة تطلق رابط تسجيل للطلاب المصريين في قيرغيزستان    وزير الري يلتقى نظيره الناميبي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين    بعد ارتفاعها.. سعر الفراخ البيضاء اليوم منتصف تعاملات الخميس 23-5-2024 داخل شعبة الدواجن    اليوم.. انقطاع المياه عن مناطق غرب الإسكندرية    محافظ الجيزة يتابع أعمال تطوير طرق طراد النيل وجامعة الدول العربية    ارتفاع حصيلة توريد القمح 260 الف طن في الدقهلية    تايوان تنتقد استفزازات الصين مع بدء مناورات تحاكي حصار الجزيرة    وزير الدفاع الأمريكي يطالب نظيره الإسرائيلي بإعادة فتح معبر رفح    محكمة العدل الدولية تعلن موعد إصدار حكمها في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    موعد مباراة الهلال والطائي فى الدورى السعودى 2024 والقنوات الناقلة    بسبب الإصابات المفاجئة.. غربلة محتملة في تشكيل الأهلي أمام الترجي    فليك يستعد لخلافة تشافي في برشلونة    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدا    الحماية المدنية بالفيوم تسيطر على حريق نشب في مخزن للأخشاب دون وقوع إصابات بشرية    اليوم الثالث لحادث ميكروباص معدية أبو غالب.. ارتفاع أعداد الضحايا واستمرار البحث    تركتها في الشارع حتي توفت من البرد.. حيثيات حكم أم تسببت في وفاة طفلتها    إيرادات ضخمة ل فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في دور العرض المصرية (بالأرقام)    تخرج الدفعة العاشرة من طلاب برنامج التصميم الجرافيكي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    الداخلية تُحرّر 170 مخالفة للمحال المخالفة لترشيد استهلاك الكهرباء    رئيس جهاز تنمية المشروعات يستقبل وفد «الجايكا» اليابانية    "شوف جمال بلدك".. النقل تعلن تركيب قضبان الخط الأول للقطار السريع - فيديو    تراجع واردات التصديري للورق والتغليف ب 16% خلال الربع الأول من 2024    "5 أساطير سبقوه".. هل يسير صلاح على نهجهم وينضم للمنتخب الأولمبي؟    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    وفاة عصام ابو ريدة شقيق رئيس اتحاد الكرة السابق    تداول 15 الف طن بضائع عامة بموانئ البحر الأحمر ووصول 740 سيارة لميناء بورتوفيق    تمريض القناة تنظم مؤتمرا حول "القبالة والصحة النفسية للمرأة" (صور)    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع تكتيكي بجنود بالذخيرة الحية    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الكل مضروب.. حوادث الامتحانات فى المحافظات لا تفرق بين طالب ومدرس    إصابة مسنة وشابين في انفجار إسطوانة بوتوجاز داخل منزل بمنطقة إمبابة    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    إصابة طفلين فلسطينيين برصاص الاحتلال شرق مدينة قلقيلية    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    "العدل الدولية" تصدر غدا حكمها بشأن تدابير الطوارئ في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    صحة المنيا: علاج 7 آلاف مواطن على نفقة الدولة خلال أبريل الماضي    ضبط فني أشعة انتحل صفة طبيب وأدار مركزًا ببني سويف    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    البث العبرية: 70% من الإسرائيليين يؤيدون تبكير موعد الانتخابات العامة    انتظام أعمال الامتحانات بكلية أصول الدين بطنطا والشريعة والقانون بتفهنا الأشراف    الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على شمال غزة    الأهلي يفتقد نجم وسط الملعب أمام الترجي بسبب الإصابة    أمين الفتوى ينفعل على زوج يحب سيدة متزوجة: ارتكب أكثر من ذنب    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    أتالانتا يضع حدا لسلسلة ليفركوزن التاريخية    رسميا.. انطلاق فيلم "تاني تانى" فى دور العرض اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمس سنوات من الحرب والفوضى الخلاقة! / صلاح الدين حافظ
نشر في محيط يوم 19 - 03 - 2008


خمس سنوات من الحرب والفوضى الخلاقة!
صلاح الدين حافظ
خمس سنوات دامية مدمرة مرت منذ بدء الغزو الأميركي للعراق، مارس 2003 مارس 2008، وهي سنوات في سجل التاريخ، تعتبر الأكثر دموية بسبب حرب عدوانية هي الأعنف شراسة، قامت خلالها القوة العظمى الأميركية، بتدمير كامل لبلد عربي وتمزيق أوصال شعبه وتفكيك مؤسساته الرئيسية، تطبيقا نموذجيا لنظرية «الفوضى الخلاقة» التي ابتدعها المحافظون الجدد غلاة التطرف الملتفون حول عنق الرئيس بوش وحكمه.
بعد خمس سنوات من الحرب التي أدت إلى قتل وجرح أكثر من مليون عراقي، ونحو أربعة آلاف جندي أميركي، وتشريد وتهجير أربعة ملايين عراقي ما بين الداخل والخارج.. يجدر بنا قبل الأميركيين، التوقف والتنبه لدراسة واستيعاب دوافع هذه الحرب وأسبابها ونتائجها الكارثية.
يجب تذكير الرئيس بوش، أنه قبيل اشعال حملة غزو العراق واحتلاله، حدد مع كبار معاونيه ثلاثة أسباب للحرب، أولها اتهام نظام الرئيس العراقي صدام حسين بامتلاك أسلحة دمار شامل تهدد الأمن والسلم الدولي، وثانيها اتهامه بإقامة علاقات وطيدة مع تنظيم القاعدة، المتهم بالهجوم الدموي على نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001، وثالثها إزاحة نظام استبدادي لم يكتف بقهر حرية شعبه العراقي، بل هدد ويهدد استقرار دول الجوار منذ مغامرته بغزو الكويت عام 1990.
هذه هي أسباب إشعال الحرب، فماذا تحقق منها بعد خمس سنوات تمثل في التاريخ الأميركي، الحرب الأطول للجيوش الأميركية بعد حرب فيتنام التي استمرت نحو 12 عاما..
بعد كل الصخب السياسي والضجيج الإعلامي، الذي شنته واشنطن لتبرير حربها ضد العراق والترويج لإقناع العالم بسلامة ومنطقية أسبابها، عادت واشنطن نفسها وخصوصا خلال العامين الأخيرين، لتعترف علانيه ان أسباب الحرب ودوافعها لم تكن صادقة.
فقد تيقنت الولايات المتحدة قبل العالم كله، بأن نظام صدام لم يكن يملك أسلحة دمار شامل، ثم تيقنت أن هذا النظام لم يكن له أي علاقة بتنظيم القاعدة ولا بهجمات نيويورك وواشنطن، ولا بأي عمليات إرهابية ضد مصالحها. وبذلك اسقطت السببين الرئيسيين لشن الحرب قبل خمس سنوات، ولم يبق إلا السبب الثالث وهو اسقاط نظام صدام، وهو ما نجحت فيه فعلا ولكن بأي مقابل!!
ورغم الجهد الأميركي الهائل لاقناع العالم بشرعية شن هذه الحرب، ورغم الجهد الأكبر الذي بذلته جماعة المتأمركين العرب للترويج لهذه الحرب وضروراتها، ترديدا ببغاويا لكل الدعاوى الأميركية التي ثبت كذبها، فإن البعض منا لا يزال يصدق أن أميركا تتورط في حرب دامية مدمرة، على مدى خمس سنوات، قد تستمر خمسا أخرى، لكي تسقط نظاما أو تثبت أنه يملك أسلحة دمار شامل أو يمول تنظيم القاعدة.
لكن الحقيقة تظل دائما قادرة على السطوع حتى وان تأخرت، ذلك ان الحقيقة أثبتت ان كل الدعاوى السابقة، لم تكن إلا مجرد غطاء لأهداف استراتيجية أهم بالنسبة لأميركا .. وهي أهداف ترتبط مباشرة بمشروع «القرن الأميركي الجديد» الذي يبشر به غلاة المحافظين الجدد، والذي يقوم على فرض الهيمنة الأميركية المطلقة على مصير هذا العالم، من خلال التحكم في مصادر الطاقة وحقول النفط، والسيطرة على طرق التجارة وشبكاتها العالمية، والاشراف العسكري المباشر على المواقع الاستراتيجية الحاكمة في البحر والجو والبر.
ولكي تحقق أميركا ذلك، لا تتوانى عن خوض حروب والدخول في صراعات عسكرية باتساع خريطة العالم، ولا تتوقف عن نشر نظرية الفوضى الخلاقة .. وقد كان العراق لسوء حظه هو المكان النموذجي المختار لتجريب كل ذلك فضلا عن اختبار أسلحة حديثة جديدة .. نفط العراق ومخزونه هو الثاني في المنطقة بعد مخزون المملكة العربية السعودية، بل ان بعض التقارير تؤكد انه الأول قبل السعودية ودول الخليج مجتمعة، ها هو قد سقط عمليا في القبضة الأميركية عن طريق فرض الأمر الواقع بالاحتلال العسكري، ثم تغطية ذلك باتفاقات ومعاهدات مع حكومات عراقية غير شرعية من وجهة نظرنا.
ثم ان العراق بموقعه الاستراتيجي يمثل للمشروع الأميركي، منطقة المفاصل الحاكمة في الخريطة، فهو الفاصل الواصل بين ايران وتركيا من ناحية والدول العربية ابتداء من دول الخليج والسعودية جنوبا وغربا، حتى سوريا ولبنان وفلسطين شمالا وشرقا من ناحية أخرى، وهو القريب من دول وسط آسيا المستقلة، عن الاتحاد السوفياتي، بما فيها من مواقع استراتيجية ومخزون نفط وغاز، وبما لها من اطلالة مباشرة على روسيا التي تشكل الهاجس الدائم لأميركا.
كما أن العراق ظل يمثل تهديدا قويا لإسرائيل، الحليف الاستراتيجي لأميركا، وهو تهديد إن كان قد برز في الماضي، فلم يعد مسموحا له بلعب أي دور في الصراع العربي - الاسرائيلي، سواء كان دورا عسكريا أو سياسيا، لأن تأمين اسرائيل وتقويتها يعتبر عنصرا رئيسيا في مشروع القرن الأميركي الجديد، عنصرا يساعد المجهود الأميركي في حماية المصالح الحيوية، وفي تخويف واخضاع الدول العربية مع ايران التي توصف بأنها مركز محور الشر!
ويجدر الاعتراف بأن أميركا نجحت في تحقيق عدد كبير من أهدافها، رغم خسائرها البشرية في الحرب، ورغم تضخم خسائرها المالية التي وصلت الي 500 بليون دولار حتى الآن، ترتفع الى ثلاثة تريليونات دولار في عام 2015، تمثل التكاليف المباشرة وغير المباشرة، وهو عبء بالغ الثقل على الاقتصاد الأميركي.
نجحت أميركا في تدمير بلد عربي كبير وغني ليكون نموذجا يحمل تهديدا لجيرانه، ونجحت من خلاله في نشر الفوضى الخلاقة، فإذا بالعالم العربي يموج بالتوتر والعنف والارهاب والكراهية، ونجحت في السيطرة على النفط العراقي لتكتمل سيطرتها على النفط العربي كله، ونجحت في زرع واشعال الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد في العراق، تمهيدا لنقل الفيروس الى العالم العربي والاسلامي، وسيلة للتدمير الشامل والفوضى الخلاقة!
وبالمقابل وعدت أميركا بأن تقيم في العراق واحة نموذجية للديمقراطية والرخاء والاستقرار، تشعل غيرة الجيران وتغريهم بتقليدها، إلا ان ذلك لم يتحقق بعد خمس سنوات، فمازالت الدماء تجري والعنف يزداد والصراعات الطائفية والمذهبية تشتعل، والتمزق يصيب كيان الدولة تمهيدا لتحويلها الى دويلات طائفية وعرقية، ومازال الأمن مفقودا والازدهار بعيدا، ومعدل البطالة يرتفع طبقا للتقارير الدولية الى 50 في المائة، ومعدل الفقر يزداد عن تلك النسبة، في بلد كان الأغنى بحكم ثرواته الزراعية والنفطية.
إذن.. بقدر ما كانت دعاوى أميركا واسبابها لشن الحرب ضد العراق، كاذبة وواهية وملفقة سقطت كأوراق الخريف أمام أنظار العالم، بقدر ما ان الاسباب الحقيقة لشن الحرب، والتي اخفاها دعاة الحرب وعصابة المحافظين الجدد، قد تكشفت الآن بعد تطبيقها على أرض الواقع، وخصوصا اتخاذ العراق نموذجا للتدمير ونشر العنف والصراع والتمزيق السياسي والطائفي.. وهذا أهم نجاح حققه مشروع القرن الأميركي.
بالمناسبة يزور المنطقة هذه الأيام السيد ديك تشيني، الذي يعرف رسميا بأنه نائب الرئيس الأميركي، ويعرف سياسيا بأنه زعيم عصابة الحرب داخل البيت الأبيض، ومن المصادفات أن زيارته تتزامن مع الذكرى الخامسة لغزو واحتلال العراق، فهل جاء كما تقول واشنطن لتطمين العرب وإسرائيل بالالتزام الأميركي بالسلام، أم جاء لأهداف أخرى يريد إتمامها والتأكد من ثباتها قبل أن يغادر مع رئيسه البيت الأبيض بعد شهور قليلة!
اعتقد انه جاء ليراجع بنفسه وعلى الطبيعة، نتائج ما فعلت يداه هو وعصابته، من حرب مدمرة وعنف شرس وصراعات طائفية، وكراهية مشتعلة وإرهاب قائم وآخر كامن.. جاء ليتأكد من قدرة الفوضى الخلاقة، ولينذر حلفاءه العرب بالويل والثبور، فالعراق المدمر أمامكم وإسرائيل القوية خلفكم، والأساطيل الأميركية حولكم.. والنفط تبعنا وعليكم الخضوع لشروط التحالف في القرن الأميركي الجديد!!
ومن الهوان أن ترى العرب مطيعين مستسلمين بل مرحبين..
خير الكلام: يقول الشريف الرضي:
أبدي التجلد للعدو ولو درى
بتململي لقد اشتفى أعدائي
عن صحيفة الوطن القطرية
19/3/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.