سوريا في مهداف التفاوض حسام كنفاني لا يمكن إلا ملاحظة متغيرات تعتري المسار التفاوضي الذي أرسي في لقاء أنابولس بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين". وبغض النظر عن الانتهاكات “الإسرائيلية" اليومية لبنود خريطة الطريق، فإن هناك تهميشاً “إسرائيلياً" للتفاوض مع الفلسطينيين وفق استراتيجية يقودها وزير الحرب “الإسرائيلي" إيهود باراك. باراك، الذي غاب عن الاجتماع الثلاثي أول من أمس لاستئناف المفاوضات، يرفع لواء التفاوض على المسار السوري منذ وصوله إلى رئاسة حزب “العمل" وشراكته في الائتلاف مع إيهود أولمرت. ويرى باراك مكاسب استراتيجية على المدى البعيد في إرساء السلام مع دمشق، على عكس الوضع مع الفلسطينيين، إذ يعتبر أن دمشق هي الحلقة الوسطى في تحالف إيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، وإبعادها عن هذا المحور يؤثّر جوهرياً في التواصل بين أطراف المحور. ويبدو أن باراك يجد شركاء له في الأوساط “الإسرائيلية"، فالتقرير السنوي للاستخبارات “الإسرائيلية" تخطى مهمة الإضاءة على المخاطر التي تهدد الكيان، ليلمح إلى “ثمن" السلام مع سوريا، وهو إرجاع هضبة الجولان كاملة إلى السيادة السورية. هذه الفقرة في التقرير وجد فيها المحللون “الإسرائيليون" تلميحاً من الاستخبارات إلى ضرورة تفعيل المسار التفاوضي مع سوريا. ويمكن تدعيم التقرير مع تركيز الصحف “الإسرائيلية" على “مكاسب" التفاوض مع سوريا، وآخرها ما نقل عن أوساط في قيادة أركان جيش الاحتلال في حثها للمستوى السياسي على الانتقال إلى العمل على استئناف التفاوض على المسار السوري، في ظل الإشارات الواصلة إلى “إسرائيل" من أكثر من طرف عن استعداد دمشق للعودة إلى طاولة المفاوضات في حال كان الثمن مناسباً. والثمن المناسب الذي لا تنفك دمشق تردده على مسامع كل زوارها هو الاعتراف “الإسرائيلي" بوديعة رابين والعودة بالمفاوضات إلى النقطة التي توقفت عندها، واسترجاع الجولان كاملة. آخر الزوار كان رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف، الذي نقل عن الأسد استعداده للقاء أولمرت في حال تلبية الشروط السورية. هذه المؤشرات تترافق بشكل مريب مع التحرّك الروسي المستجد لعقد مؤتمر موسكو للشرق الأوسط، والذي كان مقرراً للمسار السوري. التحرك يأتي رغم تلميح موسكو في أكثر من مناسبة إلى صرف النظر عن عقد المؤتمر بسبب عدم استعداد الأطراف. هل باتت الأطراف اليوم مستعدة؟ وهل تتجه “إسرائيل" فعلاً إلى تفعيل التفاوض مع سوريا أم أن مناورة جديدة في طريقها إلى الظهور؟ عن صحيفة الخليج الاماراتية 16/3/2008