الدمياطي .. يوسف القعيد ربما كانت المرة الأولي في تاريخ مصر عندما طوقت قوات الأمن مطار القاهرة الدولي مساء يوم الجمعة الأخير من فبراير الماضي لم يكن هناك رئيس ضيف آت إلي مصر ولا رئيس مصر مسافر لكن هذه الجماهير احتشدت حول المطار منذ الظهر لأنهم عرفوا - بطريقة أو بأخري . - أن عصام الحضري عائد إلي مصر بعد فشل رحلته إلي سويسرا التي استغرقت 189 ساعة كانت لدي الأمن معلومات مسبقة أن الجماهير يمكن أن تعتدي عليه ويمكن ان يتعرض لمشاكل ومضايقات خلال عودته فأمنت المطار، عصام الحضري لم يخرج من المطار في موكب رسمي تسبقه الموتوسيكلات ولم يكن في استقباله أحد لا من النادي الأهلي ولا من اتحاد الكرة ولا من قريته كفر البطيخ في دمياط لكنه كان عائداً من رحلة تابعتها الناس كما تابعت البشرية نزول جاجارين علي سطح القمر في ستينيات القرن الماضي مسجلاً السبق أمام البشرية كلها باعتباره أول إنسان يمشي علي القمر بقدميه عرفت أن عصام الحضري من دمياط من قرية كفر البطيخ وهي قرية دخلت التاريخ سنة 1968 عندما وصل الرئيس جمال عبد الناصر تقرير يقول أن يوسف وهبي كان يقدم مسرحية تراجيدية ضمن خطة للترفيه عن الشعب المصري بعد هزيمة يونيو 1967م. ساعتها وقف واحد من الجماهير وقال له: يوسف بك دراما إيه ودموع إيه عايزين حاجة تضحكنا وقد مضي يوسف وهبي في عرضه غير مبال بما استمع إليه لكن رُفِع تقرير للرئيس عبد الناصر يروي الواقعة كانت المرة الأولي التي يضحك فيها عبد الناصر بعد الخامس من يونيو وهو يسأل عن كفر البطيخ أين تقع؟ ويتساءل عن طبيعة هذا الشعب العظيم الذي يحاول تجاوز المحنة بالضحك يومها كُتبت المسرحيات وأجريت التحقيقات الصحفية وكتبت الروايات عن كفر البطيخ دون أن تعرف الناس السبب في الاهتمام المفاجئ بها كفر البطيخ من دمياط ولدينا في مصر مثل عن الدمايطة يقولون لك أن دمياطياً اضطر لعزومة ضيف وبعد العزومة شعر بورطة من أين سيدبر له الطعام؟ فطلب من إبنه أن يأخذ الضيف إلي حيث النخل الطويل الذي يحرس مدخل البلد، قال له قدم له بلحاً رطباً من الذي وقع من فوق النخل وعندما يبدأ تنظيف البلح ونفخه وتقشيره عد به إلي البيت، والرجل يقصد أن الضيف يكون قد ملأ ثلاثة أرباع بطنه وبالتالي لن يكلفه في وجبة العشاء إلا أقل القليل انا ضد النكت التي تتناول اقاليم مصر ولا أردد كثيراً النكت التي تنال من الصعايدة لأن رأيي أن هذه المسألة خطيرة تفتت وحدة الوطن لكن عصام الحضري كما قال كل زملاؤه لم يحب في حياته سوي الفلوس ومع هذا قيل في مصر أنه تعاقد مع نادي سيون السويسري علي نصف مليون دولار في السنة في حين أنه كان يحصل من النادي الأهلي كرقم إجمالي في السنة كلها علي ثلاثة ملايين جنيه أي أن المبلغ هنا يساوي المبلغ هناك لكن في قصته أمور اخري فقد قيل أنه حاصل علي دبلوم زراعة وبالتالي فإن فرصته في العمل الإداري سواء في النادي الأهلي أو اتحاد الكرة شبه معدومة وأن عمره الافتراضي اقترب من النهاية، لكن أيضاً يقال أنه حقق الملايين من وراء الكرة وليس في حاجة لتأمين مستقبله كما ادعي بعد الهروب، إحدي وكالات الأنباء الغربية وزعت صورة لزوجته تقف بجواره في سويسرا وقد خلعت الحجاب علماً بأنها لم تظهر في مصر إلا والحجاب فوق رأسها للتدليل علي ان عصام باع ماضيه وباع إسلامه واشتري بهما مستقبلاً غامضاً. والده عاتبه عتاباً شديداً لأنه هرب دون ان يخبرهم علماً بأن أخته كانت تنوي الترشيح في انتخابات المحليات معتمدة علي دعم عصام لها ومروره معها علي الناخبين، عصام قبل العودة اتصل بشخصية سياسية مرموقة من السهل التخمين من هي؟ يطلب منه ضمانات قبل العودة وان تكون العقوبة مخففة بقدر الإمكان أي أن تكون الوقف عن اللعب وليست الغرامة وليست الشطب وليست بيعه في مزاد علني لصالح الأهلي وقبل عودته مباشرة كان أحد المحامين قد لجأ للقضاء المصري ورفع قضية مستعجلة يطلب إسقاط الجنسية المصرية عنه وسحب جواز السفر منه لكن أخطر ما جري في قصة عصام أن إحدي الفضائيات اجرت استفتاءً بين مشاهديها هل تصرف عصام أخلاقي أم أنه ضد أخلاقيات المصريين؟ وكانت النتيجة 64% قالوا أن ما قام به أخلاقي ومن حقه و36% قالوا أنه أخطأ وهذا معناه أن فكرة الانتماء قد اهتزت عند المصريين هروب عصام الحضري جعل المصريين يقارنونه بهروب رجال الأعمال بأموال البنوك المصرية قالوا أنه هرب ومعه موهبته فقط فماذا فعلنا مع من هربوا بأموال المصريين أيضاً هروبه جعل المقارنة كثيرة بينه وبين الشباب الذين يهربون إلي المجهول من أجل البحث عن فرصة عمل في أوروبا.. الجماهير التي غنت له يوم المباراة الأخيرة: يا ليالي يا ليالي... والحضري دا السد العالي عادت تغني بعد هروبه: إحنا اللي بنينا السد... وحنبني سد أشد وجعلت الناس تقول في الشارع لا بد من عودة الحضري إلي مصر حياً أو ميتاً تحول من حارس مرمي لرمز للوطن وعودته أصبحت كرامة مصر. عن صحيفة الراية القطرية 11/3/2008