عندما يكذب "أولمرت"!! هاني حبيب اولمرت يكذب مجدداً، محاولاً الحفاظ على حكومته المهددة بانسحاب حزب "شاس" منها، رئيس الحكومة الاسرائيلية مضطر لاقناع هذه الحركة بالبقاء في حكومته بعدما رحل عنها زعيم "اسرائىل بيتنا" مهدداً حكومة اولمرت بالانهيار. يكذب رئيس الحكومة الاسرائيلية وهو يقول لزعيم شاس الحاخام عوفاديا يوسف، انه لا يجري مفاوضات سرية حول القدس مع الرئيس ابو مازن، نقرر ان اولمرت يكذب ويمارس لعبة الخداع للحفاظ على حكومته ليس لأن مستشاراً للرئيس الفلسطيني نفى ان يكون هناك اتفاق بين اولمرت وعباس لتأجيل المحادثات بشأن مصير القدس، فالمصادر الفلسطينية بكل اسف محل شك في كثير من الاحيان - نقرر ذلك لان الواقع وشهوداً من داخل حكومة اولمرت أكدوا ضمناً ومباشرة، ان المباحثات حول القدس تجري على قدم وساق. ففي رسالة وجهتها وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني لعضو مجلس بلدية القدس نيربركان قالت ان اسرائيل تعهدت في مؤتمر أنابوليس ببحث كافة قضايا الحل النهائي، مسائل اللباب في المفاوضات مع الجانب الفلسطيني "من دون اية استثناءات" وتشرح ليفني قائلة: "لا يوجد اي شيء متفق عليه طالما ان الامور لم تغلق نهائياً، وحتى لو توصلنا - تضيف ليفني- الى اتفاقيات في كافة المسائل، بما في ذلك قضية الحدود واللاجئين من دون تفاهم بصدد القدس فان هذه الاتفاقيات لن تساوي الورق الذي كتبت عليه. ما لم تقله ليفني بهذا الصدد ان مسألة كمسألة الحدود، لا يمكن التوافق بشأنها اذا لم يتم التوافق حول مسألة القدس، اذ ان الامر يتعلق بترسيم حدود الدولتين، ومن دون تحديد مكانة القدس، فان مثل هذا الامر يظل مستحيلاً، خاصة وان الاتفاق النهائي هو بداية لاقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود متعارف عليها ومعترف بها، فكيف يمكن التوصل الى ذلك بينما مسألة القدس، لم تحل، ومؤجل البحث فيها كما يكذب اولمرت. وعودة الى السيدة ليفني التي صرحت مؤخراً بأن (اسرائيل ستكون مضطرة الى التخلي عن جزء من "ارض اسرائىل" خلال عملية التفاوض مع الفلسطينيين)، فعن أي ارض تشير اسرائيل اذا لم تكن القدسالشرقية التي ضمتها اليها بعد حرب 7691، وباتت وفقاً للقانون الاسرائيلي عاصمة موحدة مع القدسالغربيةالمحتلة العام 8491. تأجيل بحث مسألة القدس، تم طرحه من قبل اولمرت على الولاياتالمتحدة، مصادر رئيس الحكومة الاسرائيلية ومن خلال تسريب خبر الى "هآرتس" اشارت الى ان واشنطن قبلت بموقف اسرائىل القائل بارجاء النقاش حول مستقبل القدس الى المرحلة النهائية من عملية التفاوض، لكن لم يصدر مثل هذا التأكيد من الجانب الاميركي، ولا من وزيرة الخارجية كوندو ليزا رايس التي قيل انها وافقت في مكالمة هاتفية من قبل اولمرت على مثل هذا التأجيل، الذي يتطلب موافقة فلسطينية على مثل هذا الامر، ما استدعى النفي الفلسطيني لمثل هذا التأجيل، بل تأكيد اضافي من قبل رئيس دائرة شؤون المفاوضات صائب عريقات عندما اشار الى ان المفاوضات بين الجانبين ستتناول جميع القضايا الرئيسية الست وهي القدس والمستوطنات والدولة واللاجئون والمياه والعلاقات المشتركة، مؤكداً ان الفلسطينيين لن يقبلوا باستثناء اي ملف او تأجيله. ولكن.. ومن الناحية الواقعية، فان اولمرت يستطيع تأجيل بحث هذا الملف الشائك بصدد القدس، او اي ملف آخر، حتى دون الاعلان عن ذلك، مستفيداً من ضعف المفاوض الفلسطيني الذي زاده الانقسام الفلسطيني الداخلي ضعفاً اضافياً، وهو - اولمرت- قادر لانه هو من يملك اوراق اللعب كاملة، اذ ان كافة مسائل الحل النهائي هي تحت السيطرة الاسرائيلية المباشرة، وحلها مناط بالدولة العبرية قبل اي طرف آخر، واولمرت ليس في عجلة من امره، بل على العكس فان مصلحته الشخصية، اضافة الى رؤيته للمصالح الاسرائيلية، هي في ترحيل كافة قضايا الحل النهائي الى ما شاء الله، صحيح ان هناك فرصة للتوصل الى حل، ولكن من قال ان ايهود اولمرت يبحث عن حل. ويقال بهذا الصدد، ان اولمرت، وهو يقرر تأجيل البحث في مسألة القدس، انما يراجع التجربة التفاوضية التي جرت بين رئيس الحكومة الاسبق ايهود باراك والرئيس الراحل ياسر عرفات، قبل سبع سنوات، عندما اراد الاول الفصل بين قضايا الحل النهائي، وتداول كل واحدة منها على حدة. باراك كان يهدف من وراء الفصل بين قضايا الحل النهائي، الى الوصول بالمفاوضات الى طريق مسدود، وهكذا كان، فشلت مفاوضات كامب ديفيد. اولمرت الآن، يحاول العبث بقضايا الحل النهائي من خلال تأجيل الواحدة تلو الاخرى لنفس الهدف، وهو افشال العملية التفاوضية، والمبرر الجاهز لهذا الفشل كما هو معلوم، الجانب الفلسطيني. الخلاف بين تجربة اولمرت وباراك، ان الثاني اعلن فعلاً عن مسألة الفصل بين مسائل الحل النهائي، في حين ان الاول، يفصل بينها من الناحية العملية، وتصريحات وزيرة خارجيته ليفني تشير بوضوح الى ان لا تأجيل ولا فصل، ولكن محاولة للابقاء على حكومته جعلته يسرب لزعيم شاس، انه بصدد تأجيل بحث مسألة القدس، اي تأجيل المفاوضات، اي افشال العملية التفاوضية، كما فعل باراك قبل سبع سنوات. اولمرت يكذب، ليس لانه لم يؤجل البحث في مسألة القدس، هو يكذب لانه لا يريد للعملية التفاوضية ان تبدأ بشكل حقيقي وواقعي وملموس، هو يكذب لانه يحاول ان يبدو وكأنه يتحاور ويتفاوض بهدف التوصل الى حل نهائي، بينما الوقائع تشير الى انه يكذب لانه ينجح في خداع الآخرين، اذ انه ليس بصدد اطلاق عملية تفاوضية جادة، ستفكك حكومته وستطلق انتخابات مبكرة من شبه المؤكد ان الليكود سيربحها!! عن صحيفة الايام الفلسطينية 20/2/2008