ترامب: سأبحث مع بوتين حدود أوكرانيا المستقبلية    انتشال سيارة سقطت بالترعة الإبراهيمية بطهطا.. وجهود للبحث عن مستقليها.. فيديو    انقلاب مقطورة محملة بالرخام أعلى الطريق الأوسطى...صور    محمد سعيد محفوظ يروى قصة تعارفه على زوجته: رسائل من البلكونة وأغاني محمد فؤاد    أحاديث السياسة على ألسنة العامة    عماد أبو غازي: المصريون خاضوا معركة من أواخر القرن ال18 ليحكموا بلدهم بأنفسهم    الجدول الزمني لجولة الإعادة في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. دعم أوروبي للخطوات الأمريكية لوقف حرب أوكرانيا.. الأمم المتحدة: مستشفيات غزة تكتظ بالمرضى وسبل النجاة من المجاعة منعدمة.. واستشهاد 13 بينهم 8 من منتظري المساعدات    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على حي تل الهوا بمدينة غزة    وزير الحرب الإسرائيلي يهدد خامنئي بالاغتيال: المشاركون في الزفاف الأحمر ينتظرونك    مدرب باريس سان جيرمان يرفع راية التحدي قبل مواجهة توتنهام في السوبر الأوروبي    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا بعد إنجاب طفلين    غدا.. اتحاد الكرة يغلق باب القيد الصيفى لأندية القسم الثالث    أخبار 24 ساعة.. 271 ألفا و980 طالبا تقدموا برغباتهم على موقع التنسيق الإلكترونى    إطلاق منظومة التقاضى عن بعد فى القضايا الجنائية بمحكمة شرق الإسكندرية.. اليوم    كانت تستعد للفرح، وفاة عروس قبل موعد زفافها بأيام في المنوفية    بعد حادث الشاطبي.. 12 توجيهًا من الإسكندرية للمشاة لعبور آمن للكورنيش    كيفية شراء سيارة ملاكي من مزاد علني يوم 14 أغسطس    أخبار الاقتصاد اليوم: صعود أسعار كرتونة البيض وتراجع سعر الذهب.. ارتفاع استهلاك الشاي عالميا إلى 7.4 مليار كيلوجرام.. والبورصة تخسر مليار جنيه بختام التعاملات    قرار جديدة من الإسكان بشأن حجز شقق ديارنا في 18 مدينة    حدث بالفن | حقيقة لقاء محمد رمضان ولارا ترامب وجورجينا توافق على الزواج من رونالدو    نظير عياد يستقبل مفتي القدس لدى وصوله القاهرة للمشاركة في المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء    8 سبتمبر نظر دعوى حظر تداول "جابابنتين" وضمه لجداول المخدرات    وكيل وزارة الصحة بدمياط يتابع رفع كفاءة مستشفى كفر سعد المركزي    سمية صفوت: هناك أشخاص جاهزون لقيادة الإسماعيلي فور سحب الثقة من مجلس أبوالحسن    ترامب يصدر أمرًا تنفيذيًا لتمديد الرسوم الجمركية على الصين 90 يومًا إضافية    اندلاع حريق غابات جديد غربي تركيا    برشلونة يكتفي بالصفقات الثلاث في الانتقالات الصيفية    وزارة الرياضة تعلن الكشف عن المخدرات| تشمل "الاولمبية والاتحادات والأندية واللاعبين"    غدًا.. «الوطنية للانتخابات» تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    أمير كرارة عن فيلم الشاطر: من أجمل التجارب التي خضتها    محمد حسن يبدأ التدريبات الفردية تمهيدًا لعودته للمشاركة مع الإسماعيلي    نائب رئيس جمعية مستثمري مرسى علم يكشف أسباب ارتفاع نسب الإشغالات السياحية بموسم الصيف    الشاي الأخضر.. مشروب مفيد قد يضر هذه الفئات    اللاعب لا يمانع.. آخر تطورات انتقال باليبا إلى مانشستر يونايتد    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    غدًا.. انطلاق المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمشاركة علماء من دول العالم    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    يسري الشرقاوي: القطاع الخاص آمن بمبادرة التيسيرات الضريبية    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    جدول مواقيت الصلوات الخمسة غدا الثلاثاء 12 أغسطس في المنيا والمحافظات    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    اللجنة الفنية في اتحاد الكرة تناقش الإعداد لكأس العرب    الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية تشارك في بطولة العلمين للجامعات    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    التعليم تصدر بيانا مهما بشأن تعديلات المناهج من رياض الأطفال حتى ثانية إعدادي    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    تداول بضائع وحاويات 18 سفينة في ميناء دمياط خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحكمة الدولية اكتملت.. متى الحكم؟
نشر في محيط يوم 16 - 02 - 2008


المحكمة الدولية اكتملت.. متى الحكم؟
د. عصام نعمان
“المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة" بلبنان، وهذا اسمها الرسمي، اكتملت نظاماً وأعضاء وتمويلاً وأصبحت جاهزة للعمل". هذا ما أعلنه رئيس هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل اللبنانية القاضي شكري صادر.
كلام صادر جاء في مناسبة الذكرى الثالثة لاغتيال المغفور له رئيس حكومة لبنان الأسبق رفيق الحريري. فقد أقام أنصار “تيار المستقبل" الذي يتزعمه نجله النائب سعد الدين الحريري ندوة في “معهد العالم العربي" في باريس كشف المتحدثون فيها على الملأ آخر أخبار المحكمة التي طالت إجراءات إقرارها وتأليفها. ما صلاحيات هذه المحكمة، ومم تتألف، ومتى تبدأ عملها؟
قال صادر دونما مواربة إنه جرى الالتفاف في نظام المحكمة على عدم سماح أحكام القانون اللبناني بملاحقة رؤساء الدول وذلك بالنصّ على “إعطاء المدعي العام صلاحية ملاحقة كل رئيس أمام هيئة المحكمة في حال توافر الأدلة". ووصف صادر المحكمة بأنها من طراز “ميغا ترايل" Mega-Trial أي المحاكمة الجماعية التي يمكنها النظر في كل الجرائم المقترفة في لبنان منذ محاولة اغتيال الوزير مروان حماده في 1/11/2004 إلى اغتيال الرئيس الحريري وتلك التي أعقبت اغتياله، وصولاً إلى الجرائم التي يمكن ان تكون لها علاقة بها في الماضي والحاضر.
والمحكمة، في واقعها وصلاحياتها، محكمة دولية بامتياز. ذلك أن صفة “ذات طابع دولي" هي مجرد تسمية سياسية، كما قال القاضي صادر. أكثر من ذلك: كشف صادر أنه جرى إرساء المحكمة على أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ولاسيما المادتين 41 و42 منه، اللتين أدخلتا في صلب المواد الأولى من نظامها “للالتفاف على أي عرقلة تأتي من طرف البرلمان اللبناني أكان ذلك لجهة تمويل المحكمة أو الموافقة على اتفاقية مقرها الدائم".
تتألف هيئة “المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان" من عشرة قضاة، أربعة منهم لبنانيون وستة أجانب ليس بينهم قاضٍ “إسرائيلي" أو عربي غير لبناني. كما يتضمن كادرها قضاة معاونين آخرين دون مستوى قضاة الحكم. أما المدعي العام لدى المحكمة فهو كندي الجنسية، ونائبه قاضٍ لبناني. والجدير بالذكر أن الأمانة العامة للأمم المتحدة التي كانت أعلنت تعيين قضاة المحكمة استنكفت، لاعتبارات أمنية، عن كشف أسماء القضاة المعينين باستثناء المدعي العام وهو دانيال بيلمار، رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري.
متى تبدأ المحكمة عملها؟ “في أيّ وقت"، يجيب القاضي صادر، “ولا تنتظر سوى إشارة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون". فقد اكتمل تمويل المحكمة وجهوزية المقر، ويجري إنجاز قاعة المحاكمة. مع ذلك يستدرك صادر مذكّراً أن “الانتهاء من التحقيق ضروري قبل مباشرة المحكمة عملها". هل تقرير لجنة التحقيق الدولية هو كل ما يلزم المحكمة فعلاً كي يعطي بان كي مون إشارة الانطلاق؟
الأمر ليس بهذه البساطة. فما يؤخّر انطلاق المحكمة ليس إجراءات إدارية أو لوجستية بل اعتبارات سياسية. صحيح أن المحكمة تختص بمحاكمة قَتَلَة رفيق الحريري والجرائم التي لها صلة بها، قبل ارتكابها وبعده، إلا أن الغاية من إقرارها تتجاوز مسألة صلاحياتها لتتناول مسألة مدى هذه الصلاحيات وما إذا كانت ستتناول، أو بالأحرى ستستهدف، بشكل أو بآخر، أشخاصاً ومراجع سياسية من حلفاء سوريا ومن أعداء الولايات المتحدة، بمن فيهم رؤساء ووزراء ونواب وضباط وإعلاميون لبنانيون، بالإضافة إلى أمثالهم من السوريين.
بعبارة أخرى، ثمة شعور يقترب من حدّ الاقتناع لدى أوساط سياسية لبنانية معارضة وأخرى سورية رسمية بأن إدارة بوش ما زالت في حال اشتباك سياسي وأمني مع قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية في لبنان وسوريا، بلغ إحدى ذراه باغتيال أحد أبرز قادة المقاومة وحزب الله، عماد مغنية، وانها لن تتوانى عن استخدام المحكمة لأغراض سياسية ليس أقلها إضعاف قادة المقاومة والمعارضة في لبنان وكذلك قادة النظام السوري.
إن توظيف المحكمة لأغراض سياسية قد يتخذ أشكالاً متعددة لعل أرجحها ان يصار إلى استدعاء عدد كبير من السياسيين والإعلاميين والضباط اللبنانيين والسوريين إلى المحكمة كمتهمين أو مشتبه فيهم أو شهود، وذلك في إطار مخطط لتصفية الحساب والوجود السياسي لأعداء ومعارضي الطبقة السياسية القابضة في لبنان وكذلك للنيل من قيادة النظام الحاكم في سوريا، لاسيما الأكثر عداء فيها لسياسة أمريكا و"إسرائيل" في المنطقة.
من الطبيعي أن يكون للسياسيين والإعلاميين والضباط وكل من يصنّف نفسه معادياً لسياسة أمريكا و"إسرائيل" في لبنان وسوريا موقف متحفظ من المحكمة، وأن يستبقوا مباشرتها العمل بالإصرار على توفير ضمانات سياسية وقانونية من أعلى المراجع الدولية والإقليمية واللبنانية بحصر المحاكمة بقتلة الحريري، وبعدم تسييسها وتوسيع نطاق صلاحياتها وعملها، وبالتالي إدراج هذه الضمانات في صلب ميثاق المصالحة والتعاون والبناء المطلوب إقراره وإبرامه بين الأطراف اللبنانيين المتصارعين.
إذا تعذّر، لسبب أو لآخر، التوصل إلى ضمانات كاملة وموثقة في هذا المجال فإن قدرة المحكمة على العمل وإصدار أحكام قابلة التنفيذ تصبح موضع شك إن لم تصبح مستحيلة. ذلك ان في وسع القوى السياسية المتضررة من تسييس المحاكمات عرقلة أعمال التحقيق والاتهام واستدعاء المتهمين والمشتبه فيهم والشهود، أي باختصار، عرقلة الجانب الإجرائي اللبناني من المحاكمة وصولاً إلى تعطيلها.
هكذا يتضح ان اكتمال المحكمة الدولية لا يكفي لبدء المحاكمة قبل اكتمال الحكم. والمقصود بالحكم هنا ليس الحكم القضائي على المجرمين القَتَلَة بل اكتمال الحكم السياسي لضمان قيامة لبنان من أزمته المستعصية. فلا محكمة ذات هيبة، ولا محاكمة عادلة، ولا أحكام قضائية قابلة التنفيذ في الفوضى السياسية والأمنية الراهنة. أكثر من ذلك، أن عدم توصل اللبنانيين إلى ميثاق وطني للمصالحة والتعاون والبناء، ومباشرة إقامة دولة ديمقراطية قادرة وعادلة، وإرساء العلاقات اللبنانية السورية على قواعد قومية ثابتة ستؤدي، على الأرجح، إلى تفاقم الأزمة المستعصية وربما دفع البلاد والعباد إلى مزيد من الفوضى والاضطرابات الأمنية، فلا تعود معها للمحكمة وأحكامها أية قيمة سياسية أو قضائية.
قد يكون للصراع المتصاعد حالياً في الساحة اللبنانية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" من جهة وسوريا وإيران من جهة أخرى وظيفة سياسية هي محاولة كل من المحورين حمل الآخر على تقديم التنازلات اللازمة لتوليد تسوية إقليمية قابلة للحياة. وقد ينتهي هذا الصراع المحموم إلى تسوية ما قبل انعقاد القمة العربية في دمشق خلال الشهر المقبل، وقد لا ينتهي إلى تسوية قبلها.
لكن الأكيد أن ميزان القوى، كما ميزان الإرادات، في ظل الوضع اللبناني الراهن ليسا في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها، وأن المحكمة الدولية كما غيرها من المبادرات والمخططات والمشروعات لن تكتمل ولن تنجح ولن تثمر، بالتأكيد، الثمار المرتجاة في هذا المنعطف التاريخي.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
16/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.