رئيس «دينية الشيوخ»: تجديد الخطاب الديني على رأس الأولويات    انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج القومي لتنمية مهارات اللغة العربية    البابا تواضروس يتلقى تقارير رسمية عن الخدمة الروحية في أيرلندا وقبرص ولندن (صور)    مدبولي يفتتح مصنع «أدو مينا» لصناعة مواد البناء بمنطقة السخنة    شهيد في غارة للاحتلال الإسرائيلي استهدفت مركبة شرق لبنان    فتح: نرفض حكم الفصائل لغزة.. وعلى حماس القدوم لباب الوحدة الوطنية    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    روزا والبيت الأبيض!    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    تحذير لشيكوبانزا.. تظلم الأهلي.. حالة إمام.. موقف دونجا.. ومستحقات فيريرا| نشرة الرياضة ½ اليوم    بمشاركة الأهلي والزمالك.. مواعيد مباريات السوبر المصري لكرة اليد    شاب ينهي حياة شقيقته ويصيب والدته بسبب المخدرات    «برودة وشبورة».. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الاثنين 27-10-2025 وتوقعات درجات الحرارة    أموال المخدرات.. حبس المتهم بقتل زوجته بتعذيبها وصعقها بالكهرباء في الإسكندرية    تأجيل محاكمة 168 متهما بخلية التجمع لجلسة 30 ديسمبر    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    أحمد مجاهد: معرض القاهرة الدولي للكتاب يحتفي بالمبدع إبراهيم نصر الله في لقاء فكري    «بينشروا البهجة والتفاؤل».. 3 أبراج الأكثر سعادة    وزير الثقافة: نولي اهتماما كبيرا بتطوير أكاديمية الفنون ودعم طلابها    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين سبل تعزيز التعاون المشترك    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    مدير الكرة بالزمالك يحذر شيكو بانزا من إثارة غضب الجماهير    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الحضور الرسميون فى مئوية روزاليوسف    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    نائب محافظ المنوفية يتابع نسب إنجاز منظومة تقنين الأراضي أملاك الدولة    البديوي: احتفالية "وطن السلام" درس للأجيال الجديدة ورسالة من قلب العاصمة الإدارية    دخول الدفعة الثانية من المعدات الثقيلة من معبر رفح في طريقها إلى قطاع غزة    وزيرا الخارجية والعمل يناقشان الهجرة والعمالة المصرية بالخارج    القومي للترجمة يقيم صالون «الترجمة وتحديات التقنية الحديثة» في دورته الأولى    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    وزير العمل: إجازة للقطاع الخاص بمناسبة افتتاح المتحف الكبير.. السبت    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    محافظ الجيزة: صيانة شاملة للمسطحات الخضراء والأشجار والمزروعات بمحيط المتحف المصري الكبير    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    خاص| إجراءات قانونية ضد مدرسة خاصة استضافت مرشحة لعرض برنامجها الانتخابي في قنا    الأهلي يشكو حكم مباراة إيجل نوار ويطالب بإلغاء عقوبة جراديشار    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    الرياضية: اتحاد جدة يجهز لمعسكر خارجي مطول في فترة توقف كأس العرب    وزير المالية: «بنشتغل عند الناس.. وهدفنا تحسين حياتهم للأفضل»    وزارة الصحة تختتم البرنامج التدريبى لفرق الاستجابة السريعة لطوارئ الصحة    محافظ المنوفية يقرر استبعاد مدير مستشفى سرس الليان وإحالة 84 عاملا للتحقيق    عمرو الليثي: "يجب أن نتحلى بالصبر والرضا ونثق في حكمة الله وقدرته"    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم 26 اكتوبر وأذكار الصباح    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    بحفل كامل العدد.. صابر الرباعي وسوما يقدمان ليلة طربية في ختام مهرجان الموسيقى العربية    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعباء التركة
نشر في محيط يوم 30 - 01 - 2008


أعباء التركة
جورج علم
كان الرئيس الراحل رفيق الحريري صلة وصل بين العواصم العربية المتنافرة، يجتهد لفتح الأبواب والقلوب، وإحلال التصافي مكان التجافي، وقد نجح في محاولات وفشل في أخري وبقي في كل الاحوال وجها لبنانياً عربياً بارزاً يعتمد عليه في المنعطفات الصعبة.
لم يكن الإبن سر أبيه، ولم تثبت سنوات التجربة بأن سعد الحريري هو فعلاً بحجم الزعامة الحريرية في إطلالاتها المحلية والعربية والاقليمية والدولية، علي الرغم من هالة المستشارين ومن التعاطف اللامحدود مع قضية والده، وقد فتحت أمامه الدور والقصور، واستقبلته عواصم الدول المؤثرة بالترحاب وعلي أرفع المستويات، ومع ذلك بدت نجوميته شاحبة ربما لأسباب وموانع عدة، من قائل انه جاء من بيت المال الي السياسة، ومن عالم التعهدات والمقاولات الي ألاعيب الصفقات والمماحكات، ومن معادلة كل المطلوب والمرغوب ممكن، الي معادلة ليس كل ما يتمناه المرء يدركه؟!.
دلف سعد الحريري الي ساحة الشأن العام تحت الاضواء الكاشف، لينخرط بمشروع سياسي، وبالتالي لم ينطلق من مشروع خاص هو مشروعه، بل جاء ليكمل ما كان، وفي المحصلة اختلاف عميق بين أن يبني لنفسه بدلا من أن يسهم في بناء مشروع غيره، فاخذته الاقدار ربما الي حيث لا يريد.
عندما استشهد رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 كان سعد الحريري يمارس هواياته، إلا السياسة، وعندما بايعته العائلة ليكمّل المسيرة، ارتضي من دون أن يكون شموليا بخلفيات الماضي أو بتحديات المستقبل. واستشهد والده في فترة ملتبسة كان فيها صديقه الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قد بدأ يعدّ العدّة لمغادرة قصر الإليزيه بعدما سكنه علي مدي ولايتين رئاسيتين، وقد قرر أن يهدي لبنان السيادة والحرية والاستقلال، وأن تتم هذه الهدية في عهد صديقه رفيق الحريري وهو بعد لا يزال في السرايا رئيسا لحكومة كل لبنان، وفكر أن تكون بحجم انسحاب الجيش السوري، وانكفاء النفوذ والسيطرة والتحكم بمقدرات البلاد ورقاب العباد، لكن كيف يكون ذلك والإدارة الأمريكية هي التي أعطت التفويض المطلق للقيادة السورية كي تتحكم بمقدرات لبنان مقابل حفظ الأمن في ربوعه؟!.
لم يجهد تفكيره طويلا، ووجد أن الحل ممكن مع الرئيس جورج بوش الذي كان قد باشر بتنفيذ استراتيجية أحادية الجانب مترامية الأطراف في الشرق الأوسط الكبير، للاستيلاء علي منابع النفط والطاقة، وضبط طرق المواصلات والممرات المائية، وتنفيذ رغبات إسرائيل في المنطقة، وكل ذلك تحت شعار مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان، ووجد انه، في ظل هذه الاستراتيجية، علي سوريا أن تمتثل، ولم يعد لها من وظيفة لاستمرارها في لبنان، وكانت نتيجة التفاهم الفرنسي - الأمريكي صدور القرار 1559 عن مجلس الأمن في الأول من سبتمبر 2004، بعد معركة دبلوماسية ضارية مع كل من روسيا والصين، وفاز القرار بأكثرية تسعة أصوات. إلا أن مفاعيله كانت كارثية، فانسحب الجيش السوري، وحوّلت الإدارة الامريكية لبنان الي خط مواجهة مع دول وجبهات الرفض المناوئة لاستراتيجيتها في الشرق الاوسط الكبير، وتسارعت التطورات فورا فكان التمديد للرئيس أميل لحود، وبدأ مسلسل الاغتيالات مع النائب والوزير مروان حماده، ودفع الرئيس الحريري الثمن غالياً بعد خمسة أشهر من تاريخ صدوره، وورث سعد الحريري تركة لا يحسد عليها: دماء والده، وعداء مستحكم مع سوريا، وانتداب أمريكي محكم علي لبنان يتدخل في التفاصيل، ويوزع التوجيهات، ويحدد مسار الأمور بحجة انه صاحب الفضل في تحرير لبنان من الهيمنة السورية؟!.
لم يكن التحدي سهلاً، كان عليه أن يرتدي فوراً عباءة الزعامة، وعليه أن يحمل قضية والده، وأن يحافظ علي كبير رصيده من الصداقات والالتزامات خصوصاً مع الفرنسيين والأمريكيين، ووجد نفسه ينجرف طوعاً في بحر العاطفة الشعبية المتفجرة ضد السوري، ووجد نفسه محاصراً بالمناخ التصعيدي الذي بدأ يعزز معالمه السفير الأمريكي جيفري فيلتمان، وعلي قاعدة أن سوريا هي الدولة المارقة ، حاضنة الارهاب، وأن المعركة معها وليست مع اسرائيل، وأن مجلس الأمن والمجتمع الدولي جاهزان و غب الطلب لرفد لبنان بالدعم السياسي والمعنوي، وبما يشاء من أنواع وأصناف القرارات الدولية؟!.
ومع اقتراب الذكري الثالثة لإستشهاد والده، وانقسام اللبنانيين الي فريقين، ومشروعين، وخيارين، ولبنانين، آن لسعد الحريري أن يقوم بجردة حساب تبين له نقاط الربح والخسارة، وهل تمكن من أن يحلق ويكون زعيماً وطنياً أم بقي عند حدود الطائفة، وما تمده به من ولاء وحجم تمثيل؟، وهل سيتمكن بفضل السياسة التي يتبعها من أن يكون رئيساً لحكومة كل لبنان، أم انه قد لا يصل لا الآن، ولا في المستقبل المنظور، إذا ما استمر حيث هو في السياسة وفي التحالفات، وحيث مصير لبنان المشرع علي كل الاحتمالات؟!...
كانت أهميته تكمن لو انه في مرحلة من المراحل عرف كيف يركب موج المتغيرات في المنطقة لينتقل من موقع الطرف والتطرف الي موقع الاعتدال، ذلك أن السياسة بقدر ما هي أخلاق ومباديء، بقدر ماهي أيضاً فن إبداع، والسياسي المبدع هو الذي يعرف كيف يجترح الحلول والمخارج المؤاتية والمباديء، لا علي حسابها. أما كيف؟، فهذه مسؤوليته ومدي قدرته علي الابداع؟!.
يقول المفكر الراحل إدوار حنين: السياسي الناجح، أشبه بقبطان مجرب، عليه أن يعرف كيف ينقذ المركب من الغرق عندما تشتد عواصف البحر؟!.. وإلا.. لما هو ريس ؟!..
عن صحيفة الراية القطرية
30/1/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.