وسط احتجاجات مؤيدة لغزة.. شرطة نيويورك تحلق بالمروحيات فوق جامعة كولومبيا    عيد العمال وشم النسيم 2024.. موعد وعدد أيام الإجازة للقطاع الخاص    خاص | بعد توصيات الرئيس السيسي بشأن تخصصات المستقبل.. صدى البلد ينشر إستراتيجية التعليم العالي للتطبيق    حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: أسعار النهاردة حاجة تفرح    ممنوع البناطيل المقطعة والسلاسل.. كلية بجامعة الأزهر تحذر طلابها في الامتحانات    منتخب فلسطين ليلا كورة: خاطبنا الأهلي لاستدعاء وسام أبو علي لمعسكر يونيو    "تفوق بافاري".. تاريخ مواجهات بايرن ميونخ وريال مدريد قبل مواجهة نصف نهائي دوري الأبطال    أمن الإسكندرية يشن حملات مكبرة بالمنتزه    جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024.. للشعبتين العلمية والأدبية    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة بقنا    غدا.. محاكمة المتهم بدهس فتاة بمنطقة التجمع الخامس    سميرة سعيد تروج لأغنيتها الجديدة كداب.. شاهد    عقب طرحه.. "وش في وش" يتصدر مشاهدات نتفليكس    متتهورش.. تامر حسني يعلق على فيديو لتقليد مشهد من فيلم عمر وسلمى    هل الاحتفال بيوم شم النسيم له أصول أو عقائد مخالفة للإسلام؟.. الإفتاء توضح    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    بعد الدعاوى ضد أسترازينيكا.. المصل واللقاح: لقاحات كورونا آمنة.. ندعو الناس لعدم القلق    السجن 7 سنوات لسايس لإدانته بقتل شاب في الجيزة    انطلاق دورات التنمية السياسية للشباب بالدقهلية    برعاية وزارة الإسكان ، ملتقي عقاري مصري سعودي 13 مايو المقبل    «قناع بلون السماء» كسر قيود الأسر بالقلم    وزير العمل ل «البوابة نيوز»: الحد الأدنى لأجور القطاع الخاص 6000 جنيه اعتبارًا من مايو    بتوجيهات شيخ الأزهر.. انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة    آليات وضوابط تحويل الإجازات المرضية إلى سنوية في قانون العمل (تفاصيل)    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة بالتعاون مع بيت الزكاة والصدقات    معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية، 50 عامًا من العطاء العلمي والبحث والإبداع    منافس محتمل لمصر.. أوزبكستان إلى أوليمبياد باريس    فانتازي يلا كورة.. بالمر على رأس أفضل الترشيحات ل"double week"    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    حدث في 8 ساعات|مدبولي: استضافة اللاجئين تكلفنا 10 مليارات دولار.. وبدء موسم العمرة الجديد في هذا الموعد    مصراوي يوضح.. هل يحصل الأهلي على 3 مليارات جنيه من فيفا؟    "محظوظ بوجودي معكم".. محمد رمضان يرد على تصريحات المخرج خالد دياب    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير بسكويت القهوة سريعة الذوبان    جامعة مساتشوستس ترفض إنهاء علاقاتها بالاحتلال وتدعو الطلاب لفض اعتصامهم فورا    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    غزة تحت الأنقاض.. الأمم المتحدة: عدوان إسرائيل على القطاع خلف أكثر من 37 مليون طن من الركام ودمر الطريق الساحلى.. ومسئول أممي: إزالة الأنقاض تستغرق 14 عاما ب750 ألف يوم عمل ونحذر من أسلحة غير منفجرة بين الحطام    برج الحوت.. حظك اليوم الإثنين 29 أبريل: ارتقِ بصحتك    أوروبا تكافح التضخم بطرق مختلفة.. نصف سكان إسبانيا يخفضون الإنفاق على الغذاء والطاقة بسبب ارتفاع الأسعار.. فرنسا تلجأ لتقليل كميات المنتجات بنفس السعر وتقر قانونا جديدا للمتاجر.. وألمانيا تسرح العاملين    مواعيد قطارات السكة الحديد من القاهرة لأسوان والعكس    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    وزيرة التضامن تستعرض تقريرًا عن أنشطة «ال30 وحدة» بالجامعات الحكومية والخاصة (تفاصيل)    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    أيمن عبد العزيز: نجاح الزمالك أمام دريمز الغاني جاء بسبب الشخصية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تراجعنا وتقدم غيرنا؟
نشر في محيط يوم 21 - 01 - 2008


لماذا تراجعنا وتقدم غيرنا؟
د‏.‏ سليمان عبد المنعم
ثمة أسئلة تتكرر في حياة العرب والمسلمين منذ أمد بعيد ومازالت الاجابة عنها عصية محيرة‏..‏ فمنذ أكثر من مائة عام تساءل شكيب أرسلان ومحمد عبده ورفاعة الطهطاوي لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ ثم كانت صرخة زكي نجيب محمود في كتابه تجديد العقل العربي‏.‏
حتي مراجعات محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي‏.‏ وها نحن اليوم نلوك ذات الاسئلة‏:‏ إلي متي تزداد الفجوة اتساعا بين العرب والعالم المتقدم؟ كيف أصبحت دول مثل كوريا الجنوبية وماليزيا خلال عدة عقود قوي اقتصادية وصناعية عالمية ومازال العرب يتجادلون حول أسئلة الحداثة والتنوير التي تجاوزتها أوربا منذ نحو ثلاثة قرون؟
ثم جاءت أحداث‏11‏ سبتمبر ليزداد العرب حيرة وشتاتا ولتصبح العلاقة بينهم وبين الغرب شديدة الصعيد والالتباس‏..‏ ولم يعد المأزق الحضاري العرب‏-‏ اسلامي مطروحا علي الصعيد الداخلي فقط بل أصبحت له تداعياته واشتباكاته الخارجية في العلاقة مع الغرب‏.‏ وبينما تتكرر كثيرا في الندوات والمؤتمرات عبارة حوار الثقافات فإن العقول والنفوس مازالت تمتليء بالوساوس والشكوك المتبادلة من الجانبين‏..‏
فالحرب علي الارهاب تكاد تختلط ان لم تكن قد اختلطت بالفعل بأوراق أخري لا علاقة لها بالارهاب مثل محاولات العبث بالجغرافيا السياسية العربية‏,‏ والتحرش بعقائد وثقافات العرب والمسلمين‏..‏ واستحضار أحداث تاريخية قديمة طواها النسيان‏,‏ أو توظيف الاعلام في تعميم صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين‏..‏ أما علي الجانب الاخر فمازالت نظرة أغلبية العرب والمسلمين الي مجتمعات الحداثة الغربية تتسم بالحيرة والارتباك وربما التناقض‏!‏
وهي نظرة تختلف من الواقع الي العقل الي الخيال‏..‏ ففي الواقع يعيش العرب حياتهم اليومية بفضل منجزات وعلوم وتكنولوجيا الغرب‏..‏ وفي العقل ارتباك ازاء بعض قيم الحضارة الغربية لاسيما قيم الديمقراطية والحرية والعلمانية‏..‏ فالعرب يؤمنون بقيمة الديمقراطية أو هكذا أصبحوا‏!!‏
لكنهم يتوجسون أحيانا من قيمة الحرية لاسيما في بعض صورها ويرفضون في غالبيتهم قيمة العلمانية‏..‏ أما في الخيال فمازال موقف العرب والمسلمين من مجتمعات الحداثة الغربية محكوما ببعض العقد والانطباعات المسبقة‏..‏ وهو نفس ما يوجد في الخيال الغربي أيضا من عقد وانطباعات مسبقة عن العرب والمسلمين‏.‏
هكذا لم يعد ممكنا في ظل هذا المأزق الحضاري العربي فصل السياسي عن الاقتصادي‏,‏ ولا الحضاري عن النفسي‏,‏ ولا الاجتماعي عن الثقافي‏..‏ يبدو ذلك كله علي خلفية تساؤل آخر متكرر وممل‏,‏ وهو لماذا لم تحقق الامكانيات والموارد العربية‏(‏ الطبيعية والبشرية‏)‏ معدلات التنمية المرجوة وتصنع حالة التقدم المنشود؟ صحيح أن هناك ايجابيات وانجازات متفرقة هنا أو هناك‏..‏
وأن ما تحقق في بعض المجتمعات العربية كدول الخليج والسعودية مثلا لا يقارن بما كان عليه الوضع منذ خمسين عاما‏.‏ لكن رغم ذلك تبدو المحصلة الاجمالية في السباق الحضاري العالمي في غير صالح العرب بالتأكيد‏..‏ ان بلدا مثل كوريا الجنوبية أو ماليزيا اللتين كانتا حتي أربعين عاما مضت في عداد الدول النامية التي لا يذكرها أحد قد أصبحتا اليوم قوتين اقتصاديتين وتكنولوجيتين هائلتين‏..‏ والارقام وحدها لا تحتاج الي ايضاح‏..‏ فنسبة الامية في كوريا الجنوبية تقل عن‏2%‏ بينما يصل متوسط نسبة الامية في الدول العربية الي‏26%.‏ وفيما يتعلق بإصدارات الكتب سنويا فإن كوريا الجنوبية قد أصدرت في عام‏2006‏ نحو‏36000‏ كتاب‏,‏
بينما لم يتجاوز اجمالي اصدارات الكتب العربية‏17,000‏ كتاب‏.‏أما صادرات كوريا الجنوبية فبلغت عام‏2006‏ حوالي‏284‏ مليار دولار في الوقت الذي لم تتجاوز فيه الصادرات غير النفطية لكل الدول العربية مجتمعة نحو‏150‏ مليار دولار‏.‏
يبدو المأزق العربي إذن في ظل هذه الارقام اقتصاديا‏..‏ وثقافيا‏..‏ كما أنه يكتسب أبعادا سياسية في ظل ما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان والسودان والصومال‏..‏ أما علي صعيد الشعور بالخوف من المستقبل والقلق من المجهول فإن المأزق يبدو نفسيا بالدرجة الاولي‏..‏ ولعل أخطر ما يواجهه العرب والمسلمون اليوم هو حالة الشك في ذاتهم والشعور بانعدام الثقة‏..‏
وكان مقدمة كل ذلك الاخفاقات المتتالية ابتداء من هزيمة يونيو‏1967‏ واكتمالا بأهم حدثين مصيبتين في تاريخ العرب الحديث وهما أول أغسطس‏1990‏ تاريخ الغزو العراقي للكويت و‏11‏ سبتمبر‏2001‏ تاريخ تدمير برجي نيويورك‏.‏ ولئن كانت هزيمة يونيو مصدرا للاشفاق علي العرب وعدم الاكتراث بهم فإن أحداث‏11‏ سبتمبر بدت مصدرا للغضب عليهم والعبث بجغرافيتهم والتحرش بثقافتهم‏..‏
حدث ذلك علي خلفية من تهيئة سياسية واعلامية وثقافية وعسكرية أخذت العرب جميعا بجريرة من قاموا بهجمات‏11‏ سبتمبر‏.‏ وفي ظل هذا المناخ الغاضب علي العرب وتفاقم ضعفهم وزيادة حيرتهم التي بلغت مداها ليلة اقتحام عاصمة الرشيد أخذت الوساوس والشكوك تنتابهم في أهم مظهرين لهويتهم العربية والاسلامية‏.‏
الهوية العربية أولا حيث خفت الحديث عن العروبة وكاد الكثيرون يفقدون ايمانهم بالفكرة ناهيك عن جدواها‏!‏ وأصبحت احلام الوحدة ومشروعات التكامل مثيرة للغرابة وربما السخرية‏!‏ أما عن الهوية الاسلامية فقد كان استحضار بعض القراءات والتفسيرات المتطرفة والمتجنية علي الاسلام والتركيز عليها سببا في خلط الاوراق وتجاهل الرؤية التقدمية والمستنيرة للاسلام‏..‏
وكان أخطر وأمكر ما يروج له هو اصطناع الصدام بين مسلمي ومسيحي الشرق العربي تحت زعم ان الاسلام لا يستوعب الاخر المختلف‏..‏ وأمام وطأة هذه الحملة وذكائها ودرجة تنظيمها بدأ الشك يتطرق للبعض في الجانب الاسلامي حول مدي توافق اسلامهم مع معايير الحداثة وأسباب التقدم‏..‏ كان ذلك ومازال يحدث بينما المتطرفون يتقدمون والمستنيرون يتراجعون وربما يتغيرون‏!‏
أما الحركات الاسلامية الحزبية فهي باستثناء النموذج التركي تعاني التخبط والارتباك وخلط الاولويات في ظل تساؤل أزلي كبير حول كيفية التوفيق بين مقتضيات المنهج الاسلامي وضرورات الدولة المدنية الحديثة‏.‏
هكذا يبدو المشهد العربي والاسلامي وكأن العرب والمسلمين يقفون علي قارعة طريق الحضارة الانسانية‏..‏ يرنون بعين الحنين الي ماض لا يمكن استعادته وينظرون بعين القلق الي حاضر تكثر مخاوفه‏..‏ فهم يعتقدون في أنفسهم انهم الضحية بينما يري الاخرون أنهم المتهم‏!!‏
الأمر المؤكد في كافة الاحوال أن اسهامهم الحضاري مازال جد متواضع ان لم يكن هو الاقل وسط التجمعات الانسانية الاخري‏..‏ لكن المفارقة الساطعة رغم ذلك تبدو في أن تراجعهم الحضاري كدول وتجمعات لم يمنع من تفوقهم وتميزهم كأفراد حينما يتاح لهم الوجود والعمل من داخل منظومة المجتمعات الغربية المتقدمة‏!!‏
انها اشكالية هجرة الادمغة العربية؟‏!‏ خلاصة المشهد اذن‏:‏ أننا كعرب ومسلمين نعاني من مأزق حضاري تتعدد تجلياته السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية‏..‏ فهل ثمة تفسير واحد يستوعب كل تجليات هذا المأزق الحضاري العربي؟ أم أن التفسيرات تتعدد بقدر هذه التجليات؟
عن صحيفة الاهرام المصرية
21/1/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.