غارات على التهدئة أم على الحوار؟! ممدوح طه الغارات العدوانية الجوية الإسرائيلية، والتوغلات العسكرية البرية على قطاع غزة والعودة لاستهداف المقاومين الفلسطينيين بالاغتيال خاصة من كتائب حماس أو من كتائب الجهاد بذرائع واهية، والمسارعة إلى إغلاق جميع المعابر لفرض المزيد من الحصار اللا إنساني على غزة والمزيد من المعاناة على الشعب الفلسطيني قريبا من موعد بدء الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة تطرح السؤال.. هل العودة الإسرائيلية للاعتداءات انتهاكا لاتفاق الهدنة يستهدف وقف الهدنة أم منع الحوار..؟!
وهل تأتى هذه الاعتداءات قبل أيام من اجتماع الرباعية الدولية «لدفع ما يسمى بعملية السلام»، عقابا على النوايا واستباقا لما زعمه المتحدث العسكري الإسرائيلي عن معلومات بنية حركة حماس خطف أحد الجنود الصهاينة، أم عقابا لحماس على الالتزام بالتهدئة واستباقا لاجتماعات اللجنة الرباعية ورسالة إليها فى تحد واضح بأن القوة العسكرية هى وسيلتها للتفاوض مع الفلسطينيين للتوصل إلى السلام ؟!
وإذ تأتى هذه الغارات العدوانية لقتل الفلسطينيين وانتهاك اتفاق التهدئة وإعادة فرض الحصار و إغلاق المعابر بعد مناورة الرئيس الصهيوني بيريز في القاهرة بإعلانه قبول مبادرة السلام العربية.
وبعد اجتماع وزيرة الخارجية الأميركية الراحلة رايس مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أيضا «أولمرت» وإعلانها مواصلة مفاوضات السلام رغم تأكيد الفشل واستمرار الخداع بإعلانها التحلل من الالتزام الأميركي في أنا بوليس مع استبعاد إمكانية تحقيق الوعود الأميركية بالتوصل إلى اتفاق سلام يتيح إقامة الدولة الفلسطينية قبل رحيل إدارة بوش.
وهذا يعيد التساؤل.. هل هذه هى الترجمة الإسرائيلية العملية لقبول السلام .. أم هى الرسالة التي يريد بيريز إرسالها بهذا العدوان الاستباقي إلى القاهرة للتحلل هو الآخر من استحقاقات التهدئة والنكوص عن التزامات السلام؟
العدوان الإسرائيلي استهدف في الواقع هدم ما سعت مصر إلى بنائه من تهدئة تهدف إلى رفع الحصار الإسرائيلي وتهيئة الأجواء للحوار الفلسطيني وصولا إلى الوفاق السياسي وإنهاء لحالة الانقسام الوطني، وفى هذا مصلحة للفلسطينيين بموقف تفاوضي قوي.
وفى هذا أيضا مصلحة للإسرائيليين الذين طالما رددوا أن السلطة الفلسطينية ضعيفة، وأنهم لا يستطيعون الاتفاق مع عباس بينما لا يسيطر إلا على الضفة وغزة تحت سيطرة حماس!
إسرائيل وأميركا تضعان منذ البداية فيتو على الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهم من فرض الحصار على أول حكومة وحدة وطنية فلسطينية، ولا يعقل أن تهيآ الأجواء للحوار الفلسطيني، لذا تريد ببساطة التحلل من أى التزامات تجاه السلام عن طريق تعميق الانقسام الفلسطيني، وزرع الفتن بين عباس وحماس للشجار بدلا من الحوار، حيث سبق لها مرارا أن هددت عباس بوقف التعامل معه إذا بدأ الحوار مع حماس..
كما تريد ببساطة وقف التهدئة وإشعال الموقف بحجج فارغة للهروب من استحقاقات رفع الحصار، والضغط لإجبار المقاومة على الرد بالصواريخ، فتشدد الحصار.
وتعود ريمة لعادتها القديمة بالصراخ من صواريخ المقاومة التي تطلقها حماس، لتعود القاهرة من جديد للسير فى الحلقة المفرغة، بطلب وقف الصواريخ وصولا إلى التهدئة وسعيا للحوار ورفعا للحصار..لكن إسرائيل لا تسمح للتهدئة بالاستمرار، ولا ترفع الحصار، ولا تسمح للفلسطينيين. عن صحيفة البيان الاماراتية 10/11/2008