ماذا بعد الألاعيب المكشوفة؟ ممدوح طه في محاولة إسرائيلية مكشوفة للتهرب من استحقاقات عملية السلام مع السلطة الفلسطينية، لجأت إسرائيل إلى التشكيك في شرعية الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإبرام اتفاق، ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز السبت الماضي أنه «لا يوجد احتمال للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين« مبررا ذلك «بالانقسام بين حركتي فتح وحماس»!
في حين أن الانقسام الفلسطيني هو الهدف الذي راهنت إسرائيل عليه وساهمت في صنعه وتواصل تكريسه، بعد الاقتتال المؤسف بين حركة فتح وحركة حماس، والذي نتج عنه الفصل بين السلطة التي تسيطر على الضفة الغربيةالمحتلة وترى الحل في استمرار التفاوض، وبين الحكومة المقالة التي تسيطر على قطاع غزة المحاصر وترى الحل في استمرار المقاومة..
وفي ظل مفاوضات «عبثية» مستمرة بلا نتيجة إيجابية ولا أفق مرئي بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية كما يصفها المقاومون، وفي ظل استمرار إسرائيل في تهويد القدس والتهام المزيد من الأرض وبناء الجدار وبناء المزيد من المستعمرات..
وفي ظل صواريخ «عبثية» تنطلق من قطاع غزة باتجاه المستعمرات الصهيونية ردا على الاعتداءات الصهيونية كما يصفها المفاوضون، بما يعطي لإسرائيل ذريعة لإفشال المفاوضات، ومواصلة الاعتداءات العسكرية وفرض الحصار وإغلاق المعابر ومنع وصول الحاجات الأساسية للمواطنين الفلسطينيين في القطاع..
في ظل ذلك كله، بدت التهدئة بين المقاومة وإسرائيل هدفا مصريا مرحليا يمكن أن يعيد تهيئة الأجواء لخطوات أخرى في اتجاه تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في غزة، والمساعدة على استئناف الحوار الوطني الفلسطيني بما يساعد على إنجاح المفاوضات للتوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي باتجاه الحل المطلوب.
ومع بدء تطبيق الاتفاق سارع إيهود أولمرت بالتشكيك في استمراره ووصفه ب «الاتفاق الهش»، مما يشير إلى نوايا إسرائيل باختراق التهدئة لاحقا باعتباره خطوة تكتيكية لتحقيق أهداف مؤقتة كوقف احتجاجات المستوطنين في سيديروت، والإفراج عن الأسير الإسرائيلي، للمساهمة في تعويم الحكومة الإسرائيلية العالقة في الأزمات السياسية الداخلية بسبب الفضيحة المالية لأولمرت..
والأهم هو توظيف هذا الاتفاق المؤقت على عكس الأهداف المصرية لتعميق الانفصال بين الضفة والقطاع بتقوية موقف حماس في مواجهة فتح، بما يمنع الحوار ويساعد إسرائيل على التهرب من استحقاقات السلام مع السلطة بحجة الانقسام!
وما أن فاجأ أبو مازن تل أبيب وواشنطن بإعلان التحرك لاستئناف الحوار الوطني الفلسطيني على أساس المبادرة اليمنية للوصول إلى وحدة الأرض والشعب والسلطة، حتى علا الصوت الأميركي والإسرائيلي تحذيرا، وسارعت الرباعية الدولية بالإعلان عن فيتو على الحوار إلا بشروط، وسرعان ما استجابت السلطة بإعلان عباس أنه لا حوار إلا بعد تلبية حماس لشروط الرباعية، مما يباعد فرص الحوار ويكرس الانقسام من جديد..
غير أن المفاجأة الأكبر كانت في المكافأة الإسرائيلية لهذا الموقف، بإعلان «شمعون بيريز» في أحدث تصريحاته أن «أبو مازن لا يملك أي شرعية لدى شعبه ولا يملك قوة لتنفيذ أية اتفاقيات أمنية، وأي اتفاق تتوصل إليه إسرائيل والسلطة الفلسطينية سينهار بعد يوم واحد بسبب ضعف السلطة وعدم سيطرتها على غزة، ولذلك فإنه لا يوجد أي احتمال ممكن لنجاح التفاوض»!! عن صحيفة البيان الاماراتية 9/7/2008