منذ متابعتي لمسلسل الحجاج بن يوسف الثقفي الذي يعرض خلال شهر رمضان المبارك وأنا على قين تام بأن الطغاة في كل العصور لم ينجحوا في طغيانهم ولم يتخرج احد من مدرسة الطغيان الا مهزوما ومدحورا...
التاريخ يذكر نهاياتهم المخزية ...
إن ابرز ماشدني الى المسلسل محاكمة الحجاج للتابعي الجليل سعيد بن جبير فهو أي الحجاج ضاق ذرعا بنصائح سعيد بن جبير في تقديمه للنصح للحجاج وفي ضرورة إصلاح نفسه وإقامة العدل ووقف سفك الدماء وقطع الأعناق وظلم الناس وجبروته واستخفافه بكل القيم والمقدسات وانتهاكه للحرمات.
حينها أمر الحجاج بقتله .
ويضحك التابعي ويسأله الحجاج لماذا تضحك فيقول له التابعي " لأني عجبت من جرأتك على الله ومن حلم الله عليك " ويتجه التابعي بكل كيانه الى الله ويدعو " اشهد ان لااله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ..
ثم قال : خذها مني ياعدو الله حتى نتلاقى يوم الحساب : اللهم اقصم اجله ولاتسلطه على احد يقتله بعدي" فيقتله الحجاج ويذبحه .
ودعاء المظلوم عند رب العزة مستجاب حيث مرض الحجاج مرضا افقده صوابه وعقله ويصرخ وشبح التابعي لايفارق مخيلته "مالي وسعيد بن جبير "ومات الحجاج وتحققت دعوة سعيد بن جبير .
وصدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذ يقول " ثلاثة دعواهم لاترد دعوتهم :الصائم حين يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين" .
نعم إن الطغاة في كل زمان وفي كل العصور تلاحقهم لعنات شعوبهم وصرخات وآلام ضحاياهم لأنهم جاوزوا المدى حدا وقدرا , لم يتعلموا من دروس الماضي شيئا وظنوا إنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا .
ان الطاغية يتباهى بقوته ومن حوله من جلاوزته والمستفيدين من بقائه ..
فبدلا من ذلك كان الأجدر بهؤلاء الطغاة أن يستمدوا قوتهم من شعوبهم ويصغون لصوت العقلاء والحكماء بدلا من الإنصات لمن يزين لهم سوء عملهم فيروه حسنا ..
إنهم مجرد أرقام وأشباه الرجال هم نمور من ورق ..
لقد هزمتهم الشعوب وتلاحقهم صرخات المظلومين ... وعليهم أن يحفظوا الدرس الآتي : لاينجح من مدرسة الطغاة أي احد وليأخذوا عبرة من الحجاج ومن غيره من طغاة العصر ..
لان سنة الله في الظالمين لم ولن تتبدل . *كاتبة عراقية