لماذا هذا الازدواج الفكرى عند النخبه العربيه الاسلاميه بخصوص امكانية التصدى الحضارى للهيمنه الامريكيه. يرى بعض المثقفين أن نمط الانتاج هو الذى يدفع الى التنميه والتقدم ألحضارى .أى ان عدم وجود نمط الإنتاج الصناعي الغربى الحديث فى مصرهو الذى ادى الى عدم وجود التنمية والتقدم الحضاري فى مصر
وأنا أري العكس، فالنضوج الفكري والوفاق الوطني ثم الإصلاح الاجتماعى والاقتصادى هو الأساس الذي يدفع إلى الأخذ بسبل ألتنميه والتقدم ألحضارى
لقد حسمت الدول الغربيه هذه القضية أولا بالتوافق الفكرى على اسس العلمانيه الغربيه الحاليهً الاوهى فصل الدين عن الحياه ثم سار في طريق التنمية من صناعة وزراعة وخلافه.ونحن كعرب ومسلمين نحتاج قطعا وبالضروره الى مبدأ التوافق الفكرى فى حد ذاته قبل مجرد المحاوله فى الاخذ بسبل التنميه الاقتصاديه فهل يعنى ذلك اننا لابد ان نتوافق على الافكار التى توافق عليها الغرب؟
هذا هو الخلط والتشويش الذى يعيش فيه بعض المثقفين فى بلادنا بسبب السيطره الاعلاميه للثقافه الانبهاريه بالغرب كل ذلك بسبب السطحيه الفكريه.
ان الله سبحانه خلق الملائكه روح بدون شهوه وماده وخلق البهائم شهوه وماده بدون عقل لكنه سبحانه خلق الانسان مزيج وخليط بين الروح والماده والعقل والشهوه ولذلك لابد ان يكون اساس الحياه هو مبدأ الوسطيه و التوازن بين الجانب الروحى والجانب المادى,التوازن بين العقل والنقل,بين الثوابت والمتغيرات,بين المثالى والواقعى,رهبان بالليل فرسان بالنهار.
وكذلك فى الجانب الاجتماعى والاسره بين الرجل والمرأه,وفى الجانب الاقتصادى بين الراسماليه والاشتراكيه,وصولا للتوازن بين الفرد والمجتمع,اى الوسطيه والتوازن بين كل الامور والمفاهيم التى نجدها بالضروره متناقضه فى الفكر العلمانى الغربى لانه يفتقر الى الاساس الروحى الانسانى,هذه الوسطيه وهذا التوازن والتكامل هو الامل الوحيد والطريق الاكيد للتكامل والجمع بين الدنيا والآخره لمن يؤمن بوجود الآخره
لاشك أننا نحتاج الان الى التوافق الفكرى السلمى على, اما الوصل او الفصل,بين الدين والحياه –اما تأسيس علاقة الدين بشتى مجالات الحياه العصريه الاجتماعيه والثقافيه والسياسيه والاقتصاديه اوفصل الدين عن هذه المجالات والاحتمال الثالث هو ما نحن فيه الان -ضياع الهويه وانعدام الانتماء- لدرجة اشهار جمعيات وحركات للدعوه للانتماء الفرعونى,كبديل للانتماء المصرى العربى الاسلامى.ومن هذا المنطلق نستطيع التقييم . تقييم الكارثه الاقتصاديه الامريكيه وفقا للاقتصاد الاسلامى: اولا: يؤسس الاسلام للمال والاقتصاد كوسيله وليس هدف (المال والبنون زينة الحيوة الدنيا والبقيت الصلحت خيرعند ربك ثوابا وخيراملا)وصولا للانتاج والتنميه لمصلحة الفرد والمجتمع بهدف العداله الاجتماعيه بدلا من السيطره علىالشعوب والمجتمعات لحساب قله من الافراد على حساب المجتمع كما نرى فى الراسماليه الامريكيه التى تؤسس لثقافة الاستهلاك(وحب التميزوالتعالى علىالناس بالامكانيات الماديه).
عن طريق الدعايه والاعلانات ثم تسهيلات الشراء بالتقسيط عن طريق البنوك حتى يشترى الجميع كل شئ ويكونوا تحت رحمه الاقساط ويدورون فى فلك الرؤيه الاستهلاكيه للمجتمع,وكذلك بدلا من اهدار مبدأ الكفاءة الشخصيه على حساب الفرد ولحساب المجتمع كما نرى فى الاشتراكيه التى فشلت فى عقر دارها.
نحن نفهم الوسطيه وآليات التوازن بين هذا وذاك ونفهم ثقافة الضروره ثم الحاجه ثم التحسينيات—بدلا من ثقافة الاستهلاك-- المقررة حسب قيم ومبادئ الاقتصاد الاسلامى والمجال ليس للتفصيل.
ثانيا: تقوم البنوك الغربيه بتقديم ضمانات للاقراض-وليس اموال نقديه-للمؤسسات والافراد (السوق) بحجم مالى اكبر بكثير من حجم الاموال التى تمتلكها هذه البنوك ( وهذا غير مقبول اسلاميا)وبناء على ذلك يتم تقدير الاصول مثل العقارات بقيمه ماليه اكبرمن الحقيقه فاذا حدث اى هبوط فى الاسعار وتراجع فى السوق (طبيعى ومتوقع تكراره مرارا) يتجه الجميع للبيع وبالتلى الافلاس .
ومن ناحية اخرى لا يمكن للجميع دفع الاقساط لاصحاب الحقوق وياتى دور الضامن وهو البنوك التى لاتستطيع الوفاءالنقدى الفعلى بكل هذه القروض-هذا هوماحدث بالضبط فى الكارثه الحاليه- فتحدث الكارثه بانهيار البنوك والاسهم فى جميع البورصات العالميه المرتبطه اقتصاديا .ويستحيل حدوث ذلك فى الاقتصاد الاسلامى
ولا يمكن الاصلاح بزيادة المسكنات اى ضمانات الاقراض كما تحاول الحكومه الامريكيه (700مليار دولار كماسمعنا) والامل الوحيد هو معالجة جذور واسباب المشكله باعادة النظر فى السياسات الاقتصاديه وبالتالى الرؤيه الفكريه القائمه بتوجيه هذه السياسات, وحيث ان الحضاره العلمانيه الحاليه لا تمتلك الرؤيه المتوازنه بين الفرد والمجتمع ولا بين الجانب الروحى والجانب المادى فاننا لابد ان نتوقع زيادة معدل التراجع والهيمنه الامريكيه على العالم.